المحتوى الرئيسى

> الشباب ومصر المستقبل

02/27 22:17

منذ قرابة العام قمت بنشر مقال حول قضايا الشباب وسبل معالجتها، وعلي الرغم من أن الظروف السياسية في البلاد آنذاك كانت مختلفة عما هو عليه الحال الآن فإن ما تضمنه هذا المقال، الذي أثار الكثير من الجدل لتناوله لقضايا حساسة آنذاك، يفرض نفسه بقوة اليوم في أعقاب ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير الماضي، وعلي هذه الخلفية فإنني مازلت علي قناعة بأن التعامل مع هذا الملف المتصل بصناع الثورة يجب أن يستند إلي استراتيجية متكاملة تتضمن من بين محاورها الرئيسية العناصر التالية: محورية ملف الشباب وخطورته وحتمية التعامل الجاد معه من قبل النظام طور التشكيل الجديد لتجنب الانخراط في سلسلة من التوترات المتتالية التي تستند إلي القاعدة الشبابية العريضة في المجتمع، حيث يثير ملف الشباب، بشكل مباشر أو غير مباشر، المشاكل والتحديات التي يواجهها المجتمع كافة بمكوناته المختلفة من قبيل: بناء الإنسان، تكريس المواطنة، توفير فرص العيش الكريم، حماية الحق في الحياة، إتاحة الفرص لإشباع الحق في العمل، الحق في المشاركة السياسية بمستوياتها المختلفة، كيفية التعامل مع الأخطار التي تحيق بالبلاد سواء كانت نابعة من الداخل أو تفرض نفسها من الخارج. ضرورة التوجه بالخطاب إلي الشباب بأسلوب عصري يتضمن عرض الحقائق والإمكانيات المتاحة والأهداف المنشودة، حيث إن اقتصار الأمر علي الأساليب العلاجية الوقتية لبعض الظواهر السلبية، من قبيل البطالة وتدني مستويات الأجور، قد لا يكون الأسلوب الأمثل لتجنب توترات داخلية جديدة، وفي المقابل قد يكون من الأفضل إشراك الشباب في تحمل المسئولية من خلال الحلول الشاملة التي تهدف إلي معالجة جذور المشاكل وليس مظاهرها الخارجية، وبعبارة أخري فإنه في ضوء الأهمية الحيوية لقطاع الشباب، تتعاظم التحديات والمسئوليات الملقاة علي عاتق الجهات المتولية والمتابعة لكافة أبعاد هذا الملف سواء كانت حكومية أو حزبية أو منظمات المجتمع المدني، بما يفرضه ذلك من ضرورة التنسيق بينها والتكامل في أدوارها في إطار تحرك شامل علي المستوي القومي يكون الشباب عنصرا فاعلا فيه وليس فئة مستهدفة يتم تحديد مصيرها من قبل الآخرين. أهمية التركيز علي العبء الذي يقع علي عاتق الشباب في تحديد المسارات وتنفيذ التوجهات التي تتبناها الجمهورية الثانية في عملية التنمية والنهوض والبناء، خاصة وأنهم العنصر الرئيسي في إنجاحها وفي بناء المستقبل، فمع الدخول في حقبة جديدة يصبح الشباب، بالمفهوم الواسع، في قلب الحدث وشركاء في تحمل المسئولية؛ حيث إنه لا يمكنهم الاكتفاء بالقول بأنهم قاموا بدورهم في التخلص من نظام وتحميل النظام الجديد مسئولية التعامل مع الإرث الثقيل بملامحه وأبعاده المتشعبة التي تنعكس سلبا علي مستقبل الشباب، بل علي العكس من ذلك يتزايد حجم المسئولية الملقاة علي عاتق الشباب الذي يلزم عليه الابتعاد عن أنماط السلوك السلبية التي تبلورت علي مدار العقود السابقة من اللامبالاة والمحاكاة والاعتماد علي الوساطة في كافة مجالات الحياة، فالتغيير المطلوب يتجاوز مؤسسات الدولة بكثير ليشمل مكوناتها وعناصرها بما لهم من عقليات وتوجهات سلوكية، وحقيقة الأمر فإن الشباب لا يمثل شريحة واضحة ومحددة المعالم كما أنها لا تتصف بالتجانس المطلق، ومن هذا المنطلق تبرز ضرورة ترجمة النماذج الإيجابية التي ظهرت مؤخرا من القيام بحملات تنظيم وتجميل للشوارع والميادين إلي سلوكيات عامة لدي الجميع وألا تقتصر علي فئة واحدة داخل شريحة كبيرة من الشعب. إذا كانت ثورة الخامس والعشرين من يناير قد كشفت عن قدرة كبيرة علي التعبئة والتحرك ووزن كبير في التأثير علي المسار السياسي الداخلي في البلاد، فإن النتيجة المنطقية هو أن يتم استثمار هذا الثقل وتوظيفه بشكل حضاري وسلمي لتحقيق المصلحة العامة من خلال دمجه في الحياة السياسية البناءة. مع الانخراط المنتظر في نموذج جديد من نماذج الانتخابات يختلف بشكل جذري عما عهدته خلال عقود، يصبح من الضروري إعادة تشكيل الخريطة الحزبية القائمة، التي اتسمت بالاختلال والتشويه، ومن هنا تبرز أهمية بروز شخصيات وطنية تتصف بالنزاهة والإمكانيات والخبرة اللازمة لوضع برامج انتخابية يصطف الشباب وراءها انطلاقا من مصداقية قادتها من جانب، ومشاركة قاعدتها في رسم ملامح التحرك المقبل من جانب آخر بما لا يترك المجال مفتوحا أمام تيارات تدعم الانقسام انطلاقا من رؤي وتوجهات متضاربة تسعي لاستمالة الشباب، الأمر الذي يدفع كاتب هذا المقال، وغيره، إلي تكريس طاقاته وإمكانياته للمساهمة، ولو بقدر محدود، من خلال "ائتلاف مصر المستقبل" في توجيه المسار الجديد من خلال طرح برنامج سياسي محدد يتعامل مع مشاكل الحاضر بهدف الوصول إلي مستقبل أفضل.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل