المحتوى الرئيسى

> صورة النبي محمد في قصص ألف ليلة وليلة

03/01 22:03

روت ملكة الحيات في الليلة السادسة والستين بعد الأربعمائة بقصص ألف ليلة وليلة، حكاية شديدة الغرابة، قالت: كان بمدينة مصر ملك من بني إسرائيل، وكان له ولد اسمه «بلوقيا»، وكان هذا الملك عالماً عابداً منكباً علي قراءة كتب العلم. لما مات جعلوا ولده بلوقيا سلطاناً عليهم -تقصد أهل مصر- وكان ولده عادلاً في الرعية، واتفق في بعض الأيام، انه فتح خزائن أبيه ليتفرج.. فرأي كتاباً ففتح الكتاب وقرأه، فرأي فيه صفة محمد «صلي الله عليه وسلم»، وإنه يبعث في آخر الزمان، وهو سيد الأولين والآخرين، فلما قرأ بلوقيا هذا الكتاب، وعرف صفات سيدنا محمد «صلي الله عليه وسلم» تعلق قلبه بحبه. وهذا الكتاب حسب الرواية كان والده قد استخرجه من التوراة ومن صحف إبراهيم، ومن شدة حب بلوقيا لشخصية النبي محمد، استأذن والدته في الخروج للبحث عن هذا النبي، ونزل في احدي الجزر، وفي الجزيرة شاهد حيات مثل الجمال والنخيل ووجدها تسبح لله وتذكر محمداً، فقال لهم: انتم تذكرون الله وتصلون علي محمد من أين تعرفون محمد، فقالوا يا بلوقيا: إن اسم محمد مكتوب علي باب الجنة، ولولاه ما خلق الله المخلوقات ولا جنة ولا ناراً ولا سماء ولا أرضا، لأن الله لم يخلق جميع الموجودات إلا من أجل محمد، وقرن اسمه في كل مكان، ولأجل هذا نحن نحب محمد. وقالت ملكة الحيات - وأظن أنها هي التي تروي الحكاية- إذا اجتمعت بمحمد فأقرئيه مني السلام، ومن الجزيرة سافر إلي بيت المقدس، وقابل هناك رجلاً يدعي عفان متقناً لعلم الهندسة والفلك والحساب والكيمياء، ويقرأ التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم، ويطلب عفان من بلوقيا أن يجمعه بـ «ملكة الحيات» مقابل أن يجمعه هو بمحمد، وذلك لأنه من خلال ملكات الحيات يستطيع عفان أن يصل إلي قبر سليمان النبي ويأخذ من يده خاتمه، وتمتد رحلة بلوقيا وتتسع، وتشمل البحور والجبال، وتتنوع مقابلاته ويتكرر السؤال. وفي الليلة السابعة والسبعين يلتقي بلوقيا بجبريل شخصياً ويحكي له همه، ويخبره أن عفان أكد له أن محمداً يبعث في آخر الزمان، ولا يجتمع به إلا من يعيش إلي ذلك الوقت، ولا يعيش إلي ذلك الوقت إلا من شرب ماء الحياة، وهذا الماء لا يتوفر سوي بالحصول علي خاتم سليمان، فقال له جبريل: يا بلوقيا اذهب إلي حال سبيلك، فإن زمان محمد بعيد، ثم ارتفع جبريل إلي السماء. وفي الليلة التاسعة والسبعين يلتقي بميخائيل الملك الموكل بتصريف الليل والنهار، ثم يلتقي بالملك المسئول عن الأرض وكل أرض خلقها الله، ثم يلتقي مرة أخري في الليلة الثانية والثمانين بجبريل، ويفتح له بابا، في موضع تحت العرش، يقابل فيه ملائكة تسبح ويقولون له: إن هذا مكان تحت العرش، وان هذا البحر يمد كل بحر في الدنيا، ونحن نقسم هذا الماء ونسوقه إلي الأراضي، المالح للأراضي المالحة، والحلو إلي الأراضي الحلوة، وفي الليلة الرابعة والعشرين بعد الخمسمائة، تنتهي رحلة بلوقيا، حيث يفشل في مهمته، ويلتقي بالنبي الخضر الذي يعيده في خطوة واحدة إلي منزله في مصر.. والحكاية علي طولها تشير إلي عدة دلالات، الأولي تأكيد الراوي المسلم أن محمداً ذكر في التوراة والزبور وصحف موسي، والثانية أن رحلة البحث عن محمد تشبه كثيرا ، رحلة الإسراء والمعراج التي قام بها الرسول عليه الصلاة والسلام ، والثالثة أن الملامح التي نسبت إلي محمد بأنه يأتي مع آخر الزمان وقيام الساعة، هي أشبه بملامح المسيح المنتظر لدي اليهود، وهو الملك الممسوح بالزيت الذي يخلص اليهود من القهر والعبودية ويعيد بناء هيكل سليمان، وهذا المسيح غير المسيح الذي يعود تحت اسم المسيخ الدجال في الروايات الشعبية الإسلامية، وغير المسيح بن مريم في القصص المسيحي، كما أن صورة محمد الذي ينتظر ظهوره آخر الزمان هو نفسه المهدي الذي ينتظره الشيعة آخر الزمان، لكي يعيد العدل ويرفع الظلم حسب المرويات الشيعية. وفي ظني أن صورة النبي محمد التي يبحث عنها الشاب اليهودي تجيء في الليالي أقرب إلي الفكر الشيعي من غيره، وأغلب الظن أن صياغتها تمت من خلال أحد الشيعة، ويتضح من نص القصة أن مؤلفها لم يكن علي دراية بتاريخ مصر، حيث أشار إلي أن بلوقيا هو ابن أحد حكام بني إسرائيل الذين حكموا مصر، وكان حكمه هذا خلال وجود الديانة المسيحية، حيث يبدو واضحا التداخل الزمني، بين المسيحية والإسلام واليهودية، وأيضا التداخل بين شخصياتها المقدسة، فقد ذكرت شخصية الملاك ميخائيل، وهذا الملاك عرف في المسيحية كرئيس للملائكة، (دانيال 10 : 13)، (دانيال 10 : 21)، (يه 9)، (رؤ12: 7)، ووصف بالقائد الميداني لجيش اللـه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل