المحتوى الرئيسى

حاتم حافظ : النصراني أم البريطاني

02/27 18:20

في عام 1910 اغتالت الحركة الوطنية بطرس باشا غالي بسبب مشروعه لتمديد امتياز قناة السويس أربعين عاما جديدة، فضلا عن إعادته قانون المطبوعات الذي يقضي بمراقبة الصحف ومصادرتها، ومن قبل ترأسه لمحكمة دنشواي التي قضت بإعدام وسجن وجلد عدد من أهالي دنشواي، وغيرها من المواقف التي كانت تصب في مصلحة النظام والاحتلال معا، وهو ما اعتبرته الحركة الوطنية خيانات متتالية للوطن.الحركة الوطنية اغتالت بطرس باشا غالي على يد شاب وطني في الرابعة والعشرين من عمره درس الصيدلة في سويسرا والكيمياء في إنجلترا يدعى إبراهيم ناصف الورداني. ولأن النظام المتضامن مع الانجليز ارتعب من تحول الورداني إلى بطل شعبي وهو ما كان يمكن أن يزيد من الحركة الوطنية حماسة فتمتد يد الوطنيين اغتيالا لعدد من رموز العمالة والخيانة فقد اقترح عدد من الموالين للانجليز الدفع بمجموعة كبيرة من المأجورين ليهتفوا “تسلم إيدين الورداني قتل بطرس النصراني” في محاولة لإظهار الأمر باعتباره اعتداء طائفيا، ما يترتب عليه تهييج الشعور الطائفي لدى المسلمين والأقباط والانشغال بالمشاكل الطائفية بعيدا عن قضايا الوطن الحقيقية، وصرف أنظار المصريين عن العدو المشترك لكافة طوائفهم وطبقاتهم.وعي المصريين فقط هو الذي خيّب خطة الانجليز وعملائهم فقد نزلت حشود المصريين للشارع للهتاف في مواجهة المأجورين “تسلم إيدين الورداني قتل بطرس البريطاني”، في محاولة للكشف عن سبب الاغتيال الحقيقي الذي لم يكن له أي بعد طائفي وهو ما فوّت على النظام تحقيق ما كان يرجوه من اللعب على الوتر الطائفي.تفهّم الحركة الوطنية لمخططات النظام دفع بالشاب الوطني القبطي عريان يوسف سعد للتطوع لاغتيال يوسف باشا وهبة رئيس الوزراء القبطي حتى لا يتم استغلال الأمر بإظهار الاغتيال كحادث طائفي فيكون تكأة للنظام ليقوم بتشويه الحركة الوطنية.ولأن التاريخ يعيد نفسه باستمرار كتلميذ خائب، ولأن الأنظمة المستبدة تكرر نفسها طوال الوقت ولا تستفيد من أخطائها، أقول إن الثورة المضادة سوف تشتغل الفترة المقبلة على الوتر الطائفي بنفس القدر الذي سوف تشتغل فيه على تشجيع الاعتصامات الفئوية والوقيعة بين الشعب والجيش لإلهاء الحركة الوطنية عن المضي قدما في طريق تحقيق مطالبها بتغيير النظام والانتقال بمصر إلى المكانة التي تستحقها ويستحقها شعبها.لقد هتف المصريون طوال أيام الثورة قائلين “من حق الكل يحلم مسيحي ولا مسلم” و”الجيش والشعب ايد واحدة” فإذا رأيتم في المعركة من يحاول تفريق وحدتكم مسلمين ومسيحيين مواطنين ورجال للجيش فافهموه حتى يخيب أمله.مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل