المحتوى الرئيسى

موجات غضب: بقلم امينة هنيئا

03/01 13:46

حركة غير عادية بالدول العربية ، انفجار قليل النظير ، إضرابات لأجل استرجاع حقوق مسلوبة، لا تساءل الحكومات بل تطالبها بالابتعاد ، إضرابات في بقاع من العالم العربي ، إما تعايش الحدث أو تساند بني جلدتها، ومثيلات هذه التحركات لم يكن لها أن توجد أو تولد إلا لمساندة الفلسطينيين أو الغزويين أو أطفال العراق . التقلبات والتوترات التي يخلقها شعب فتنتقل الشرارة إلى شعوب أخرى تجعلك تتسال أ أنت في الوطن العربي أم انك في كوكب أخر ، أخيرا نتواصل ونوصل شحنات نحملها كشعوب تنتقل رغما عنا منا والينا ، والحق ان المأساة التي عاشها الشعب التونسي و الشعب المصري و الشعب الليبي و الشعب اليمني ، تعدت مستوى الصبر بسنوات كثيرة ، وان ينفجر الشعب في بلد كردة فعل تلقائية يسعى من خلالها تحقيق نفس المطالب التي سعى الشعب الياسميني إلى تحقيقيها ، لن تتوقف عند عتبته بل لابد أن تصل تداعياتها إلى الشعوب الأخرى كالشعب المصري الذي تخطى عتبة الفقر وتعدت فيه الفوارق بين طبقاته ما يفرق السماء عن الأرض. إن مصر أكثر توجعا من أي بلد آخر، مصر بلد الفن والفنون وبلد الانفتاح و استيعاب الأخر، مصر عالم الشهرة والانطلاق ، وبلد العلم والإعلام ، لا يمكن أن يعيش شعبها الذي كسر القيود والطبوهات التي يعاني منها كل شعب عربي من الزمن الغابر إلى الآن، لا بد أن يكون شعب يحب الحرية ويسعى إلى الحياة الكريمة ، لكن الجوع لا يساعد على أن ينشغل الإنسان بالإبداع والعطاء بالقدر الذي ينشغل فيه بالهموم اليومية من توفير الآكل وتسديد الفواتير التي لا تلين ولا تنسى أن تدلل نفسها في كل شهر بزيادات متوالية ، ونستغرب أن تكون ردة فعل المصريين نتيجة لاحتقان شعب مجاور،لأننا تعودنا أن تكون مصر السباقة في كل شيء، لا أن تنتظر الياسمينيين الذين عانوا طول مدة استبداد الحاكم و قمعه للشعب بل وحظر حريات التعبير و الاعتقاد ، الشعب الذي تحمل ديمقراطية الحزب الواحد الحبيس حقبة الثمانينات ، الحزب الذي شجع على نهب المال العام وتهريبه إلى خارج البلاد . وهذه الجزائر التي تتوافر على مؤهلات طبيعية جد كبيرة تمكنها من أن تمنح لكل فرد حياة كريمة ، حياة ترضيه وتجعله متوافق تماما مع حكومة تعمل لأجله وتمنحه كل الاهتمام الذي يخلق التواصل وبالتالي الإنتاج في حب متبادل ، لا إنتاج مغصوب لا يكاد يختفي كلما حانت الفرصة لان يظهر في تظاهرات واستنكارات شعبية ثائرة ، انكسار طال الوالد والوليد ، طال التعليم والصحة و طال الحياة الكريمة . في حين أكد الشعب المختاري انه ما يزال يضم من ابنائه ألاف المختاريين، لان الحياة الكريمة ليست شعارا يلقى بالمنابر ، وليست مقولة يجند إليها من يوالي النظام ، ولكنها فعل يجب أن يمارس على ارض الواقع، فعل يرقى بالناس و يحول حياتهم من افصل لأفضل، خاصة إن كانت الدولة ذات موارد تجعلها فاعلا أساسيا في الاقتصاد العالمي ،و الشعب مغبون تحت وطأة اليد الفولاذية المغطاة بمنديل من حرير. إن الشعب التونسي شعب راق جدا، له مبادئ متقدمة وحضارية، لو ظهرت فإنها تظهر في كيفية تعامله مع الثورة ، شعب ناضل من اجل قضية لا من اجل أن يخرب دولة، رأينا كيف تعاون الشباب لتنظيف الشوارع ، وكيف أنهم نقلوا الحقائق إلى الإعلام كما هي بدون مبالغة ولا انفعالات لا واعية ، انه شعب ينقل تقدما غير مسبوق بين شعوب العالم العربي ، تقدم على مستوى المواطنة الحقة ، مواطنة نابعة من الدواخل، شعب يقول نرفض الديكتاتورية ، ونطلب الحرية، شعب يقول لا نريد رجل أو نظام ، لكننا نريد وطن للكل ، شعب تسامى عن العرقية والقبلية التي تنخر في عظم كل عربي، ليس لأنها وصمة عار ، فالهوية أمر لابد منه لكي تستمر الحياة ، و لكن لأنها أحيانا تلغي الآخر فقط لأنه لا ينتمي إلى ، بل تصل إلى درجة أن تعتبر قبيلة ما أنها شعب الله المختار، ان القبيلة رمز التضامن و التآزر ، والحفاظ على الهوية تحت وطأة العولمة وما مررته من أشكال الانعزال والفر دانية خاصة في المدن الكبرى، إنها السلاح دو الحدين ،لأنها من أسباب خلق النعرات والحساسيات بين أفراد الشعب الواحد والوطن الواحد، خاصة مع هذا الكم الهائل من الأميين و اللا واعين إلى خطورة المسالة، إلا الشعب التونسي الذي ينظر إلى نفسه ككيان موحد مكون لوطن لا يختلف فيه ابن فلان وعلان عن غيره في الحقوق والواجبات . هذه الثورات لابد أن تكون ايجابية ، وأكيد ستكون لها تابعات إما سلبية أو ايجابية ، ولكنها من حيث المبدأ تستحق رفع القبعة، لكن هل الشعوب الأخرى لها نفس القدرة على تجسيد النموذج التونسي ؟ هل لها القدرة على أن تحافظ لان الأمية المتفشية على الملك العام وتعتبره ملكا لها آم أنها ستأخذ منحى أخر ربما انتقامي أكثر منه مطلبي؟ هل الشعوب ترتقي إلى فهم معنى أن ترفض لأنك تعرف ما الذي ترفضه؟ أم أن الشعب مغيب تماما إلى حد انه يشارك في ما لا يدرك معناه ؟ و إن كانت معاناة الناس من قلة التعليم وتدني شروط الصحة بل و الإنسانية تفرض بالضرورة ردود أفعال لا يتوقع ما ستكون عليه، والخوف من أن تستغل مثل هده الفئات الواسعة داخل الأوساط الشعبية لأهداف تجهلها. إن هذا الطرح يجر إلى الذهن أمرا آخر، إذ يستفزك هذا التحول وهذه البلبلة السياسية التي تحركت بالعالم العربي دون غيره، وتطرح السؤال إن كانت إرادة خارجية تستهدف هذه الدول بغض النظر عن انتمائها العربي ؟ أو لأنها دول عربية ؟ أو أنها تتوخى أهدافا أخرى مبيتة؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل