المحتوى الرئيسى

إلى متى يبقى "الفيتو" الأميركي مسلطاً فوق رؤوسنا؟ بقلم:غازي السعدي

03/02 12:21

التاريخ : 2/3/2011 تحليل أسبوعي إلى متى يبقى "الفيتو" الأميركي مسلطاً فوق رؤوسنا؟ غازي السعدي ما هو الثمن الذي ستدفعه إسرائيل مقابل "الفيتو" الأميركي في مجلس الأمن؟ هذا "الفيتو" الذي وضع الإدارة الأميركية في وضع حرج، وسحب المصداقية منها بأنها وسيط نزيه بكل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، من شبه المؤكد أن "أوباما" تعرض إلى ضغوط من كلا الحزبين في الكونغرس الأميركي، ومن اللوبيات الصهيونية لإتخاذ هذا الموقف، الذي يتناقض مع مجموعة التصريحات والمواقف الأميركية من موضوع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، وشجب عمليه البناء في هذه المستوطنات، كما أن هناك قرارات عديدة سبق أن اتخذت في مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة تدين الاستيطان، شاركت فيها الولايات المتحدة، مما يجعل كل متابع يتساءل: ما هو التبرير المنطقي الذي يجعل الإدارة الأميركية تلجأ إلى حق "النقض" على مشروع قرار رغم أنها أول من نادى بوقف الاستيطان عبر التصريحات العديدة، فقرار "الفيتو" مدان وغير مبرر مهما تكن الأسباب وهذا يؤكد أن إدارة "أوباما" فشلت في معالجة ملف الصراع العربي الإسرائيلي بشكل خاص، والشرق الأوسط بشكل عام. إن هذا الموقف الأميركي، يجري مناقشته في الأوساط السياسية الإسرائيلية، وفي وسائل الإعلام عبرالمعلقين الإسرائيليين، فهل هناك صفقة عقدت بين الإدارة الأميركية ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، لتسديد هذا الدين الأميركي على إسرائيل، بطريقة ما في المجال السياسي تجاه الفلسطينيين؟ وهل أن إرجاء المصادقة على خطط البناء في شرقي القدس، من خلال ما يسمى بلجنة التنظيم والبناء في بلدية القدس، وشطب خطط استيطانية للبناء من جدول أعمال هذه اللجنة، تتعلق ببناء أكثر من ثلاثة آلاف وحدة سكنية مع مرافقها، في جبل أبو غنيم، وقصر المندوب السامي، لاعتبارات سياسية، وفق صفقة اللجوء الأميركي إلى حق "الفيتو"؟ هذا ما يقوله المنطق، إلا أننا لا نتخيل أن الرئيس الأميركي، وصل إلى هذا الحضيض تحت أي مبررات. لا شك بأن القيادة الفلسطينية تعرضت لضغوط شديدة، لسحب مشروعها من مجلس الأمن، وللعودة إلى المفاوضات المباشرة الفاشلة مع إسرائيل، ومن هذه الضغوط، وقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية التي تقدر بنحو (600) مليون دولار سنوياً، إلا أن القيادة الفلسطينية، وبعد مشاورات حثيثة، رفضت هذه الضغوط، وأصرت على الوقوف إلى جانب شعبها وعدم سحب المشروع من أمام مجلس الأمن، ولأول مرة يصوت إلى جانب المشروع أعضاء مجلس الأمن الدولي الأربعة عشر، بمن فيهم أربعة دول دائمة العضوية هم: روسيا، والصين، وفرنسا، وبريطانيا، وهذا بحد ذاته يعتبر نجاحاً للفلسطينيين، رغم لجوء الولايات المتحدة لإبطال إقرار المشروع من خلال "الفيتو"، وإذا توجه الفلسطينيون إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن معظم أعضائها البالغ مجموعهم (192) دولة سيصوتون إلى جانب المشروع، ليسجل في وثائق الأمم المتحدة، للتاريخ من جهة، ولتغيير الموقف الأميركي الرسمي من جهة أخرى، ومع أن هذا أول "فيتو" أميركي يتخذ في عهد الرئيس "باراك أوباما" لكن كم مرة يستطيع أوباما اللجوء إلى "الفيتو"؟ الفلسطينيون ما زالوا يشترطون وقف البناء في المستوطنات، لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، وهذا خطأ، إذ أن هناك شبه اتفاق أميركي-إسرائيلي، يعطي إسرائيل الحق باستمرار مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية، وفقاً لخارطتها الاستيطانية التي وضعها "أرئيل شارون" حين كان وزيراً للبنية التحتية في حكومة "نتنياهو" الأولى، عام 1998، وللسيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية، وإنهاء تهويده لمدينة القدس الشرقية، والسيطرة عليها بالكامل، واستمرار البناء في الضفة الغربية، والاستيلاء على أراضي الأغوار، وبعد هذه المرحلة تستجيب إسرائيل لنداء وقف البناء وفي مثل هذه الحالة، وبعد فرض إسرائيل الأمر الواقع، هل ستستجيب القيادة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات؟ وعلى ماذا ستفاوض؟ فالاستيطان في الأراضي الفلسطينية غير شرعي، وغير قانوني، رغم تبني أميركا للمواقف الإسرائيلية، فإسرائيل تعتبر المفاوضات المباشرة هي الطريق الوحيد لتحقيق السلام، لكن هذا هراء، وشعار ترفعه لذر الرماد في عيون المجتمع الدولي، والحقائق على الأرض مختلفة. إن القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال، وبإقامة دولته المستقلة، يحظى بتأييد واسع في الأمم المتحدة، وفي الرأي العام الدولي، فالولايات المتحدة عزلت نفسها في مجلس الأمن من خلال اللجوء إلى "الفيتو"، وإسرائيل أصبحت أكثر عزلة في المجتمع الدولي رغم هذا "الفيتو"، والدول الأوروبية في أغلبها تقف إلى جانب الفلسطينيين، بل أن بعض هذه الدول أخذت بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وقد تلجأ لمعاقبة إسرائيل اقتصادياً، حتى أن رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست "شاؤول موفاز"، يقول بأن "المنطقة ثائرة وتغلي وتستعر النيران من حولنا، وأن إسرائيل تتجاهل هذا الواقع ولا تقوم بأية مبادرة أو مسيرة سياسية جادة وحقيقية". لقد ازدادت الانتقادات والعزلة الدولية لإسرائيل، في ضوء جمود عملية السلام، فثقة الأوروبيين "بنتنياهو" آخذة في التراجع، والمستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل"، أجرت مع "نتنياهو" حديثاً قاسياً لدى زيارتها لإسرائيل مؤخراً حول الموضوع الفلسطيني، وسألته: ما هو مخططك لحل القضية الفلسطينية؟ إلا أنه لم يقدم لها الرد، وأبقى موقفه ضبابياً، مع أن ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية حميمية ومؤيدة لإسرائيل، و"ميركل" ليست الوحيدة التي لا تثق "بنتنياهو"، فعلاقة الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" متوترة مع "نتنياهو" وكذلك الرئيس الإيطالي "سيلفيو بارلسكوني"، حتى أن زيارات "نتنياهو" إلى دول العالم تراجعت بصورة كبيرة، فالجمهورية الصينية الشعبية، ألغت زيارة "نتنياهو" إليها في اللحظة الأخيرة، وتهربت الهند من طلبه بزيارتها، كما أن "نتنياهو" تهرب من زيارة دول مركزية في أوروبا، مثل بريطانيا وألمانيا وإسبانيا تهرباً من الانتقادات والضغوط عليه، كما أن "الملك عبد الله الثاني" ملك الأردن، لم يرحب باستقباله، حتى أن جريدة "هآرتس 17/2/2011" كتبت بأن "نتنياهو" يواجه ضغوطاً وعزلة دولية متزايدة، وأن الكثير من قادة دول العالم، باتوا لا يثقون به ولا يصدقونه، وأن "نتنياهو" لا يتلقى دعوات لزيارة دول ذات وزن في الحلبة الدولية، حتى أن "كاترين اشتون" ممثلة الاتحاد الأوروبي، قالت "لنتنياهو" في آخر لقاء جمعهما قبل فترة قصيرة:"لا يمكن الاستمرار في المماطلة، عليك أن تفهم أنكم-إسرائيل- تفقدون أذرعكم في أوروبا"، أما وزير خارجية إسرائيل العنصري الفاشي المتطرف "أفيغدور ليبرمان" الذي أعلن أكثر من مرة، أن السلام مع الفلسطينيين لن يتحقق قبل عقدين من الزمن، فإن هذا العنصري يكاد لا يخرج من إسرائيل، إلى أي من الدول المهمة في العالم، باستثناء زياراته لجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، حيث موطنه الأصلي، ويزور بشكل خاص جمهورية "لاتيفيا"، وهذه الزيارات متعلقة بمصالحه الخاصة، التي تربطه بها علاقات فساد وتبييض أموال، فالنائب العام الإسرائيلي أنهى إعداد ملفه الجنائي، وسيقدمه إلى القضاء قريباً، هذا الملف مضى عليه عدة سنوات، وقد يكون تأجيله من مرة إلى أخرى، له علاقة بالمحافظة على استقرار حكومة "نتنياهو"، لأن انسحاب ليبرمان وحزبه "إسرائيل بيتنا" سيعرض الحكومة إلى السقوط، أو ستُدفع لإجراء انتخابات مبكرة للكنيست قبل موعدها القانوني. إن رياح التغيير في المنطقة، والأحداث الأخيرة والجارية التي وقعت في بعض الدول العربية، تسبب قلقاً واضحاً وعميقاً في إسرائيل، حيث تتخوف أن تطالها الأحداث بشكل أو بآخر، مما سيدفع بالقيادة الإسرائيلية لمواجهة واقع جديد ومجهول، وأن هذه التغييرات تشكل تحذيراً إستراتيجياً لإسرائيل، بسبب ما هو قادم، ومن شأنه أن يغير سلباً عملية توازن القوى المعروفة بالشرق الأوسط، وهناك قلة عاقلة في إسرائيل، تؤكد على ضرورة استئناف عملية السلام مع الفلسطينيين قبل فوات الأوان، وقبل أن تقف إسرائيل عاجزة ومكتوفة الأيدي، وأن تجد نفسها أمام بدائل تشكل خطراً على وجودها، وأن تستمر بالقول أن العالم ضدنا، وهي التي تخالف القانون الدولي وجميع الاتفاقات التي التزمت بها، فالعالم يقف إلى جانب قضيتنا، لكن العرب غائبون، وطالما أن هناك متغيرات في العالم، خاصة في الشرق الأوسط، وهذا ما يسعى إليه المجتمع الدولي، فإلى متى يبقى العالم تحت رحمة الدول الكبرى في تعطيل قرارات مجلس الأمن من خلال اللجوء إلى "الفيتو"، هناك بعض الدول التي تطالب بإلغاء هذا الحق، وأخيراً أما آن لهذا "الفيتو" الذي يتحكم بمصير العالم أن يُلغى؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل