المحتوى الرئيسى

حتى تنتهي الثورة في مصر بنظام ديمقراطي حقيقي

03/01 22:51

بقلم: السفير د. عبد الله الأشعلفي عام 1952م تحررت مصر من تحالف الإقطاع ورأس المال مع الملكية والاحتلال البريطاني. وفي 11/2/2011م تحررت مصر من تحالف الفساد والمال والهيمنة الأجنبية، واستعباد الشعب المصري، والقضاء على الدولة المصرية ومجتمعها، تحرر المصريون ولكنهم لم يشكلوا نظامًا ديمقراطيًّا، كما أن فظاعة ما تكشَّف من فساد في كلِّ أوصال الدولة يقطع بأن مصر حكمتها عصابة أقسمت للشيطان أن تدمر كل شيء، وتنهب كل الأموال والإعمار، وكان حريًّا بهؤلاء الأعداء الألداء الذين قست قلوبهم على مصر، والمصريين أن يهاجروا جماعة إلى جزر نائية، أو يقدموا أنفسهم باعتذار وانكسار، وأن يردوا إلى الشعب مع الاعتذار كل ما نهبوه، وأن يعوضوه عما لحقه من أضرار، لكن المأساة أن ذيول النظام السابق من رجال الأعمال والمسئولين والسياسيين والإعلاميين، والحزب الحاكم الذي كان وعاءً للفساد ومستنقعًا للفاسدين المفسدين بدءوا يتلونون كالحرباء، وغيروا خطابهم وانبطحوا بكل الحقد أمام العاصفة العاتية حتى يمر لهيب الثورة ثم ينتشرون ويعودون من جحورهم، ويستغلون تبعثر الإجراءات وضعف الإنجازات وتراخي السلطات. وحتى تصل مصر بسلامٍ إلى نظام ديمقراطي، وحتى لا تضيع الثورة في تلافيف المحاولات المستميتة لإعادة مخطط تدميرها، ومسحها من الخريطة، فإنني أقترح أن نجنب القوات المسلحة الحرج والدخول في متاهات أو أن تتعرض لضغوط الشارع المصري الذي يصرُّ على أنه مصدر السلطات والصلاحيات، وليس الرئيس السابق كما قد يقرأ البعض بسبب الالتباس القانوني الفادح في الموقف الذي يُمكِّن المجرمين من الفرار، وتدمير الأدلة وتهريب الأموال وحبك المؤامرات. وأظن أن النظرة المتكاملة للموقف تقتضي النظر الجدي في تطبيق البرنامج المقترح، ولا يجوز أن تغرق مصر في اليأس من الأمل في الإنجاز، وأن تستمر الثورة للضغط بينما الجيش ينفذ ما لم يطلب منه، وإذا جاز أن يقول الجيش إن الثورة ليس لها رأس واحد، فإنه لا يجوز تجاهل الإجماع حول مطالب واحدة أضعها في سياق إستراتيجي عام نأمل أن تلقى حظها من الاهتمام والتنفيذ، والبديل عن ذلك هو انزلاق البلاد لا قدر الله إلى حرب أهلية بسبب استهلاك الوقت؛ مما يعطي فرصة لذيول النظام السابق لإعادة تنظيم صفوفهم ما دامت نوازعهم الإجرامية التي دمرت مصر قد أضيف إليها نوازع الانتقام من الشعب الذي أفسد كيدهم، ويجب أن يشتت شملهم، وينزل بهم ما يستحقون من جزاء عادل. الإجراء الأول هو تسليم السلطة، ومصدرها الشعب إلى مجلس رئاسي يضم خمسة أعضاء لا علاقة لهم من قريب، أو بعيد بالنظام السابق بينهم عسكري واحد ضمانًا للتنسيق مع القوات المسلحة، ولا يكون له صوت في المجلس الرئاسي. الإجراء الثاني، يقوم المجلس الرئاسي بتشكيل حكومة انتقالية منقطعة الصلة بالنظام السابق وتضم باقة من التكنوقراط، ولا مانع من الاستفادة في تشكيلها من الشخصيات الوطنية في وزارة شفيق الثانية، وبعض أعضاء من لجنة الدستور التي شكَّلها مبارك المعروفة بلجنة الجمل، والتي أسقطها الشعب؛ لأنها حاولت أن تضفي شرعية لمبارك الذي فقد شرعيته السياسية يوم 25/1 ثم الأخلاقية يومي 28/1، و2/2/2011م. الإجراء الثالث قيام الحكومة الجديدة بالتدابير التالية:الأول: إنهاء حالة الطوارئ. الثاني: إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والمحكومين بمحاكم استثنائية. الثالث: تعيين وزير للداخلية من بين الضباط الشرفاء لكي يقوم بتطهير الداخلية، ووضع خطة لزرع الثقة المفقودة بين الشرطة والشعب، وتقديم المجرمين منهم لمحاكمة عسكرية عاجلة، وإعادة تنظيم جهاز الشرطة مع استبعاد أمن الدولة في هذا التنظيم، ووضع برامج شاملة لإعادة تأهيل الضباط في المعاهد والكليات الشرطية. الرابع: تشكيل محاكم للثورة من كبار القانونيين والمحامين والقضاة لفرض الحراسة على الوثائق في الوزارات والمؤسسات والهيئات، ومحاكمة الفاسدين، ورموز النظام السابق. الخامس: محو اسم مبارك، وأسرته من على المكتبات والمؤسسات، ومحطات المترو وأكاديمية مبارك للأمن، ومكتبة الإسكندرية، وتستبدل أسماء الشهداء وأبطال الثورات الشعبية المصرية والعربية بأسمائهم. السادس: حل كل الأحزاب السياسية؛ لأنها شكلت مع الحزب الوطني منظومة واحدة توزعت أدوارها ضمن حالة الفساد، والتآمر على مصر، وفتح الباب لتشكيل أحزاب الثورة على أسس جديدة، فلا تصلح الأحزاب القديمة لمشروب الثورة الصافي، فقد نشأت هذه الأحزاب في إطار عقيدة الدكتاتورية التي لا مكانَ فيها للمعارضة التي لا توجد أصلاً إلا في النظم الديمقراطية. ويسمح القانون الجديد بحرية إنشاء الأحزاب، بضوابط الجدية الواجبة. ويحرم من ممارسة الحياة السياسية بصفة قاطعة، وخاصةً تشكيل الأحزاب:أ- قيادات الحزب الوطني. ب- الشخصيات المتورطة في قضايا الفساد خاصةً الأراضي، وقضايا استهداف المجتمع المصري في صحته، وكرامته وقوته اليومي. ج- جميع قيادات الداخلية ممن تورطوا في وقائع الفساد والتعذيب والقتل. د- الموظفون والمسئولون في جميع القطاعات والمتورطون في وقائع الفساد. السابع: تشكيل لجنة الخمسين لتنقيح الدستور، أو وضع دستور جديد، منهم ثلاثون عضوًا منتخبون، وعشرة من الشخصيات العامة، وعشرة من أساتذة القانون والقضاة، وتقدِّم تقريرًا بذلك إلى الحكومة المنتخبة الجديدة، ومجلس الشعب الجديد. الثامن: إجراء الانتخابات المحلية في الأسبوع الأول من مايو، ويجب أن تجرى انتخابات مجلس الشعب في الأسبوع الأول من يوليو، وخلال الأسبوع الأول من أكتوبر تجرى الانتخابات الرئاسية، وتجرى الانتخابات التشريعية بإشراف وزارة العدل، وببطاقة الرقم القومي وبإشراف قضائي، وبمراقبة دولية، أما المحليات فتجرى انتخاباتها بإشراف لجنة الشخصيات العامة بترتيباتٍ مناسبة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل