المحتوى الرئيسى

حقـائق

03/02 01:21

إلي أين؟ ومتي؟ وكيف؟ اسئلة تطرح نفسها علينا هذه الأيام‏,‏ كلما رحنا وكلما جئنا‏,‏ وهي اسئلة تعكس في حد ذاتها الحالة الفكرية والنفسية التي تسود الغالبية الكبيرة من المواطنين عما يجري في البلاد بطولها وعرضها‏.‏ وفي وجهة نظري أنها كلها نتاج طبيعي لمحاولة استيعاب حقيقية لحصاد ثورة الخامس والعشرين من يناير ومايجري فيها من أحداث متلاحقة وماتحقق فيها من مكاسب‏,‏ وماتبقي فيها من مطالب‏.‏ فمما لاشك فيه أن الشعب المصري قد رحب ترحيبا عظيما وبحماس عاطفي شديد بالثورة وأهدافها أملا في مستقبل افضل وفي حياة أكرم للجميع وليس حفنة محدودة متميزة في كل شئ‏.‏ وبعد مرور أكثر من ثلاثين يوما من الثورة‏,‏ بدت في الأفق ساحة كبيرة من القلق علي مستقبل مصر القريب والبعيد‏,‏ خاصة أن أولويات الجماهير نفسها قد أصابها نوع من اختلاط الأوراق‏,‏ وفقدت التمييز بين المصلحة العليا وهي الهدف الأسمي للثورة وضرورة الحفاظ عليه‏,‏ وبين المصلحة الذاتية والعاجلة للأفراد والجماعات‏,‏ متجاهلين حقيقة أن أي تغيير في أي اتجاه إنما يتم علي مراحل متعددة ومتعاقبة وهي سنة الحياة‏.‏ وقد نلاحظ أيضا أن الشعور بالحرية وبالحق في التعبير عن الرأي بعد سنوات من الكبت والقهر هو شعور نفسي إيجابي يؤدي بصاحبه إلي الانطلاق للبوح عما يجيش في صدره من رغبات وطموحات‏.‏ لكن ليس معني هذا أن نترك قافلة الحرية تضرب في الفراغ علي غير هدي‏,‏ وكأنها لاتعرف إلي أين تتوجه‏,‏ ولاتملك خريطة تدلها علي المقصد النهائي الذي ترنو إليه والذي من أجله قدم شهداء الثورة أرواحهم‏.‏ فمن الوفاء لهذه الأرواح ألا نترك إنجاز الحرية يتبدد فيما لا طائل واقعي وعملي من ورائه هنا‏,‏ لابد أن نقف مع أنفسنا‏,‏ عن نوع الحرية التي نريدها؟ هل هي الحرية الحضارية التي تؤمن بالرأي الآخر وتحترمه؟ أم هي حرية تحمل في باطنها رغبة في التسلط بحيث تنظر إلي الرأي المختلف معها بنوع من الريبة أو التحريم أو التخوين أو الإقصاء؟‏.‏ وهل هي حرية تخاطب العقل والضمير بالإقناع وبالحجة أم هي حرية تسعي إلي فرض نفسها بغير أدوات الحرية؟ هل هي حرية شكلا ومضمونا وذات رسالة اجتماعية ووطنية وأخلاقية؟ أم هي حرية تعيد إنتاج الاستبداد ولكن من أسفل وليس من أعلي‏,‏ وتحت زعم صوت الجماهير بدلا من سوط السلطة؟‏.‏ أشد مانخافه علي ثورتنا وعلي مستقبلنا‏,‏ هو الحال الفوضوية الراهنة التي تنتشر من المعلومات بلا تدقيق‏,‏ وتسمع أكثر مما تفحص‏,‏ وتهاجم قبل أن تتيقن أو تفكر‏,‏ هذه هي الحالة التي نراها تنشر الضباب الكثيف في سماء السياسة والمجتمع والاقتصاد في مصر‏,‏ بصورة من المؤكد أنها سوف تمثل عائقا يحرمنا جميعا من الرؤية السليمة لاأقول للمستقبل البعيد بل أقول لرؤية مواقع اقدامنا‏.‏ ومع تقديري للظروف غير المواتية التي تولي فيها المجلس الأعلي للقوات المسلحة أمانة المسئولية‏,‏ فإننا لانجد سواه نلجأ إليه‏,‏ نخاطبه أن يطرح خريطة طريق جديدة واضحة المعالم محدودة المراحل‏,‏ تستوعب كل مايدور في الساحة من افكار ورؤي ومطالب وماكشفت عنه الأيام القليلة الماضية من واقع يحتاج إلي إصلاح عاجل وعادل‏.‏ ‏[email protected]‏   المزيد من أعمدة ابراهيم نافع

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل