المحتوى الرئيسى

الدعوة لانتخابات فلسطينية بين المرجو و تعقيدات الواقع السياسي بقلم: عبد الغفور عويضة

02/26 13:21

بقلم: عبد الغفور عويضة /رئيس التحرير في مجلة خارقة الجدار تتسارع الأحداث بشكل مضطرد في منطقة الشرق الاوسط لا سيما المنطقة العربية منه الامر الذي جاء معاكسا لكل التوقعات و المعلومات الاستخبارية، فقد سقط نظامان عربيان بالكامل في اقل من شهر، و هو امر ألقى بظلاله على الدول العربية و العالم بشكل عام و على القضية الفلسطينية بشكل خاص لما لها من ترابطات دولية و عربية خاصة في الاشهر الاخيرة فالمساعي الدبلوماسية الفلسطينية تجري على قدم وساق استعدادا للحصول على قرار من مجلس الامن يدين الاستيطان و تعمل على حشد الدعم الدولي للاعتراف في الدولة الفلسطينية في حال الاعلان عنها ، كذلك الحال بالنسبة للانقسام الفلسطيني الفلسطيني بين شقي الوطن قطاع غزة و الضفة الغربية الذي سيدخل عامة الرابع بعد اشهر و ما بذلته الدول العربية لا سيما مصر لانهاء هذا الانقسام من خلال الورقة المصرية المقدمة إبان عصر الرئيس المصري المنتحي مبارك، هذه التداعيات تركت القضية الفلسطينية بشقيها الفلسطيني الفلسطيني و الفلسطيني الاسرائيلي و قد غابت عن الساحة و بقي الحل بيد الفلسطينيين لقضيتهم الاساسية و صراعهم مع الاحتلال و القضية الداخلية المتمثل في صراع الحركتين الحاكمتين حماس القطاع و فتح الضفة، وسط اصرار كل من الطرفين على التمسك برايه و الاصرار على انه الشرعي كان قرار منظمة التحرير بلجنتها التنفيذية و باعتبارها الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني و الطرف " المحايد" بما تضمه مكن فصائل فلسطينية لا علاقة لها بأساس الصراع الدائر بين فتح و حماس و في ظل غياب او تعطيل المجلس التشريعي الفلسطيني، دعت المنظمة الى اجراء انتخابات رئاسية و تشريعية في موعد لا يتجاوز ايلول من هذا العام على امل ان يتم حل الصراع الفلسطيني الفلسطيني بهذا الاحتكام الى الشعب، غير ان الشعب الفلسطيني بطبيعته شعب مسيس لا يرى الا ما يراه قادته السياسيين او الإطار التنظيمي او الحزب الذي ينتمي اليه و هذه النقطة الاولى ،و هذا الامر قد حسم ففصائل منظمة التحرير قد وافقت على اجراء الانتخابات لا بل ان منها من يطالب بتعجيل اجرائها، و هذا الامر يقودنا الى العائق الثاني و الاكثر تعقيدا و يكمن في ان ما تهدف هذه الانتخابات الى التغلب عليه هو الانقسام الفلسطيني انقسام سياسي و جغرافي، فحماس تشكل ما يقارب 40% من الشعب الفلسطيني و هي ترى انها المنتخبة و الشرعية التي اتى بها ورضيها الشعب الفلسطيني حاكمة تستاثر بغزة التي سيطرت عليها بقوة السلاح الامر الذي اعتبرته الرئاسة الفلسطينية انقلابا عليها، و هناك حركة فتح التي تشكل ما يقارب 45% من الشعب الفلسطيني و التي تستاثر بالرئاسة للسلطة و المنظمة ايضا و حكم الضفة و تعتقد بذلك انها صاحبة الكلمة الاولى و الاخيرة و ترى انها حامية المشروع الوطني الفلسطيني و الحلم الفلسطيني بالدولة المستقلة . هذه الصورة تزيد الامر تعقيدا على الرغم من ان كل المؤيدات الخارجية داعمة للوحدة الان اكثر من أي وقت مضى كذلك الحاجة الداخلية الملحة لها الان اكثر و اكثر، و على الرغم من ان الدعوة الى الانتخابات حل ذكي طالما عابت حماس على سلطة عباس تاجله فان دعوة عباس هذه لا يمكن ان تجد قبولا او أذنا صاغية هذه المرة ايضا، ولا تمتلك الحل السحري لانهاء الانقسام او يمكن اعتبارها عصى موسى التي ستخرج الشعب الفلسطيني الى بر امان الوحدة من جديد، فاذا ما نظرنا الى الجهود التي بذلت منذ بدء الانقسام الى ما قبل سقوط النظام المصري من جهود قطرية و سعودية و جهود الجامعة العربية و غيرها و اخيرا الورقة المصرية نجدها كثيرة ونوقشت خلالها كل النقاط الخلافية و كانوا دائما يخرجون بتصريحات تفاؤلية ما تلبث بعد يوم او يومين لتتحول عن مسارها و تصبح تصريحات تحريضية و تخوينية و غدا الحوار حوار طرشان و بسوء نية و لسان حال العب يقول لقد اسمعت لو ناديت حيا. و بالعودة الى دعوة عباس فحماس لا توافق على اجراء هذه الانتخابات الا بعد ان تتم المصالحة و ينتهي الانقسام, و هذا الراي يبدو انه يروق في جانب من جوانبه لفصائل منظمة التحرير كالجبهة الشعبية و حزب الشعب و المبادرة الوطنية الفلسطينية و قوى اليسار الاخرى فان لم تكن المصالحة فان مطلب هذه الفصائل هو توفر الحد الادنى منها وهو ان تجرى هذه الانتخابات بعد ان تسود حالة من التوافق الوطني على اجرائها وهو حل وسط قد تقبل به حماس وفق شروط و ضمانات من عباس. وفي ضوء هذا الواقع الذي تشهده المنطقة العربية و خاصة مصر الراعية الاولى للمصالحة الوطنية الفلسطينية وسقوط الورقة المصرية بسقوط النظام المصري و التخلي الامريكي الواضح و انحيازه لاسرائيل الذي أصاب المفاوضات بنكسة كبيرة و كذلك الضجة التي سببتها وثائق المفاوضات السرية التي نشرتها الجزيرة و التي استقال على إثرها صائب عريقات، بسبب كل هذه التغيرات و الوقائع كان لابد من هذه الدعوة بعد تأجيلها لعام كامل حيث كان الاستحقاق الانتخابي في يناير من العام الماضي غير انها جاءت متاخرة في ظل ما جرى في مصر وهو امر اكسب حماس نوعا من الامل و اعطاها دفعة من الشعور بالقوة على امل ان تحتل جماعة الاخوان دورا بارزا في حكم مصر او ان يشعر الثوار بشعور اهل غزة فتميُل مصر كفة حماس بعد ان كانت في صالح عباس وهذا الامر قد يوحي لحماس ان الامور في تسير لصالحها فتهمل مطالب عباس او توافق عليها بعد ان يوافق عباس على شروطها و تحفظاتها التي توقفت عندها ولم توقع على الورقة المصرية وهو ام اعتقد انه استدعى من عزام الأحمد ان يصرح بان الورقة المصرية لم تعد قائمة . ان الوضع الفلسطيني المعقد اصلا يزداد تعقيدا ولا اعتقد ان الدعوة الى انتخابات او اجراء انتخابات ستحله فباعتقادي ان حله الفوري ينطلق من عدة منطلقات يمكن للجميع ان يحققها ، و المنطلق الاول يكمن في ان نفكر بعقلية فلسطينية صافية بعيدة عن النظر الى الخارج سواء اكان عربيا، إقليميا او دوليا، و هذا المنطلق يقودنا الى المنطلق الثاني و المتمثل في اصلاح منظمة التحرير الفلسطينية و هذا يقتضي تحييد السلطة بشكل كامل عن السلطة وان تكون لجانها مكونة من شخصيات مستقلة مع وجود ممثل حزبي واحد عن كل حزب و يكون دورهم مقتصرا على المراقبة و متابعة القرارات الصادرة عن اللجان و المساعدة في تطبيقها انطلاقا من الواجب الوطني، بحيث يكون أي قرار صادر عن هذه المنظمة قرارا دستوريا ملزما للاحزاب و السلطة على حد سواء فمثلا اذا قررت المنظمة اجراء انتخابات ما على الاحزاب و السلطة الا ان تقول سمعا وطاعة و بهذا يمكن ضبط التسيب و التمرد الحزبي و يوضع حدا لمقولة" كل يغني على ليلاه" ، وان تكون هذه المنظمة الجديدة هي المرجع وصاحبة القرار فيما يتعلق بالأمن القومي الفلسطيني و الثوابت الوطنية بعد ان يصوت عليها المجلس التشريعي، او بمعنى اخر ان تكون هي صاحبة الكلمة الفصل في الامور المختلف عليها فلسطينيا و التي تتعلق بالثوابت الفلسطينية وبذلك تكون فقط ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني و انا اعتقد ان الامر لو تم على هذه الصورة التي لاشك انها بحاجة الى تفصيل اكثر فان عباس لا يستطيع ان يدعو لانتخابات او يؤجلها في أي وقت يشاء كما ترى حماس، ولا تستطيع حماس او احزاب اخرى ان ترفض دعوة الانتخابات ، ومن هنا كان لابد من التغيير في أساسات و عقائد الحكم الفلسطيني فالمسالة ليست في ان تحكم حماس او ان تحكم فتح او ان يستلم السلطة عباس او فياض او هنية او عباس او سعدات لان المهم هو وجود نظام حقيقي بكل ما تعنيه الكلمة ليحكم ، هذا النظام يكون ملزما لان ما تمر به قضيتنا و مشروعنا الوطني لا يحتمل الدلع و/او التسكع الديموقراطي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل