المحتوى الرئيسى

الكاتب العالمي روبرت فيسك مع اللاجئين المصريين‮ ‬عند الحدود التونسية‮: ‬القذافي أكبر منتج للبؤس في تاريخ العالم الثالث‮ !!‬

03/01 23:06

نحن نستغيث بالجيش المصري‮- ‬لماذا لا يأتي جيشنا هنا‮ " .. ‬هكذا كانت نداءات الاستغاثة التي انطلقت من حناجر آلاف اللاجئين المصريين علي الحدود الليبية مع تونس من الفقراء والمرضي‮ - ‬الأثرياء هربوا من ديكتاتورية القذافي منذ وقت طويل‮- ‬بينما كانوا يندفعون بأعداد رهيبة لعبور الحاجز الحدودي الأسمنتي‮  ‬وسط تضاريس وعرة وظروف مأساوية‮ .‬‮  ‬هؤلاء هم المصريون من محافظات مصرية عدة،‮ ‬القاهرة والإسكندرية وسوهاج وأسيوط وآلاف أخري من قري الدلتا في مصر‮ . ‬ولكن الجيش المصري بالطبع‮ - ‬لأسباب منطقية ومقبولة ومعروفة‮ - ‬لا يستطيع أن يأتي إلي تونس بالطبع لإنقاذ الآلاف من مواطنيه الذين يشقون طريقهم عبر الحدود‮ .‬فقط سفينة من البحرية المصرية‮ " ‬شلاتين‮ " ‬هي التي وصلت أمس الإثنين‮ - ‬في هيئة بارجة مطلية باللون الأسود حملت‮ ‬1000‮ ‬مصري من الرجال والنساء والأطفال إلي وطنهم مخترقة بحار شديدة الهياج بفعل الرياح العاتية‮.‬ثم جاءت أنباء عن قرب وصول السفينة الثانية‮ " ‬حلايب‮ " ‬في إطار خطة الجيش المصري لإجلاء رعاياه‮ .‬ولكن البؤس علي الحدود كان أكبر من قدرات أي سفيينة أو سفن‮  . ‬اللاجئون‮  - ‬الذين قد يصل عددهم‮  ‬7‮ ‬آلاف أو‮ ‬8‮ ‬آلاف مصري‮ ‬غير قادرين علي الوصول للحدود حيث فرصة نجاتهم ونقلهم لبلادهم‮ - ‬يندفعون بحشود هائلة إلي الأراضي التونسية عبر آخر حاجز حدودي ليبي،‮ ‬بينما يتعرضون للضرب أثناء هربهم من جانب ميليشيات القذافي،‮ ‬وكذلك أنصار القذافي في البلدة الليبية الحدودية الذين يتهمونهم بأنهم يريدون وظائفهم‮ . ‬ولكن المصريين‮  ‬لا يريدون وظائف‮ - ‬ونفس الشيء بالنسبة للآلاف البنغال ممن ليس لديهم سفارة في تونس‮ - ‬ولا الصينيين ولا الفلبينيين‮ .‬نحن هنا أمام‮  ‬أقسي صور البؤس الذي يمكن أن يصدر عما أسميناه ذات مرة بالعالم الثالث،‮  ‬الذي أصبح علي ديكتاتور،‮ ‬ومن العالم الثالث،‮ ‬أكبر منتج للبؤس‮  ‬والبطالة والتشرد‮. ‬وهنا بدأ رجل بوليس تونسي شاب يرتدي سترة جلدية سوداء ونظارات سوداء،‮ ‬ويحمل بندقية طراز‮ " ‬ستير‮ " ‬يصرخ في الصحفيين والمراسلين وهو يشير بيده إلي اللاجئين‮ : " ‬أترون كم عددهم ؟‮! .. ‬كيف يمكن لتونس أن ترعي هذه الآلاف‮ " ‬؟‮! .. ‬انظروا بأنفسكم‮ " ‬؟‮!‬ونحن فعلا كنا نستطيع أن نراهم رؤي العين‮ .. ‬عشرات آلاف من اللاجئين البؤساء داخل الأراضي الليبية يحاولون اجتياز الحاجز الحدودي الأسمنتي،‮ ‬لكي يعبروا إلي تونس‮ .‬التونسيون متعاطفون أيضا ورحماء،‮ ‬فقد نقلوا بسياراتهم الخاصة عمال الزراعة المصريين إلي‮  ‬معسكر لاجئين أقامته السلطات لتوها‮ .‬وختموا تأشيرات دخول مؤقتة لمن استطاعوا الوصول إلي مطار‮ " ‬جبرا‮ " ‬كي يطيروا عائدين إلي مصر،‮ ‬وإلي ميناء‮ " ‬ديرجيس‮ "‬،‮ ‬وجاءوا بالخبز والماء والبطاطين إلي الحدود‮ . ‬ووصل مسؤول بوزارة الخارجية المصرية مرتديا‮ " ‬تي شيرت‮ " ‬أبيض مطبوع عليه علم مصر،‮ ‬وقال لنا إنه يأتي متطوعا لمساعدة الناس‮ - ‬وهذا التصرف من جانبه لم يكن من الممكن أن تتوقع حدوثه في عهد مبارك الفاسد‮ ‬_ وأثني هذا المسؤول المتطوع أيضا علي التونسيين،‮ ‬لتضامنهم مع المصريين في محنتهم‮ .‬ولكن حتي لو تمكن‮ ‬100‮ ‬ألف لاجئ من الهرب من جحيم ليبيا تجاه تونس،‮ ‬أو مصر نفسها،‮ ‬فكيف نتفادي مصير أولئك الذين لا يعرف عددهم بالضبط،‮ ‬و الذين لم يتمكنوا من بلوغ‮ ‬الحدود‮ .. ‬من المسؤول عن سلامتهم،‮ ‬بعد أن وزع القذافي السلاح علي ميليشياته ومرتزقته في طرابلس‮ . ‬وبالنسبة لمن عبروا الحدود إلي تونس ما هو مصيرهم‮ .. ‬لم تُشكل لجنة للدفاع عنهم حتي الآن‮ .‬‮  ‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل