المحتوى الرئيسى

لا شرعية للحكومة الفاسدة في العراق !بقلم:جمال محمد تقي

03/02 11:18

لا شرعية للحكومة الفاسدة في العراق ! جمال محمد تقي الانتخابات الديمقراطية ممارسة في سياق منظومة متكاملة ، وممارستها خارج السياق يجعلها ابتذال لا مردود حقيقي له ، يجعلها مزورة باجوائها وشحناتها وقوانينها وعدم تكافوء الفرص فيها ناهيك عن عدم نزاهة القائمين عليها ، وغياب الاجواء الحرة التي بموجبها يرشح من يريد الترشح وينتخب من يريد الانتخاب ومن دون مصادرة او فتن ، والانتخابات العراقية بمجملها خارج السياق ، ودستورها عبارة عن كشكول لملاحظات امراء المكونات ، وهو مفخخ ويحتوي على جملة اكاذيب فرضت فرضا ، ومرر بليلة ليس فيها قمر ، اما مجمل العملية السياسية فهي قد بنيت ومنذ انطلاقتها على عقيدة المكونات الطائفية والعرقية وحصصها المكفولة بقوة الوصاية الامريكية الطاردة لكل ماهو جامع وطني يكرس اللحمة العراقية ، والمرحبة بكل انتماء يعزز العزلة والفرقة ، ونحن هنا لا نجني او نتحامل على احد بل نستند على شهدات من اهلها ، فهذا السيد جعفر محمد باقر الصدر يستقيل من عضوية البرلمان بسبب اللاجدوى في العمل داخل بيئة فاسدة بكل ماتعنيه الكلمة من معنى ، فساد قانوني واداري ومالي وسياسي وحتى اخلاقي ، لقد قال السيد جعفر الصدر : لاقيمة حقيقية لبرلمان فارغ المحتوى ، وحياته النيابية تتنفس الفساد ، اما الحكومات المتعاقبة فهي اضافة لفسادها ، لاتملك الشجاعة للاعتراف بفشلها . نواب كتلة التغيير الكردية مثال حي اخر ، فقد اصروا على بقاء نوابهم في برلمان اقليم كردستان وبغداد لا لشيء سوى لفضح وتعرية حقيقة هذين البرلمانين والحكومات المنبثقة عنهما ، لقد اكد نواب قائمة التغيير غير المرغوب فيهم من الاطراف الكردية والشيعية والسنية المهيمنة على العملية السياسية على ان نهج كتم الاصوات والمصادرة الذي يمارسه الحلف الفاسد القائم بين رموز النظام التحاصصي الطائفي والاثني والذي يعيد استنساخ نفسه وبنفس المحتوى مع كل دورة انتخابية جديدة هو السائد وعلى حد سواء في بغداد واربيل ويصعب تغييره من دون ضغوط شعبية فاعلة تنتزع زمام المبادرة منه سلما او بوسطة ثورة التغيير . اذا كنا نعيب على الحكم الشمولي ذا الشرعية الثورية عدم فصله للسلطات ودمجها جملة وتفصيلا بالحكم الغير قابل للتعددية والذي يؤدي لاستشراء انواع معروفة من الفساد والاستبداد ، فان استبداد حكم الفساد الشمولي في النظم الرخوة والتي تدعي بالشرعية الديمقراطية "الدستورية" حيث التهميش التفكيكي للسلطات التشريعية والقضائية والمدنية " الرأي العام " وشفط مفعولها لصالح تسمين السلطة التنفيذية والتي يتقاسم المهمين عليها ريع غنائمها مع اقرانه بحصص تناسبية مضللة بعناوين الوفاق والتوافق والمشاركة والتعددية ، يجعلنا نعتبر الاولى حالة صحية قابلة للعيوب والثانية حالة معيبة من الالف الى الياء لكنها قابلة للتصحيح بالثورة او الضغوط السلمية . النظام في العراق جملة وتفصيلا لا يقوم على شرعية ثورية ولا على شرعية ديمقراطية حقة لذلك فان الانتفاض عليه وازاحته ليقام محله نظام ديمقراطي حقيقي دون محاصصات طائفية وعرقية ، وبعقد دستوري ديمقراطي لا تشوبه شائبة . لقد علمتنا التجربة ان النظام الشمولي بالشرعية الثورية هو اقل فسادا وبما لا يقاس من نظام الفساد الشمولي القائم في العراق ، صحيح ان الاثنان لا يصلحان لحكم عراق جديد عركته التجارب والتضحيات ، حيث آن آوان قطف ثمار تجربته المريرة ، على اعتبار ان في الاول استبداد شامل مع فساد كمي ، وفي الثاني فساد شامل ونوعي مع استبداد كمي ، وفي الحالتين فان الفساد موجود وكذلك الاستبداد ، وما يجعل الثاني اكثر تدميرا وخطرا هو خصخصته لخلايا الفساد والاستبداد وجعلها تستمد من فوضى التحاصص منظومات متماثلة في عمقها الفاسد والمستبد ولكل مكون على حدة ، ومن ثم افقيا لكل المكونات مجتمعة تحت خيمة مهلهة تحمي امراء التوافق اللصوصي والمرخص احتلاليا ! كان الرعب الذي اصاب المالكي وحكومته وعمليته السياسية من هبة الاحتجاجات الشبابية والشعبية العراقية المنطلقة من خارج سرب منظومة الحكم الطائفي والعنصري هو اكبر دليل على المعدن الرخيص للعملية السياسية القائمة ، فالرعب ليس منبعه المطالبات بالحقوق وبالعمل والخدمات ، انما الرعب من الهوية الوطنية الجامعة لهذه الحركة الاحتجاجية والتي تضرب بالصميم عقيدة العملية السياسية ودستورها القائم على اساس التقسيمات الطائفية والاثنية . قتل المتظاهرين بالرصاص الحي واعتقال الصحفيين والمراسلين والناشطين وكتم اصوات الصحف والفضائيات المستقلة وازدياد اعداد السجون السرية والعلنية والعمل بقانون الطواريء الذي يتيح عمليات الاعتقال التعسفي والمداهمة من دون اذن قضائي او باذن قضائي مدجن والتوقيف لمدد طويلة ومن دون محاكمات ، كلها ممارسات سلطوية تدلل على ارهابية النظام القائم واستبداده ، وعندما يضاف هذا كله الى انواع الفساد الانشطاري السائد وبارقام فلكية تستنزف ثلث الميزانيات السنوية والتي تقدر بحسب اجمالي ميزانية 2011 بحوالي 30 مليار دولار ، فان صورة المشهد ستكتمل فسادا واستبدادا . كل الشرعية لثوار العراق الذين انطلقوا بحركتهم الاحتجاجية المطالبة باسقاط الحكومة القائمة وتعطيل العمل بالدستور الحالي ، حتى تعديله ، وحل البرلمان الفاسد ، وتشكيل حكومة انتقالية ، حكومة انقاذ وطني من الخبراء الوطنيين لمعالجة مايمكن معالجته من الاوضاع المتفاقمة وعلى كافة الصعد وتهيئة الاجواء الحرة والمحايدة لاجراء انتخابات برلمانية نزيهة وبشروط تتناسب والمعايير الدولية .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل