المحتوى الرئيسى

إبراهيم ربيع يكتب: تسريبات المكالمات المسجلة.. يا ساتر يا رب

02/26 17:46

كنت ضيفاً فى برنامج "الرياضة اليوم" بقناة دريم مع المذيع اللامع خالد الغندور، وتحدثت كثيرا عن العلاج النفسى الشامل الذى وفرته الثورة لجموع الشعب المصرى المكتئب، بحيث لم يعد الكثيرون فى حاجة لزيارة عيادات الأمراض النفسية.. ومن فرط حماسى للثورة وفرحتى بنجاحها وتحقيق أحلام كبيرة لم تكن أبدًا فى الحسبان، كشفت عن رقم هاتفى المحمول لمن يريد من الوسط الرياضى أن يقدم أوراقا أو مستندات عن الفساد.. وبمجرد أن خرجت من الأستديو وجدت سيلا لا ينتهى من المكالمات تسببت فى عدم نومى لعدة أيام، وكان من الصعب عدم الرد عليها وإلا أصبحت بلا مصداقية.. وفوجئت بأن معظم هذه المكالمات بعيدة عن الفساد الرياضى وخاصة بفساد آخر متنوع.. ولفت نظرى أحد الأرقام الأكثر إلحاحا فى الاتصال وفى ردى الأول عليها سمعت صوتا نسائيا يبدو لى متألما يريد منى المساهمة فى العلاج.. ورغم أننى حاولت إقناع هذا الصوت بأننى معنى فقط بتلقى مستندات فساد رياضى.. إلا أن إلحاح هذه السيدة وما تحرك داخلى من إحساس بمسئولية إنسانية قلت لها: "ماذا تريدين ففوجئت بأنها تقول بصوت خافت "أنا ممكن أحولك فلوس".. فقلت لها فلوس: "إيه يا ستى".. فكررت العبارة مرة أخرى، ثم فهمت فى النهاية إنها ربما تريد أن تحول لى رصيدا من جهاز الموبايل الخاص بها.. ثم طلبت منى رقم خالد الغندور لتعرض عليه المشكلة فقلت لها سأغلق المكالمة لأبحث عن الرقم، ثم اتصل بك مرة أخرى وفعلت ذلك بالفعل واتصلت لأبلغها بالرقم لعل الغندور يستطيع مساعدتها، ففوجئت أيضا بأنها تكرر نفس الجملة: "ممكن أحولك فلوس" فبادرت مثل المرة الأولى وسألتها: "فلوس إيه يا ستى" ثم أغلقت الهاتف على الفور. كانت زوجتى بجوارى فسألتنى لماذا أنت غاضب ما دمت طلبت من الناس أن تتصل بك.. فحكيت لها الحوار.. وفوجئت بها تحذرنى من الرد عليها مرة أخرى ربما تكون مدفوعة من آخرين للإيقاع بك فى مصيدة تسجيل المكالمات وتركيبها وتوريطك.. وللحقيقة شعرت بالضيق والقلق.. خاصة عندما زاد إلحاح هذا الرقم يوميا ولمرات متتالية عديدة ومتواصلة لا تنقطع.. وطبعا لا أعرف إذا كانت هذه السيدة بريئة من ظنونى وظنون زوجتى أم أنها ترتب شيئا.. ثم على الفور تذكرت أن انطباعاتنا نحن الصحفيين دائما أن نتوقع مراقبة هواتفنا فى أى أحداث غير طبيعية، وما كان ينصحنى به زملاء من عدم الحديث فى أى قضايا خلافية مرتبطة بالسياسة أو العقائد أو النظام ورموزه حتى لو كان بين مجموعة من الأصدقاء المقربين.. فالأمر لا يسلم أن تكون من بين كل مجموعة نسبة ولو 1 % لها علاقة بأجهزة أمنية.. ولكن لأننى لم أكن يوما منتميا لأى اتجاه سياسى أو عقائدى أو حزبى ولا علاقة لى بأى حديث عن بلدنا وكيف يكون صالحا لحياة الناس.. لم أهتم بهذه المحاذير.. لكن خلال عملية تصفية الحسابات الدائرة الآن إبان الثورة العظيمة وما ظهر منها من تسريبات متعمدة لتشويش سمعة البعض أدركت أننى كنت مخطئا بالانفلات فى الكلام – طبعا قبل الثورة – وتعجبت أن يكون محظورا على المواطن العادى حسب القانون أن يقتحم خصوصيات الناس ويسجل مكالمة هاتفية ربما تستدعى قدراً من المناورة لتمرير فكرة مشروعة، بينما الجهة المناط بها حماية الخصوصية هى التى تجرح الخصوصية بالضبط مثلما توقفنى الشرطة وأنأ أسير عكس الطريق، بينما ألمح فى نفس الوقت سيارة شرطة تمارس نفس المخالفة دون أن يحاسبها أحد.. فهل أستيقظ يوما ليفاجئنى موقع إلكترونى بمكالمة مسجلة مع خطيبتى التى هى زوجتى الآن منذ 22 سنة، وما كان يتخللها من سخونة فى المشاعر تظهرنى أمام الناس رجلا مسخرة لا يستحق الاحترام، ولن يكون عنده دم لو ظهر مرة أخرى فى وسائل الإعلام يتحدث عن الفضيلة.. استر يا رب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل