المحتوى الرئيسى

خادم الملك ..بقلم : عبدالرحمن هويش

02/28 16:17

خادم الملك قصة قصيرة بقلم : عبدالرحمن هويش ساءني جدا ما لقيت من جواب صديق طفولتي وقريبي ( حمدان ) الذي تركته بين يدي أصدقائي الخمسة الآخرين ، خرجت يدفعني الغضب أهيم في الطرقات ، كان يعز علينا أن نتركه ذليلا بين يدي الملك الظالم الذي يستغل حاجته هو ومجموعة من الشباب لمساندته في تثبيت أركان حكمه ، أردناه أن يكون معنا ، أن يشهد ثورتنا ويكون جزءا منها فلا يحسب بعدها على زمرة حكم انفض زمانها وبدأ وقت حسابها ، كان تردده واضحا ، حاول معه الجميع : • نريدك أن تكون معنا .... أن تترك هذا الطاغوت ، وتبعد نفسك عنه ... فتحسب معنا ...، قال فهيم . • كن حراً يا حمدان ... لا ترضى بان تكون عبدا يتبع غيره ...يرتهن بأوامره ... نريدك عونا لأهلك وذويك..... اترك هذا الملك الذي يظلم اهلك والجوع يقتلهم ، أردف حردان . • من سيكون الحاكم بعده ...، رد حمدان . • لم نسمي أحداً بعد ..، ما يهمنا اليوم هو أن نتخلص منه ... أن نتحرر ... ثم سنفكر .... وسنقرر من سيكون الحاكم ....، قلت موجها كلامي إليه وقد حرت بأسباب سؤاله فيمن سيكون الحاكم بعد الثورة . • أنا لن أكون معكم الآن .... ثوروا .... وقرروا ....وسموا حاكمكم وسأكون حينئذ معكم ...، رد حمدان بعد تفكير . مشيت لا جهة انويها ، تساؤلات عدة تدور في رأسي • لماذا يتردد حمدان في أن يكون معنا ... • ولماذا هو يتساءل عمن سيكون الحاكم بعد ثورتنا ... • أتراه يفكر في أن نختاره ليكون حاكمنا .... أن يجعل ثمن انضمامه معنا هو رئاستنا... • لا ... لا لا .. فانا اعرف حمدان ...هو لا يفكر أن يكون رأساً في كل أمر يشترك به ... هو يعمل دوما ظلا لغيره ... يقدم غيره ويعاضده ليكون العقاب ساعة الحساب برقبة من تقدم بينما ينعم هو بخيرات الرياسة التي عاضده عليها . • نعم هو منطق جبان ... أن يختفي خلف غيره ... ولا فكرة لديه ولا مبدأ ... مبدأه أن يستفيد ممن يعتبرهم ضحايا الغباء . • فلماذا إذاً يسأل عن حاكم ثورتنا .... هل يعقل أن يوشي به ... أخذني الطريق بعيدا ، مررت بقصر كبير ، ايواناته عالية ، حدائقه واسعة ، تتناثر فيها أشجار مختلفة الأشكال والألوان ، يلفها سياج حديدي بنقشات طيور وورود تسمح للمارة برؤية كل ما يحوي بين جنباته ، مررت بالقرب من الباب ، نباح كلاب يتصاعد ، سرّعت بخطواتي ، ونظري يتركز بين الأشجار ، استطلعت مكان النباح فهالني ما رأيت ، وانفطر قلبي لذاك المنظر ، الرجل يحمل سوطا ينزله بقوة على ظهر الكلب الذي حبسه داخل قفص ، السوط يحدث صريرا مدويا والكلب يعوى صائحا وكأنه يستنجد من ينجيه ، الرجل متباهيا بالسوط يعلو وينزل مسرعا و كأنه يعزف لحنا يطرب له جمهور عريض ، حاولت أن ابتعد مسرعا ، لاحقني صياح الكلب ، كان يتوسل ، كأنه يناديني ، يريد الخلاص ، وجدت نفسي ارجع إليه ، توقف صاحبه عن ضربه وهو يرمقني . • هل تبيعه ...، وجدت نفسي اعرض عليه . • ................ ، لم يجب فقد باغته بسؤالي ، كان كأنه يفكر بالعرض.. • هل تبيع هذا الكلب ...، أعدت سؤالي . • نعم ... نعم أبيعه .... خمسون ... أريد خمسون ألفا .... هل تقدر على دفعها . • اقدر ...اقدر ..، أجبت مسرعا وعيوني تتجه صوب الكلب الذي لازال يعن من الم الضربات . • أضربه لخطأ أخطأه .... أنا لا أتحمل أي خطأ .... كل ما ترى هنا يعيش وفق نظام ... ومن يخطئ يعاقب فورا.... ، قال لي ويده تؤشر صوب كلاب أخرى تجلس متأهبة على مقربة وكأنه يبرر لي ما رأيت من قسوته تجاه الكلب . جمعت كل ما في جيبي فما وجدت غير سبع وأربعون ألفا ، وعدته أن أكملها خمسين في يوم الغد فوافق على تسليمي الكلب ، طاوعني الكلب راكضا فرحا يحتك بأقدامي متملقا بعد أن ربطه لي بحبل يمكنني من السيطرة عليه . أخذت الكلب والفرحة تملاني ، أخيراً استطعت الخروج من شعوري الذي سببه لي حمدان ، أردنا تحرير الناس من ملك طاغي ، لكن حمدان أخر ثورتنا ، وها أنا ذا أحرر مخلوقا من نوع آخر ، صحيح انه كلب ، لكنه في النهاية نفسا يقتلها الظلم . ابتعدت عن القصر مسافة كبيرة فتوقفت ، نظرت إلى الكلب ، كان ينظر إلي متلهفا مستنفرا ينتظر أي إشارة مني، انحنيت إليه و فككت الحبل من حول عنقه . • أنت الآن حرا ... اذهب أنى شئت ...لن يعذبك احد بعد اليوم ..، كلمت الكلب كما لو انه يفهم ما أقول . وقف الكلب ينظر إلي ، كأنه لم يستوعب ما أقدمت عليه ، حاولت أن اجعله يمشي فلم يتحرك ، نهرته ليذهب متحررا من صاحب القصر ، ومني ، لكنه بقي مكانه ، يئست من حركته فتحركت أنا مبتعدا ، لحقني ، أسرعت مبتعدا ، ركض خلفي ، زغت منه في أول طريق صادفني ، دخلت في سوق كبير ، غبت عن ناظره ، تأكدت من إضاعته لي ، أحسست براحة كبيرة ، عدت إلى البيت وقد زال مني شعور السوء الذي كان مسيطرا علي . في اليوم التالي ذهبت إلى القصر لأعطي صاحبه الباقي من ثمن الكلب ، دخلت من الباب هذه المرة ، استقبلني صاحب القصر ملوحا بيده ، كان يلهو مع حيواناته المختلفة ، اقترب إلي ، كلاب تتراكض خلفه تجتهد كي تحتك بأرجله تملقا . • هل تعرف هذا ....؟ ، قال الرجل وأشار بيده إلى كلب تحته يحتك بقوة، نظرت جيدا ، انه نفس الكلب الذي اشتريته البارحة . • أليس هذا كلبي ...؟ ، قلت سائلا . • نعم هو كلبك .... لكن قل لي كيف هرب منك ... هل فككت قيده . • نعم ...نعم أنا فككت قيده ....... حاولت أن اجعله حرا ... الحقيقة قد ساءني ما رأيت من معاملتك له ،... فأردت أن اجعله حرا ... فأطلقت سراحه بعد أن اشتريته منك . • هااااه .... الآن فهمت ..... لقد عاد الكلب إلي بعد أن عرف انك تتخلى عن أن تكون سيده ... • ولمَ عاد إليك ....لمَ لمْ يعش حرا ..، سألته مستغربا . • هو لم يعتد الحياة بلا سيد ... في هذا الكون مخلوقات كثيرة اعتادت أن تعيش تحت وصاية سيدها.... فإذا ما تخلى عنها احدهم أو مات أو اختفى .... فهي تسرع لتجد سيدا آخر تنفذ له رغباته .... حريتها في عبوديتها ... هي لا يمكنها أن تدبر معيشتها دون أن يكون لها من يفكر مكانها .... هي مجبولة على أن تطيع ...وتتملق .... و تعمل بكد وإخلاص ... لكن أن تفكر ، فهذا من أمر سيدها ، وعليه يقع عاتقها ..... تفضل هذه نقودك خذها طالما أن كلبي قد عاد إليّ ..... ، مد الرجل يده إليّ بالنقود فاستلمتها منه وأنا أفكر بصديقنا حمدان الذي أجل أمر الانضمام لثورتنا حتى نسمي حاكمنا الجديد .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل