المحتوى الرئيسى

نظرة

02/27 12:52

هذا هو نص المادة الثانية بعد تعديلها من جانب الرئيس السادات في عام‏1980,‏ أما قبلها فقد كانت الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع وليست المصدر الرئيسي للتشريع‏.‏ لم يكن السادات ينوي أخذ التعديل الذي أدخله علي المادة الثانية بحرفيته‏,‏ وإنما كان فقط يريد المزايدة عبر التلاعب بالدستور بخصومه من الإسلاميين الذين زادت قوتهم في ذلك الوقت‏.‏ مات السادات اغتيالا علي يد الإسلاميين‏,‏ وتغيرت مصر كثيرا منذ ذلك الحين‏,‏ لكن المادة الثانية بتعديلها الساداتي مازالت قائمة‏.‏ ما ظنه السادات مجرد مناورة للالتفاف علي الإسلاميين‏,‏ أصبح بالنسبة لهم مكسبا لا يمكن التراجع عنه‏.‏ غالبية المصريين من المسلمين الطبيعيين لا يتعاملون مع المادة الثانية بشكل حرفي‏,‏ لكنهم متمسكون بقيمتها الرمزية‏,‏ ورأي هؤلاء ومشاعرهم يستحق الاحترام‏,‏ وهو ما فعله البيان الصادر عن قادة الكنائس المصرية بطريقة عكست حسا سياسيا ووطنيا عاليا‏.‏ بيان الكنائس المصرية يحسم موقف المسيحيين في مصر من المادة الثانية ويخرجهم من الجدل الدائر بشأنها‏.‏ ستظل هناك تيارات تطالب بتعديل المادة الثانية من الدستور‏,‏ وهذا حقها‏,‏ وسيظل بعض الأقباط يتبنون المطلب نفسه لكن كمواطنين مصريين لهم الحق في التعبير عن رأيهم‏,‏ وليس كممثلين للكنائس المصرية أو لعموم مسيحيي مصر‏.‏ قد تبقي المادة الثانية من الدستور كما هي بينما يتمتع المسيحيون في مصر بكامل حقوق المواطنة‏,‏ وقد يتم تعديلها بينما يتعرض المسيحيون لاضطهاد حقيقي‏,‏ فالأمر لا يتعلق بنص المادة نفسها‏,‏ وإنما بالطريقة التي يتم تفسيرها بها‏.‏ ففي مجتمع تسوده تيارات متعصبة سيتعرض الأقباط وكثيرون غيرهم للاضطهاد بغض النظر عن نصوص الدستور‏,‏ أما في مجتمع تسوده قيم التعددية وحرية الرأي والمعتقد فسيتم تفسير المادة الثانية بنصها الحالي بطريقة تتيح للمصريين جميعا حقوقا متساوية بغض النظر عن عقائدهم‏,‏ وهذا هو بيت القصيد‏.‏ فلنغلق باب النقاش حول المادة الثانية من الدستور‏,‏ ولنركز الجهد بدلا من ذلك علي نشر قيم الحرية والمساواة والعدالة والمواطنة‏,‏ فهذه هي الضمانة الحقيقية والأكثر قوة وفعالية من نص في الدستور‏.‏  

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل