المحتوى الرئيسى

نريد وزارة ثقافة ذات استراتيجية للثقافة بقلم:عبدالله تايه

03/02 12:21

نريد وزارة ثقافة ذات استراتيجية للثقافة الكاتب عبدالله تايه غزة تتناقل وسائل الإعلام والمصادر المختلفة للسلطة الوطنية أخبارا مكثفة عن قيام رئيس الوزراء المكلف د سلام فياض باجتماعات ومشاورات مع فصائل العمل الوطني والشخصيات المستقلة وقطاعات مختلفة ومتعددة لتشكيل حكومة جديدة ، والتلويح بإمكانية مشاركة أعضاء من حماس في هذه الحكومة ،ويعد البدء بتشكيل الحكومة استجابة لمطالبات قديمة سواء من حركة فتح أو من مفاعيل العمل الوطني الفلسطيني ، ويبدو أن هذه الأخبار أخذت تتزامن مع تحركات لإعادة الحوار بين فتح وحماس والقوى الوطنية على اختلاف مسمياتها وحضورها ، واللافت هو هذا التزامن الذي ربما تأثر بما يدور على الساحة العربية من متغيرات جوهرية وعلى الساحة الدولية وآخرها استخدام الفيتو الأميركي سيئ الذكر ، وفي هذه الأجواء التي تبث التفاؤل لدى المواطن التواق لإعادة العمل الفلسطيني الجمعي إلى مساره الصحيح بعيدا عن كل ما من شأنه تعطيل الاندفاع المحسوب نحو سبتمبر القادم وآفاق إعلان الدولة فإن ملاحظات عديدة وهامة تبرز وتحتاج لتدقيق النظر والحسابات ، فإذا كنا فعلا على أبواب نقلة نوعية لإعادة الحوار والمصالحة فلا لزوم للاستعجال في تشكيل وزارة جديدة ، إذ بإمكان الوزارة الحالية مع تعديلات طفيفة الاستمرار في تسيير الأعمال حتى إنجاز المصالحة ، ويبدو أن الصراع على الحقائب والترشيح للوزارات قد قطع شوطا ،وإن حركة فتح التي ترغب وتلح في التغيير الوزاري من فترة ليست قصيرة بدأت تستعد لجولة التسميات والحقائب ، وثمة مشكلة لا بد من الانتباه لها ، فالحركة عندما قامت بمؤتمرها السادس واختارت لجنتها المركزية ومجلسها الثوري كانت تسعى بالأساس لإعادة ترتيب صفوفها وتفعيل الأطر المختلفة للحركة ، وعليه فاللجنة المركزية والمجلس الثوري عليهما مسئولية اختيار ممثلي الحركة في الحكومة من خارج اللجنة المركزية كما أعلن سابقا وهو قرار صحيح وكذلك من خارج المجلس الثوري الذي يجب أن يتفرغ لمهامه الحقيقية ولا ينبغي المزاوجة بين عضوية المجلس وعضوية الوزارة. وأعود إلى الموضوع الأساس وهو التذكير مرة أخرى بأن البيان الحكومي الذي جاء في تشكيل الحكومة الأخيرة المستقيلة كان هو البيان الحكومي الأول الذي ذكرت فيه الثقافة والمثقفون أكثر من مرة ، واعتبرنا أن هذا يدل على تفهم د سلام فياض ووعيه لأهمية الثقافة في فلسطين والدور الكبير الذي يقوم ويجب أن يستمر به الكتاب والمثقفون الفلسطينيون ،لكننا لم نلمس تغييرا ذا أهمية على صعيد العمل الثقافي وتفعيل المؤسسات الثقافية الرسمية بما يحقق ما جاء التأكيد عليه في البيان الوزاري ، ويستجيب لتطلعات الكتاب والمثقفين بما يخدم نهضة ثقافية تنويرية تسير جنبا إلى جنب مع العمل السياسي والاجتماعي الفلسطيني في التصدي لواقع يحتاج لجهود كبيرة وخلاقة ،وإعطاء المثقفين والثقافة الدور الذي يمكنهما من الارتقاء بالمنظومة الاجتماعية والنهضوية ونحن على أعتاب إعلان دولة فلسطين المستقلة الخالية من الاحتلال، إذ كانت التجربة السابقة والحالية لوزارة الثقافة والدور المناط بها لا يرقى إلى ما جاء في البيان الحكومي ولا إلى الحد الأدنى المطلوب من الوزارة لدعم وإثراء وتفعيل سياسات واستراتيجيات العمل الثقافي ،والاستجابة إلى حاجات الكتاب والمثقفين بما له علاقة بالثقافة وخططها وبرامجها ونهضتها ، إن وزارة الثقافة ليست ديكورا ضمن مجلس الوزراء ولا نريد أن نذكر بدور الكتاب والمثقفين والمفكرين في كل ثورات الأمم التي ناضلت من أجل استقلالها ورفعتها ونهضتها قبل وبعد الاستقلال ، ولا نريد أن نظل نكرر أهمية ما قام ويقوم به الكتاب الفلسطينيون الذين يعيشون في فلسطين وخارج فلسطين من جهود في الوقوف والثبات في المشهد الثقافي العربي والإنساني فهذا واجبهم الوطني والثقافي والإنساني ،وكذلك ما فعلوه ويفعلونه لإعلاء صوت فلسطين في كل المحافل الثقافية العربية والإقليمية والعالمية ، وقدمت فلسطين أسماء مفكرين وشعراء وكتاب تفخر بهم في كل المحافل الثقافية العربية والإقليمية والدولية، إن وزارة الثقافة القادمة يجب أن تعود إلى استراتيجية ثقافية مدروسة ومنطلقات جديدة ، تغني الحياة الثقافية ببرامج وسياسات وأفكار وأسس ومنظومات وخطط ثقافية ترفع ما علق بالمناخ الثقافي من فتور وركود وتراجع وانتكاس ،فلسطين غنية بكتاب ومثقفين ومفكرين وشعراء ونقاد ومسرحيين وموسيقيين وتشكيليين داخل الوطن وخارجه يستحقون وزارة ثقافة على مستوى يليق بطاقاتهم وإبداعاتهم ،فهم خير من يمثل فلسطين الدولة فلسطين المستقبل، ترى هل ننتظر من الفصائل ومن رئيس الوزراء المكلف أن يأتوا لنا بوزير فصائلي للثقافة ليقولوا لنا أن هذا الوزير يمثل هذا أو ذاك الفصيل ، أم بوزير مثقف معني بالثقافة ، يفهم ما نريد ويدفع إلى آفاق الفعل الثقافي الاستراتيجي ،نريد وزير ثقافة قوي مقنع مثقف لا يأتي إلى اجتماع مجلس الوزارة بربطة عنق بل بملفات وهموم وبرامج وخطط واستراتيجيات ثقافية تجعل بلادنا تعيش نهضة ثقافية حقيقية تليق بتضحياتها .

Comments

عاجل