المحتوى الرئيسى

تأملات في فلسفة الموت و الحياة بقلم: عبد الغفور عويضة

02/25 18:23

بقلم: عبد الغفور عويضة / رئيس التحرير في مجلة خارقة الجدار دائما من الموت تخلق الحياة، و من العدم ياتي الوجود، تلك حقيقة دينية سماوية كانت او ارضية، هذا الاعتقاد يقودنا الى العمل الدائم و الابتعاد عن كل ما نتصوره انه مستحل او صعب التحقيق في هذه الدنيا لانه في النهاية هناك حياة مهما تكررت" تجارب الموت" او تعددت وسائلة او الطرق المؤدية اليه،و هنا ابتعد كل البعد عن تشاؤم ميخائيل نعيمة و نوح النائحات و الوجوم الذي ما انفك يسيطر على حفاري القبور، و احتقر تلك السعادة البادية على وجوه صانعي الاسلحة الذين لم يقتنعوا بعد بان اسلحتهم ستبعث الحياة من جديد. تلك هي النظرة البشرية المحدودة للموت التي تولد لدى الكثيرين الجبن و الخضوع و الخوف الدائم، و في المقابل و عند من لا يحملون هذه النظرة نجد الاقدام و الشجاعة و الاصرارو التحدي، و هنا تبرز عندنا الحقيقة التي لم تعرف من اجلها ساعة الاجل وظلت في علم الخالق ، وبين محدودية هذة النظرة وشموليتها يكون الحكم على حياة الشعوب حاضرها ومستقبلها،رغد عيشها او ضنكه، سعادتها او تعاستها، فرحها او حزنها، خلودها او اندثارها. لقد ادركت اخيرا شعوبنا العربية هذه الفلسفة ( فلسفة الموت و الحياة)بعد عقود من الزمن سيطرت عليها النظرة المحدودة للموت نظرة الخوف و الجبن و الانهزامية فكانت ميتة رغم حياتها لتسير جنبا الى جنب مع دعوة ميخائيل نعيمة لاخيه، على الرغم من انها ظلت على مدار 1400 عام تدرك تلك النظرة الشمولية للموت و النابعة من عقيدتها و من حرص قادتها على الموت ايضا هذا الحرص جعلهم بامتياز قادة العالم على مدار هذه السنين الطويلة ، ذلك الحرص جعلهم يسيرون بخطوات ثابته نحو المجد و الخلود و ينتقلون من نصر الى نصر حتى نافسوا افلاطون في مدينته الفاضلة، فمن قال ان الناس على دين حكامهم؟ فقد صدق، ومن قال احرصوا على الموت توهب لكم الحياه؟ فقد صدق،الم يقل احدهم مخاطبا عدوا " ساتيك برجال يحبون الموت كما تحبون الحياة"؟ مثل هذه العبارات شكلت فكرا و عقيدة عندهم دون تردد أو تاخير فاحدهم قال أيضا" بخ بخ ما بيني و بيين ان ادخل الجنة الا ان يقتلني هؤلاء" تلك هي النظرة الى اشراقة الحياة القادمة من الموت، و هي الاشراقة ذاتها _و ان بدت مختلفة بين جنة السماء و جنة الوطن المحرر على الارض_ التي رافقت شعوبنا العربية في سيرها نحو الاستقلال بعد ان تكالبت عليها قوى الاستعمار الأوروبي في بدايات القرن الماضي’ و بتلك الاشراقة لم يبق مستعمر على أرضنا. غير ان نظرتنا الشمولية للموت و استلهام اشراقة الحياة منه بدت تصل الى النظرة المحدودة لاننا بتنا نعتقد ان لا حياة بعد حياتنا هذه ولا بديل عنها فركنا الى دعة الحياة و بات الخوف من فقدانها يسيطر علينا و غدا خوفنا من التقصير في جانب من جوانبها هاجسا في نهارنا و كابوسا يؤرق منامنا، رضينا بالحياة وغابت نظرتنا الشمولية للموت وتسرب الخوف الينا وغدت حياتنا كجحيم و باتت دنيانا كدنيا الحيوانات أو اقل شانا، وهي اقل شانا بالتاكيد و حاولنا بشتى الطرق الارتقاء بها غير ان خوفنا منها يقودنا الى الفشل في كل مرة فكان لا بد من العودة الى الاصالة لنظرتنا الشمولية الايجابية عن الموت و انطلق محمد البوعزيزي مذكرا بتلك النظرة لتستفيق تونس و تضيئ بنور ناره و تستفيق مصر و اليمن و البحرين وليبيا مع وجود محاولات للبعث نحو الموت في كل من المغرب و الجزائر و العراق، ثارت الشعوب العربية فكان حليفها النجاح في كل من مصر و تونس و سيكون في ليبيا، ان مجرد ثورتها و قولها لا، و رغبتها في الموت هو بحد ذاته نجاح لان التغيير يبدا من هنا ، و رغبات الشعوب لا تحكمها دساتير آو قوانين اذا ما رغبت في نقض العهد بينها وبين الحاكم ، ثارت الشعوب وهي على يقين ان وقود ثورتها سيكون شهداء و قتلى و جرحى و اسرى غير ان كل هذا لا يهم فبعد كل هذا الموت هناك حياة حقيقية، هناك انسان حقيقي مكرم عزيز، اليس في هذا التناقض تناغم رائع ؟؟ اليس في هذا التباين انسجام ؟؟؟ الا تعتقدون ان في هذا قمة التطابق و التالف؟ انه التباين الظاهري بين معنيين بينهما اعلى قدم من التكامل ؟ انها سمفونية الكون ترددها الكائنات بحزن حينا و بفرح احيان، انها نشيد الاله الصامت حينا و الصاخب احيان ، انها فلسفة الموت و الحياة. 23/2/2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل