المحتوى الرئيسى

بحد القلم‮ ‬أخلاقيات الثوار ومستقبل مصر‮ ‬

03/01 01:05

ثورة مصر تحتاج إلي دراسة شاملة من‮ ‬جوانب متعددة لعل أهمها أخلاقيات‮ ‬الثوار‮ .‬ولعل أهم النتائج التي يمكن أن نتوصل إليها من دراسة هذه الثورة إن الشعوب يتزايد التزامها بالقيم والأخلاق والشرف والكرامة عندما تكون أهدافها كبيرة وعظيمة،‮ ‬وعندما تتزايد الهمة والشجاعة‮ .‬إذا درسنا التاريخ العربي سنكتشف أن هناك ارتباطاً‮ ‬دائماً‮ ‬بين الفروسية والأخلاق،‮ ‬فالفرسان دائماً‮ ‬يتمسكون بالأخلاق ويدافعون عن القيم،‮ ‬ويكافحون لتحقيق أهداف عظيمة لكي يميزوا أنفسهم عن قطاع الطرق والقراصنة والمجرمين فتمسك الفارس بالأخلاقيات هو الذي يميزه ويعطي له الشرعية والقوة‮ .‬في ضوء تلك الحقيقة يمكن أن نتوصل إلي تفسير صحيح لسلوك ثوار مصر وهم يكافحون ضد الاستبداد،‮ ‬ويحاربون معركتهم السلمية ضد النظام وهم يتمسكون بأعلي وأسمي الأخلاقيات التي عرفتها البشرية‮ . ‬لقد كانوا فرساناً‮ ‬يدافعون عن الحرية،‮ ‬ويحاربون الطغيان والاستبداد،‮ ‬ويواجهون جهاز الأمن وبلطجية النظام‮ .‬وفي الوقت الذي كان فيه البلطجية يستخدمون أحط وأخس وأبشع أساليب الحرب،‮ ‬كان الثوار يدافعون عن ميدان التحرير وعن ميدان سيدي جابر في الإسكندرية مع الالتزام بأنبل الأخلاق‮ ... ‬وقد قام الثوار بأسر الكثير من البلطجية،‮ ‬لكنهم لم يقوموا بقتلهم،‮ ‬ولكن سلموهم لقوات الجيش‮ .‬وكانت هناك ظاهرة أثارت حيرة المحللين وهي أنه لم تحدث حالة تحرش واحدة بالرغم من وجود آلاف البنات،‮ ‬ولم يحدث أنه اشتكت إحداهن من أي سلوك لا أخلاقي ارتكبه شاب‮ .‬وكانت وسائل الإعلام قد نقلت في سنوات سابقة الكثير من الأخبار عن حالات تحرش جماعي في الأعياد وفي مناطق مختلفة من القاهرة خاصة ما يعرف بوسط البلد‮ .‬ولكن هانحن في ميدان التحرير،‮ ‬وهو قلب البلد وليس وسطه ولم تحدث حالة تحرش واحدة‮ ... ‬فهل تغير الشعب المصري ؟‮!.‬إننا يمكن أن نقدم تفسيرين لذلك هما أن حالات التحرش فيما سبق كان يرتكبها بلطجية النظام،‮ ‬وأن هؤلاء البلطجية الذين جمعهم النظام ليحاربوا الثوار كانوا هم الذين يتحرشون بالبنات بشكل جماعي في الأعياد‮ ... ‬وان المتحرشين جنسياً‮ ‬كانوا يحاربون في الجانب الآخر دفاعاً‮ ‬عن نظام يوشك أن يسقط بينما كان شباب مصر الأحرار يدافعون في ميدان التحرير عن الحرية والشرف والفضيلة‮.‬أما التفسير الآخر فهو أن الشعب المصري قد تغير بالفعل،‮ ‬وأن الثورة قد جعلت هناك هدفاً‮ ‬عظيماً‮ ‬لشباب مصر وهو الحرية‮ . ‬وأن الشباب أدركوا أنهم عندما يحررون مصر من الاستبداد فإنهم سيجدون لهم فيها مكاناً‮ ‬وعملاً‮ ‬وبيتاً‮ ‬ومستقبلاً‮ .. ‬وأن النظام الفاسد هو الذي حرمهم من حقهم في الزواج والعمل والحياة والحرية،‮ ‬فقرروا ان يدافعوا عن الحرية باعتبارها أغلي من الحياة،‮ ‬وباعتبارها مفتاح المستقبل‮ .‬الظاهرة الأخري أنه لم تحدث حالة سرقة واحدة في ميادين مصر التي كانت يتجمع فيها الملايين‮ .‬وقد يكون التفسير الوحيد لذلك أن الثوار كانوا يحاربون بالفضيلة والأخلاق ذلك النظام الذي قام علي أكتاف اللصوص الذين نهبوا ثروات مصر وهربوها إلي بنوك الغرب‮ .‬وكانت الرسالة واضحة وناجحة‮ ... ‬فالثوار يحاربون لصوص النظام وبلطجيته،‮ ‬وأنهم يؤكدون أنهم يستطيعون أن يبنوا مصر علي أساس الأخلاق والطهارة والشرف وأن لا مكان في مصر بعد اليوم للصوص،‮ ‬وأن الذين شاركوا في الثورة هم الذين يعتزون بوطنيتهم وشرفهم ونزاهتهم،‮ ‬بينما كان اللصوص الكبار يجمعون البلطجية ويدفعون لهم بعضاً‮ ‬مما نهبوه لكي يضربوا الثوار بالمولوتوف‮ .‬الرسالة الأخري التي وجهها ثوار مصر لكل العالم هي إن كل من‮  ‬يأتي إلي مصر بعد تحريرها من الاستبداد لن يتعرض للسرقة أو الغش أو التحرش وأنه سيكتشف أن شعب مصر أمين وشريف ويعتز بأخلاقه‮ .‬‮ ‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل