المحتوى الرئيسى

هواجس الأمن تلهب تونس

02/28 20:20

أحد المتظاهرين وفي يده بقايا قنبلة مسيلة للدموع بشارع بورقيبة (فيسبوك)   ماهر خليل-الجزيرة نت   تجددت أعمال العنف والتخريب في تونس خلال اليومين الماضيين مذكرة بالانفلات الأمني الذي رافق الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في الـ14 من يناير/كانون الثاني الماضي بعد ثورة عارمة هزت كامل أنحاء البلاد. الأمر الذي أثار تساؤلات عن الجهات التي تقف وراء هذه العمليات وسط تصاعد الشائعات وغياب المعلومة الدقيقة في هذه المرحلة الانتقالية التي كانت الضبابية السمة الأبرز فيها.   قبل يومين وتحديدا يوم الجمعة، قرر آلاف المعتصمين أمام مقر الحكومة بساحة القصبة وسط العاصمة تونس الخروج في مظاهرتين تتجه الأولى نحو مقر وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة، بينما تتجه الثانية نحو القصر الرئاسي في ضاحية قرطاج، في خطوة تصعيدية هدفها الانصياع لمطالبهم التي لم تجد لآذان الحكومة الانتقالية سبيلا، والتي كانوا أعلنوها قبل أسبوع عندما بدؤوا التوافد من كل حدب وصوب إلى القصبة.   وكان المعتصمون وأغلبهم من الشباب ينادون أساسا وقتها بإسقاط الحكومة المؤقتة التي يترأسها محمد الغنوشي باعتباره حسبهم أحد رموز النظام السابق، وتكوين مجلس تأسيسي يعوضها ويسير أمور البلاد ويسن القوانين ويعد لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد أشهر، إضافة إلى حل الدستور ومجلسي النواب والمستشارين وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا، وهي مطالب فشلت حكومة الغنوشي في تحقيقها بعد أكثر من شهر من توليها مهامها.   وطيلة أيام اعتصامهم كان الشبان منظمين يعبرون عن ما يختلج بصدورهم بشكل يوحي بأن الأمور لن تنزلق إلى التصادم مع قوات الأمن، لكن يبدو أن التحرك خارج ساحة القصبة مثل المنعرج الذي قلب الاحتجاج السلمي إلى اشتباكات دموية وأعمال تخريب ونهب وحرق لحقت بمؤسسات عمومية وأمنية ومراكز تجارية كبرى أساسا بشارع الحبيب بورقيبة والشوارع المتفرعة عنه بقلب العاصمة التونسية التي تحولت إلى ساحة حرب ومطاردات بوليسية.   من المصادمات يوم الجمعة الماضي في شارع الحبيب بورقيبة (رويترز)مواجهات دامية سقط في المواجهات العنيفة التي فاجأت الشرطة والمعتصمين المسالمين الذين توجهوا لشارع بورقيبة، خمسة قتلى بين المتظاهرين وعشرات الجرحى بينهم 19 رجل أمن، إضافة إلى تخريب كبير لحق بالممتلكات العامة والخاصة تواصل حتى ساعات متأخرة من ليل الجمعة رغم قرار حظر التجول بالشارع وساحاته الكبرى حتى مساء اليوم التالي، الأمر الذي غذى شائعات بتورط أجهزة أمنية على صلة بالنظام السابق في تلك الأحداث هدفها إدخال البلبلة والفوضى.   وخلال مؤتمر صحفي عقده أمس لإعلان استقالته على خلفية ذلك اليوم الدموي، ألمح محمد الغنوشي إلى ما سماها "قوى خفية" تسعى إلى إفشال الثورة التي حققتها بلاده، من دون أن يحدد أسماء أو ماهية هذه القوى. لكن راجت أخبار في تونس تفيد بأن متنفذين من النظام السابق يمولون مجموعات من المشاغبين، بهدف بث الفوضى وإشاعة الخوف بين الأهالي عبر مدن البلاد كان آخرها القصرين، ما من شأنه حسب اعتقادهم صرف النظر أو إثناء الحكومة الجديدة عن محاكمة رموز الفساد بالحزب الحاكم السابق.   ووسط غياب تام للمعلومة الرسمية رغم الانفتاح الواسع للإعلام الذي يبدو أنه ساهم عن قصد أو غير قصد في تعميق أزمة الثقة، تفاقمت الشائعات أكثر فأكثر إزاء مصدر هذا الانفلات الأمني، بين مرجح أنه من تنفيذ فلول أصهار الرئيس السابق من عائلة الطرابلسي، وبين قائل إنه من تخطيط ليلى الطرابلسي شخصيا التي سرت معلومات بأنها استقرت في ليبيا كقاعدة خلفية لتجنيد مأجورين ينفذون أعمال عنف مدروسة داخل تونس، مدعومة في مخططها من العقيد الليبي معمر القذافي الصديق الوفي لزوجها المنفي بأرض الحجاز.   نظرية المؤامرة وفي ظل هذه الضبابية التي وسعت إيمان شريحة واسعة من التونسيين بنظرية المؤامرة المحاكة ضد ثورتهم، ذهب أحد المحللين إلى إرجاع أعمال العنف إلى التحريض الواسع الذي أصبح "رياضة وطنية" تمارس يوميا على موجات الإذاعات والمحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية. واللافت في هذا السياق هو أن مجموعة على فيسبوك تطلق على نفسها "تكريز"، أصبحت محل إجماع على أنها المحرك الرئيسي لمثل هذه الحملات التحريضية بين الشباب.   بعض ممن قيل إنهم مشاغبون خلال مظاهرة أمام مدخل وزارة داخلية تونس (فيسبوك)وتضم مجموعة "تكريز" -وهو مصطلح من اللهجة الدارجة التونسية يعني "قلق"- عددا كبيرا من الشباب ضمن أعضائها، يدعون صراحة في واجهة صفحتهم على فيسبوك إلى العنف كوسيلة لتحقيق مطالبهم، رافعين شعارات يسارية مستوحاة من أسطورة المقاومة الثورية أرنستو تشي غيفارا، لكن على الطريقة التونسية. ومن بين الشعارات التي رددوها خلال المظاهرات "لا غاز لا كرطوش.. التوانسة ما يخافوش" في تحد معلن ومباشر للسلطة.   يشار في هذا الخصوص إلى أن وزارة الداخلية أعلنت اعتقال نحو مائتي شاب خلال اشتباكات الجمعة لا تتجاوز أعمار أغلبهم الـ21 عاما، كما أظهرت صور ومقاطع فيديو بثت على الإنترنت أن المشاغبين والمخربين الذين قيل إنهم يعمدون الاندساس وسط المحتجين السلميين، كانوا يرتدون نفس الملابس تقريبا حتى يتعرفوا على بعضهم البعض، مما يعني أنهم يتحركون بشكل ممنهج.   وفي انتظار نتائج تحقيقات بتلك الأحداث قد يطول أو يقصر انتظارها، يبقى الوضع الأمني كما السياسي في تونس، مرشحا -حسب مراقبين- لمزيد التأزم والتوتر، ولا سيما أن كل تونسي بات بعد الـ14 من يناير ناطقا رسميا باسم الشعب، وبين ليلة وضحاها من المدافعين الأشاوس عن البلاد والعباد باسم حماية الثورة من أبناء جلدته "الأعداء"، ما يوحي بأن التونسي الذي كان ضحية لجناة يحكمونه بالحديد والنار ويتباهون بقهره وظلمه جهارا نهارا، كأنما أضحى اليوم ضحية لمجرمين أشباح يقتلونه ويمشون في جنازته. أحد المتظاهرين وفي يده بقايا قنبلة مسيلة للدموع بشارع بورقيبة (فيسبوك) ماهر خليل-الجزيرة نت تجددت أعمال العنف والتخريب في تونس خلال اليومين الماضيين مذكرة بالانفلات الأمني الذي رافق الإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي في الـ14 من يناير/كانون الثاني الماضي بعد ثورة عارمة هزت كامل أنحاء البلاد. الأمر الذي أثار تساؤلات عن الجهات التي تقف وراء هذه العمليات وسط تصاعد الشائعات وغياب المعلومة الدقيقة في هذه المرحلة الانتقالية التي كانت الضبابية السمة الأبرز فيها. قبل يومين وتحديدا يوم الجمعة، قرر آلاف المعتصمين أمام مقر الحكومة بساحة القصبة وسط العاصمة تونس الخروج في مظاهرتين تتجه الأولى نحو مقر وزارة الداخلية بشارع الحبيب بورقيبة، بينما تتجه الثانية نحو القصر الرئاسي في ضاحية قرطاج، في خطوة تصعيدية هدفها الانصياع لمطالبهم التي لم تجد لآذان الحكومة الانتقالية سبيلا، والتي كانوا أعلنوها قبل أسبوع عندما بدؤوا التوافد من كل حدب وصوب إلى القصبة. وكان المعتصمون وأغلبهم من الشباب ينادون أساسا وقتها بإسقاط الحكومة المؤقتة التي يترأسها محمد الغنوشي باعتباره حسبهم أحد رموز النظام السابق، وتكوين مجلس تأسيسي يعوضها ويسير أمور البلاد ويسن القوانين ويعد لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بعد أشهر، إضافة إلى حل الدستور ومجلسي النواب والمستشارين وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا، وهي مطالب فشلت حكومة الغنوشي في تحقيقها بعد أكثر من شهر من توليها مهامها. وطيلة أيام اعتصامهم كان الشبان منظمين يعبرون عن ما يختلج بصدورهم بشكل يوحي بأن الأمور لن تنزلق إلى التصادم مع قوات الأمن، لكن يبدو أن التحرك خارج ساحة القصبة مثل المنعرج الذي قلب الاحتجاج السلمي إلى اشتباكات دموية وأعمال تخريب ونهب وحرق لحقت بمؤسسات عمومية وأمنية ومراكز تجارية كبرى أساسا بشارع الحبيب بورقيبة والشوارع المتفرعة عنه بقلب العاصمة التونسية التي تحولت إلى ساحة حرب ومطاردات بوليسية.  من المصادمات يوم الجمعة الماضي في شارع الحبيب بورقيبة (رويترز)مواجهات داميةسقط في المواجهات العنيفة التي فاجأت الشرطة والمعتصمين المسالمين الذين توجهوا لشارع بورقيبة، خمسة قتلى بين المتظاهرين وعشرات الجرحى بينهم 19 رجل أمن، إضافة إلى تخريب كبير لحق بالممتلكات العامة والخاصة تواصل حتى ساعات متأخرة من ليل الجمعة رغم قرار حظر التجول بالشارع وساحاته الكبرى حتى مساء اليوم التالي، الأمر الذي غذى شائعات بتورط أجهزة أمنية على صلة بالنظام السابق في تلك الأحداث هدفها إدخال البلبلة والفوضى. وخلال مؤتمر صحفي عقده أمس لإعلان استقالته على خلفية ذلك اليوم الدموي، ألمح محمد الغنوشي إلى ما سماها "قوى خفية" تسعى إلى إفشال الثورة التي حققتها بلاده، من دون أن يحدد أسماء أو ماهية هذه القوى. لكن راجت أخبار في تونس تفيد بأن متنفذين من النظام السابق يمولون مجموعات من المشاغبين، بهدف بث الفوضى وإشاعة الخوف بين الأهالي عبر مدن البلاد كان آخرها القصرين، ما من شأنه حسب اعتقادهم صرف النظر أو إثناء الحكومة الجديدة عن محاكمة رموز الفساد بالحزب الحاكم السابق. ووسط غياب تام للمعلومة الرسمية رغم الانفتاح الواسع للإعلام الذي يبدو أنه ساهم عن قصد أو غير قصد في تعميق أزمة الثقة، تفاقمت الشائعات أكثر فأكثر إزاء مصدر هذا الانفلات الأمني، بين مرجح أنه من تنفيذ فلول أصهار الرئيس السابق من عائلة الطرابلسي، وبين قائل إنه من تخطيط ليلى الطرابلسي شخصيا التي سرت معلومات بأنها استقرت في ليبيا كقاعدة خلفية لتجنيد مأجورين ينفذون أعمال عنف مدروسة داخل تونس، مدعومة في مخططها من العقيد الليبي معمر القذافي الصديق الوفي لزوجها المنفي بأرض الحجاز. نظرية المؤامرةوفي ظل هذه الضبابية التي وسعت إيمان شريحة واسعة من التونسيين بنظرية المؤامرة المحاكة ضد ثورتهم، ذهب أحد المحللين إلى إرجاع أعمال العنف إلى التحريض الواسع الذي أصبح "رياضة وطنية" تمارس يوميا على موجات الإذاعات والمحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية. واللافت في هذا السياق هو أن مجموعة على فيسبوك تطلق على نفسها "تكريز"، أصبحت محل إجماع على أنها المحرك الرئيسي لمثل هذه الحملات التحريضية بين الشباب.  بعض ممن قيل إنهم مشاغبون خلال مظاهرة أمام مدخل وزارة داخلية تونس (فيسبوك)وتضم مجموعة "تكريز" -وهو مصطلح من اللهجة الدارجة التونسية يعني "قلق"- عددا كبيرا من الشباب ضمن أعضائها، يدعون صراحة في واجهة صفحتهم على فيسبوك إلى العنف كوسيلة لتحقيق مطالبهم، رافعين شعارات يسارية مستوحاة من أسطورة المقاومة الثورية أرنستو تشي غيفارا، لكن على الطريقة التونسية. ومن بين الشعارات التي رددوها خلال المظاهرات "لا غاز لا كرطوش.. التوانسة ما يخافوش" في تحد معلن ومباشر للسلطة. يشار في هذا الخصوص إلى أن وزارة الداخلية أعلنت اعتقال نحو مائتي شاب خلال اشتباكات الجمعة لا تتجاوز أعمار أغلبهم الـ21 عاما، كما أظهرت صور ومقاطع فيديو بثت على الإنترنت أن المشاغبين والمخربين الذين قيل إنهم يعمدون الاندساس وسط المحتجين السلميين، كانوا يرتدون نفس الملابس تقريبا حتى يتعرفوا على بعضهم البعض، مما يعني أنهم يتحركون بشكل ممنهج. وفي انتظار نتائج تحقيقات بتلك الأحداث قد يطول أو يقصر انتظارها، يبقى الوضع الأمني كما السياسي في تونس، مرشحا -حسب مراقبين- لمزيد التأزم والتوتر، ولا سيما أن كل تونسي بات بعد الـ14 من يناير ناطقا رسميا باسم الشعب، وبين ليلة وضحاها من المدافعين الأشاوس عن البلاد والعباد باسم حماية الثورة من أبناء جلدته "الأعداء"، ما يوحي بأن التونسي الذي كان ضحية لجناة يحكمونه بالحديد والنار ويتباهون بقهره وظلمه جهارا نهارا، كأنما أضحى اليوم ضحية لمجرمين أشباح يقتلونه ويمشون في جنازته.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل