المحتوى الرئيسى

متى سندخل القدس ؟ بقلم : محمد جرادات

02/26 13:50

في إطار تنسيقنا للقيام برحلة مدرسية إلى مدينة بيت لحم بغية الخروج من الروتين المدرسي القاتل كنتُ أتحدث لطلابي عن رحلتنا وعن الأماكن التي سنزورها في بيت لحم ، سنزور البلدة القديمة وكنيسة المهد وجامعة بيت لحم .... لكن أستاذ لماذا لا نزور القدس ؟ صُعقت من وقع هذا السؤال الغريب المعبر ، لا أذكر شعرت بالعجز حيال أي سؤال يسألني إياه تلاميذي طوال تدريسي لهم منذ ثلاثة أعوام ، كانوا يسألون دائما وأجيب يسألون عن المعلقات لماذا سميت ؟ وعنترة وعبلة كيف اجتمعا أخيرا ؟ وقيس هل جن حقاً بعيون ليلى ؟ وجرير هل مازال يكتب النقائض في قبره ضد الفرزدق ؟ وعن قصة المتنبي مع سيف الدولة و كافور أما زال يطمح بولاية هناك في العالم البرزخي ؟ والجاحظ شهيد الكتب تُرى أتشفع له الكتب يوم القيامة ؟ ولماذا لا نحرق كتبنا كما فعل أبو حيان التوحيدي عندما رأى أن زمن العلم قد فسد ؟ وماذا عن أمير الشعراء شوقي هل ما زال يرثي سقوط الخلافة في اسطنبول ؟ ودرويش أمات ناقماً على الشعب الفلسطيني حين تكلم عن ذاك الانقسام الاختزالي الذي حدث بين الضفة وغزة ، إذ قال حين سأله فلسطيني مجهول : وسألني : هل أنا + أنا = اثنين قلت: أنت + أنت أقل من واحد من يدخل الجنة أولاً ؟ من مات برصاص العدو ؟ أم من مات برصاص الأخ ؟ بعض الفقهاء يقول : " رب عدو لك ولدته أمك " كأن درويش يلعب دور بيدبا الفيلسوف حين كان يسأله دبشليم الملك عن أمور الحياة الكثيرة في قصص كليلة ودمنة ، إذ غالباً ما تبدأ تلك القصص بعبارة قال بيدبا الفيلسوف لدبشليم الملك " : أيها الملك الناصح الشفيق، والصادق الرفيق، إنما نبأتك بما فيه صلاحٌ لك " كم هي جميلة هذه الحكمة يا بيدبا لكن إذا قبلها ملكك دبشليم ترى أيقبلها حكام العرب ؟ ! أنا متيقن أنهم لن يقبلوها ولكن الشعب سيخلعهم ويعزلهم بالأحذية لا بالنصيحة والحكمة كما فعلت أنت يا بيدبا لأن حكامنا " لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون " لكن قصص كليلة ودمنة تلك حدثت في الزمان القديم أما ما يحدث في عالمنا العربي فما يزال يحدث حتى الآن . لكن ما الذي أخرجنا خارج النص ؟ سؤال دائماً اسأله لطلابي وأجيب عنه بأن الكبار لا يفضلون خروجنا عن النص لأن ذلك يزعجهم ويقض مضجعهم فلنكن بهم رؤوفين ، قد تكون إجابتي تلك من باب التهكم والسخرية . لنعود مرة أخرى لذاك النص ؛ نص السؤال المحرج لطالب بريء : متى سنزور القدس ؟ قلتُ أنني كنت أجيب عن كل ما يتعلق في الأدب العربي من أسئلة وأستفيض بالإجابة لكن لماذا عجزتُ هذه المرة ؟ لا أدري بماذا أجيبه ؟ أتكون إجابتي مثالية أم واقعية كما يدعي أصحاب الواقعية ؟ لكن في غمرة هذا المنولوج الداخلي الذي راودني اعترتني نشوة حين تذكرت نبوءة بن غوريون: ( سيموت كبارهم وينسى صغارهم ) أجل لقد مات كبارهم يا بن غوريون وخُلعوا وثارت عليهم شعوبهم لكن صغارهم لم تنسى أبداً ها هي تتذكر القدس في غمرة الصراع و التفسخ الفلسطيني في عتمة التهويد والحصار الذي تتعرض له القدس ليل نهار يذكرونها في جوارحهم حين يزورون مدينة أخرى من أخواتها وهاهم يثورون على كبارهم في تونس ومصر وليبيا واليمن والعراق وفي كل مكان في وطننا العربي الكبير الثائر وها أنا أجيب على ذاك السؤال الجميل بطريقة رومانسية مثالية تزعج الواقعيين الواقعين الساقطين والمخلوعين سأجيب و أقول سندخلها مُحَرِرين لا زائرين لنتبر ما علو تتبيرا سنشرفها فاتحين كصلاح الدين وسنجوس الديار قريباً يا عزيزي !!! هذا ليس كلاماً عبثياً أو مثالياً إنه وعد ربانيٌ في قرآنه الكريم .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل