المحتوى الرئيسى

اختزال ام كلثوم لكلمات الشاعر الدبلوماسى !بقلم: وجيه ندى

03/02 11:18

اختزال ام كلثوم لكلمات الشاعر الدبلوماسى ! ولد نزار قباني في مدينة دمشق في شهر مارس عام 1922وتخرج من كلية الحقوق، ليشغل عدداً من المناصب الدبلوماسية في العديد من بلاد العالم منها القاهرة وأنقرة ولندن. بدأ نزار مشواره مع الشعر وهو في الرابعة عشرة من عمره.. كما صدر ديوانه بعنوان "قالت لي سمراء".. في عام 1945 وكان لصدوره ثورة وضجة إذ تحدث فيه بوضوح غير مسبوق على العلاقات الخاصة بين الرجل والمرأة. وعندما ظهر ديوانه الثاني "طفولة نهد" نلاحظ تغييراً أساسيا وواضحاً في إسلوبه.. إذ تحول من الجنس إلى الحب - هذا اللون الجديد من الشعر تأثر به نزار قباني وقد أتم نزار قباني نضوجه الشعري في ديوان "قصائد" إذ اتجه فيه اتجاهاً موضوعياً.. مع ما تعامل به من قضايا - من أهمها التعبير عن مأساة المرأة والجريمة. وكانت جميع قصائده مستوحاة من تجاربه الخاصة، حيث لا يؤمن بالتجربة المستعارة. كما أكد في سيرته الذاتية أن مهمته الأولى "حين بدأت الكتابة أن أحرر الشعر من كل السلطات غير البشرية وعلى رأسها سلطة الشياطين"وكانت خطوة جريئة بحق تلك التي أقدمت عليها كوكب الشرق أم كلثوم حين اختارت كلمات من قصائد الشاعر السوري المولد واللبناني الإقامة نزار قباني، بل ونستطيع القول في السياق نفسه أنها كانت بالفعل مغامرة عظيمة من فنانة عظيمة، إذ اختارت لشاعر الحب والمرأة والحرير والعطور، كلمات وطنية لكي تشدو بها، على عكس ما كان متوقعاً، وهي الفنانة الرقيقة الحس التي تغنت بالحب والآهات لأكثر من أربعين عاماً، وكأنما كانت تريد بهذا الاختيار الغريب توصيل مضمون رسالة إلى كل الفنانين في كل العصور.. بأن الفن لا يعرف المستحيل وكذلك لا يعرف الحدود ولا الفواصل السياسية أو الجغرافية. وعلى الرغم من أن اختيار سيدة القصيدة العربية أم كلثوم لكلمات من قصيدتين كبيرتين للشاعر نزار قباني، قد جاء متأخراً، فقد كان ذلك الاختيار موفقاً إلى حد بعيد، ومواكباً أيضاً لاثنين من أهم أحداثنا السياسية المحلية والعربية.. وهما اندلاع الانتفاضة الفلسطينية ضد إسرائيل عام 1969، فاختارت أم كلثوم كلمات من قصيدة نزار قباني "طريق واحد.. وغنتها تحت عنوان "أصبح الآن عندي بندقية"، وعندما رحل جمال عبدالناصر اختارت كوكب الشرق كلمات القصيدة الثانية لنزار قباني لكي تغنيها تحت عنوان "رسالة إلى والدنا عبد الناصر"! وكان لكل من هاتين القصيدتين حكاية بدأت مع الكلمات وانتهت بالألحان وصوت أم كلثوم.. ولكن ما هي تفاصيل تلك الحكاية؟. بالنسبة لقصيدة "طريق واحد".. والتي أصبح اسمها: "عندي بندقية" كما يقول مطلعها. فقد شدت بها أم كلثوم في عام 1969 ، وسجلتها ايضاً في نفس العام على اسطوانة صوت القاهرة من ألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب. وتقول كلمات هذه القصيدة - أصبح عندي الآن بندقية - إلى فلسطين خذوني معكم - إلى ربُى حزينة كوجه مجدلية - إلى القباب الخضر والحجارة النبية- عشرون عاماً وأنا أبحث - عن أرض.. وعن هوية - أبحث عن بيتي الذي هناك - عن وطني المحاط بالأسلاك - عن كتبي.. عن صوري - عن كل ركن دافئ.. وكل مزهرية. - إلى فلسطين خذوني معكم، يا أيها الرجال - أريد أن أعيش أو أموت كالرجال- أصبح عندي الآن بندقية - أصبحت في قائمة الثوار - أفترش الأشواك والغبار - وألبس المنية - أنا مع الثوار أنا مع الثوار - من يوم أن حملت بندقيتي - أبحث عن طفولتي - صارت فلسطين على أمتار - يا أيها الثوار في القدس - في الخليل في بيسان في الأغوار - في بيت لحم حيث كنتم أيها الأحرار - تقدموا.. تقدموا.. - إلى فلسطين طريق واحد - يمر من فوهة بندقية - إلى فلسطين طريق واحد ولقد كلفت أم كلثوم موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب لوضع اللحن المناسب لهذه القصيدة الوطنية. وذلك بعد حذف واختيار واستبدال الكلمات والذي حدث بعد استشارة مؤلفها نزار قباني. إذ أننا حين رجعنا كالعادة إلى الديوان المنشور فيه هذه القصيدة وجدنا تغييراً ملحوظاً قد حدث حتى تتوافق الكلمات مع صوت أم كلثوم.. ومما لاحظناه في هذا السياق أن كوكب الشرق قد أهملت بعض أبيات هذه القصيدة، واختارت البعض الآخر، إذ بدأت هذه القصيدة وفق ما كتبه نزار قباني بقوله: أريد بندقية - خاتم إمي بعته - من أجل بندقية ويستمر نزار في كلمات هذه المقدمة على هذا المنوال حتى قوله: قصائد الشعر التي حفظنا - ليست تساوى درهماً أمام بندقية وكانت بداية أم كلثوم حين غنت هذه القصيدة، بداية مختلفة تماماً.. إذ اختارت الجزء الثاني من هذه القصيدة والذي تقول كلماته: أصبح عندي الآن بندقية. كذلك غيرت أم كلثوم في بعض كلمات هذا الجزء من القصيدة، فاستخدمت كلمة "وطني" بدلاً من "بيتي"، في البيت الذي يقول فيه الشاعر: أبحث عن بيتي الذي هناك وليس هذا فقد.. بل اتضح لنا أن أم كلثوم قد أهملت عدة أبيات من الجزء الثالث وهي التي يقول فيها نزار: أريد أن أنبت في ترابها.. زيتونة أو حقل برتقال أو زهرة شذية قولوا لمن يسأل عن قضيتي بارودتي.. صارت هي القضية. أما بالنسبة للجزء الرابع من هذه القصيدة، فقد أهملت فيه أم كلثوم أيضاً عدة أبيات.. قالها نزار قباني في ذات القصيدة ونشرها في ديوانه المنوه ولو رجعنا مرة أخرى للاطلاع على هذه التعديلات والوقوف أمامها بهدوء.. سوف نلاحظ كذلك شيئين هامين.. الأول أن أم كلثوم أرادت من وراء اختصار هذه الأبيات.. اختصار وقت غناء القصيدة - كما استهدفت من وراء ذلك أيضا ألا تدخل نفسها في مواقف سياسية قد تجر عليها بعض المشاكل إذا ما غنت كلمات نزار قباني بلا تعديل، وهو كان يقصد من ذلك وصف أوضاع بعينها سواء داخل مصر أو خارجها. وكانت في ذلك محقة كل الحق.. لأن هدفها كان في الأساس هز الوجدان العربي واستثارته للوقوف في وجه العواصف بلا خوف، من خلال صوتها وحنجرتها القوية. وعلى أية حال، فقد وصلت براعة أم كلثوم في مجال اختصار هذه القصيدة حداً.. لم يلحظ السامع لها اي خلل فيها - وكان ذلك دائما هو منهجها منذ أن أقدمت على غناء القصائد العربية مع مطلع العشرينات من هذا القرن. وما حدث في القصيدة الأولى في عام , 1969.حدث كذلك للقصيدة الثانية التي شدت بها أم كلثوم في عام 1970فور رحيل الرئيس جمال عبد الناصر.. إذ غيرت أم كلثوم القصيدة وبعض أبياتها. وهذه القصيدة التي غنتها تقول: والدنا جمال عبد الناصر - عندي خطاب عاجل إليك - من أرض مصر الطيبة - من ليلها المشغول بالفيروز والجواهر - ومن مقاهي سيدي الحسين من حدائق القناطر - من ترع النيل التي تركتها حزينة الضفائر - عندي خطاب عاجل إليك - من الملايين التي أدمنت هواك - من الملايين التي تريد أن تراك - عندي خطاب كله أشجان - لكنني.. لكنني يا سيدي - لا أعرف العنوان. - والدنا جمال عبد الناصر - وساعة الجدار.. من ذهولها.. ضيعت الأيام - يا من سكنت الوقت والتاريخ والأيام - عندي خطاب عاجل إليك - لكنني.. لكنني يا سيدي - لا أجد السلام.. ولا أجد الكلام! - والدنا جمال عبد الناصر - الحزن مرسوم على الغيوم، والأشجار والستائر - وأنت سافرت ولم تسافر - فأنت في رائحة الأرض وفي تفتح الأزاهر - في صوت كل موجة، وصوت كل طائر - في كتب الأطفال، في الحروف، في الدفاتر - في خضرة العيون وارتعاش الأساور - في صدر كل مؤمن، وسيف كل ثائر - عندي خطاب عاجل إليك - لكنني.. لكنني يا سيدي - تسحقني مشاعري - الزرع في الغيطان، والأولاد في البلد - ومولد النبي والمآذن الزرقاء - والأجراس في يوم الأحد وهذه القاهرة التي غضت - كزهرة بيضاء في شعر الأبد يسلمون كلهم عليك - يقبلون كلهم يديك ويسألون عنك كل قادم - إلى البلد متى تعود للبلد؟! - حمائم الأزهر، يا حبيبنا، تهدي لك السلام - معديات النيل، يا حبيبنا، تهدي لك السلام - والقطن في الحقول والنخيل والغمام - جميعها.. جميعها تهدي لك السلام - كرسيك المهجور في منشية البكري - يبكي على فارس الأحلام - والصبر لا صبر له والنوم.. لا ينام - يا أيها المعلم الكبير.. كم حزننا كبير لكننا نقسم بالله العلي القدير - أن تحبس الدموع في الأحداق ونخنق العبرة نقسم بالله العلي القدير - أن نحفظ الميثاق ونحفظ الثورة وعندما يسألنا أولادنا - من أنتم؟.. في أي عصر عشتم؟! - في عصر أي ملهم؟.. في عصر أي ساحر - نجيبهم: في عصر عبد الناصر الله.. ما أروعها شهادة - أن يوجد الإنسان في زمان عبد الناصر. أما بالنسبة لأهم التعديلات التي إجريت من قبل أم كلثوم وملحنها الموسيقار الكبير رياض السنباطي فقد اختارت أم كلثوم عنوان "خطاب" بدلاً من العنوان الذي اختاره الشاعر وهو "رسالة إلى جمال عبدالناصر". كما أجرت بعض التعديلات على كلمات هذه القصيدة.. بما يناسب اللحن والصوت، ولقد تعمدت في هذا السياق أن تكرر الشطر الذي بدأت به القصيدة وهو غير موجود أصلاً.. وهذا الشطر تقول فيه: "والدنا عبد الناصر". كما استبدلت كلمة "هذا خطاب" بكلمتي: "عندي خطاب". هذه التعديلات نفسها.. لفتت أنظار الصحفيين الذين تابعوا لحن القصيدة - وقد كتبوا عن ذلك في حينه. فنشرت إحدى الصحف اليومية في يوم 17نوفمبر عام 1970تحت عنوان: أم كلثوم تختزل قصيدة نزار لتذاع في 9دقائق وكانت القصيدة من تلحين رياض السنباطي الذي أجرى سبع عشرة بروفة لأم كلثوم قبل أن تشدو بها. واقدم الشيء اليسير عن لمحات حياته الخاصة والأدبية .وقد نظم الشاعر الكبير قصائد للفنان المطرب عبد الحليم حافظ ومنهم قصيدة قارئة الفنجان ومن الحان محمد الموجى والتى تغنى بها فى عيد شم النسيم عام 1967 وايضا تغنى قصيدة رساله من تحت الماء ومن الحان محمد الموجى .وايضا تغنت المطربه نجاة الصغيره ومن الحان محمد عبد الوهاب قصيدة ايظن وايضا انشدت قصيدة اسالك الرحيل من الحان ايضا موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب وايضا قصيدة ماذا اقول له 1000 اهواه وقد قدمتها شعرا فقط فى فيلم القاهره فى الليل . رحل نزار قباني من عالمنا في 3أبريل 1998 تاركاً وراءه رصيداً كبيراً من الإنتاج الشعري ومن الكتابات الأدبية الأخرى، وعن عمر يزيد عن السادسة والسبعين رحمه الله المؤرخ والباحث فى التراث الفنى وجيــه نــدى وللتواصل 0106802177 [email protected] _____

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل