المحتوى الرئيسى

''25 يناير''.. تمنح للعالم مفهوم جديد للثورة السلمية

03/02 14:49

القاهرة - أ ش أمنحت ثورة 25 يناير الشعبية المصرية تحولا جديدا ومزيدا من المعانى للمفهوم العالمى للثورة السلمية وسط اهتمام ملحوظ فى العالم بأبعاد هذه الثورة ونتائجها وما تشكله من إضافة جوهرية لنضال الإنسانية وسعيها المتصل لحياة أفضل فى ظل الحرية والعدالة.وعادة ما يرتبط المفهوم المعاصر للثورة السلمية بنضال المهاتما غاندى منذ أن تصدى بالسبل السلمية للتمييز العنصرى ضد الهنود فى جنوب أفريقيا عام 1906 ثم انتقل بتجربته النضالية السلمية فى عام 1915 إلى وطنه الهند ليواجه الاستعمار البريطانى وأذنابه.وإذا كانت الثورة الشعبية المصرية قد منحت المزيد من الثراء لمعنى المقاومة السلمية، فإن هذه الثورة ارتقت بمفهوم المقاومة السلمية التى تعددت مظاهرها وتنوعت عبر مشاهد يتذكرها العالم وتستعيدها الذاكرة الإنسانية مثلما حدث فى المظاهرات الحاشدة فى براغ عام 1989 أو انتفاضة الجماهير فى طهران عام 2009 وكل صور النضال .وفرض مفهوم الثورة السلمية نفسه على الفكر السياسى واهتمامات الفلاسفة والكتاب والمحللين وظهرت تباعا العديد من الكتب فى هذا السياق، من بينها كتاب بعنوان "المقاومة السلمية وسياسات القوة..تجارب وخبرات النضال السلمى من غاندى وحتى اليوم"، وهو كتاب من إصدارات جامعة أوكسفورد البريطانية واشترك فى تأليفه ادام روبيرتس وتيموثى جارتون آش.ويتناول الكتاب بأسلوب علمى تجارب وخبرات متعددة لكفاح الشعوب من أجل التغيير السياسى والاقتصادى والاجتماعى وسبل نجاح الثورات السلمية والانتفاضات الشعبية التى تنأى عن العنف.وفى طرح بعنوان (ثورة بلا عنف)، تناول بريان اوركهارت مكانة الثورات والانتفاضات الشعبية العربية الأخيرة ومن بينها الثورة الشعبية المصرية وموقعها من الثورات والانتفاضات التى شهدها العالم فى العقود الثلاثة الأخيرة فى رحلة المصير والمسير للانسانية الباحثة عن الحرية والعدالة.ومن بين المناصب التى شغلها بريان اوركهارت منصب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة، فيما يبدو المد الثورى العربى الراهن موضع اهتمامه شأنه فى ذلك شأن العديد من الكتاب والمحللين السياسيين اللامعين فى العالم قاطبة.ويؤكد اوركهارت على أن الثورة الشعبية المصرية برأسمالها الرمزى فى ميدان التحرير بقلب القاهرة ستبقى نتائجها بعيدة المدى ويصعب حساب تداعياتها على الأمد القصير، ويتوقف بإعجاب عند بعض خصائص هذه الثورة التى اعتمدت إلى حد كبير على منجزات ثورة المعلومات والاتصالات دون أن يحق لأى شخص أن يدعى أنه كان قائدها.وتتوافق الثورة الشعبية المصرية التى جمعت ما بين خصوصية مصر والأبعاد العالمية والكونية مع الرؤية التى طرحها ادام روبيرتس وتيموثى جارتون اش فى كتابهما "المقاومة السلمية وسياسات القوة" وفحواها أنه لا توجد "وصفة محددة بدقة أو صيغة بعينها" للثورة السلمية وإن كانت هناك تجارب وخبرات تتناقلها الشعوب وتستلهم بعضها فى ثوراتها.ومن الطريف أن جين شارب مؤلف كتاب (سياسات العمل الثورى السلمى) قد حدد 198 طريقة أو وصفة للثورات السلمية فيما يبدو جليا أن هناك حالة من التأثير المتبادل بين الشعوب فى ثوراتها من أجل الحرية والعدالة وهو ما يتجلى فى تأثر حركة الدفاع عن الحقوق المدنية فى الولايات المتحدة بقيادة مارتين لوثر كينج بمبادىء المهاتما غاندى فى الهند.ودون شك فإن شهداء ثورة 25 يناير الشعبية السلمية المصرية قد دخلوا سجل المجد والخلود جنبا إلى جنب مع رموز عالمية للثورات السلمية مثل الهندى غاندى والأمريكى مارتين لوثر كينج والبولندى ليخ فاونسا وسط إشارات عالمية متعددة تؤكد على أن هذه الثورة تضيف دروسا غالية وخبرات ثمينة ونقلة نوعية فى المفهوم العالمى للثورة السلمية.فقد منح المصريون تحولا جديدا لمفهوم الثورة السلمية الذى تبناه المهاتما غاندى، كما تبنته حركة الحقوق المدنية التى قادها مارتين لوثر كينج فى سنوات الستينيات من القرن العشرين بالولايات المتحدة، وجاءت ثورة 25 يناير لتكون علامة فارقة فى تاريخ الثورات الشعبية بقدر ما تثرى هذا التاريخ بالخيارات الواعية لقوة الحقيقة وبسالة الروح فى مقاومة الظلم والجور.وفيما يصعب تصور نجاح الثورة السلمية فى مواجهة الأنظمة القمعية فإن الثورة الشعبية المصرية كما يقول اوركهارت برهنت على أن الصدور العارية والقلوب النبيلة والأرواح الحرة قادرة فى نهاية المطاف على فرض إرادة الشعب وهو ما حدث أيضا فى الثورة التونسية وبما يشكل إسهاما عربيا جوهريا فى مفهوم الثورة السلمية على مستوى العالم.ويقول اوركهارت "منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار المنظومة الشمولية الشيوعية وظهور أنظمة ديمقراطية جديدة كان الأمر يعنى بكل معنى الكلمة أن هناك تغيرا تاريخيا قد حدث فى مسيرة الإنسانية فيما كانت الظاهرة الإيجابية أن العديد من التحولات التى شكلت هذا التحول التاريخى قد تمت دون إراقة دماء غزيرة.وفى وصف ثورة 25 يناير فإن هناك من يميل نحو منح مسميات مثل ثورة اللوتس أو ثورة النور أو ثورة الشباب لهذه الثورة الشعبية التى يبدو أنها اكبر من كل المسميات والاوصاف وتتجاوزمايسمى بالثورات الملونة لأنها ثورة مصر الخالدة التى تهدى الانسانية مفهوما حضاريا لمعنى الثورة بنبل المقاصد والقدرة على التضحية والفداء.اقرأ أيضا :

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل