خمس ساعات في ضيافة الجيش
لست غريباً علي هذا المبني. جئته من قبل مساء السبت السادس من أكتوبر لأحصل علي ترخيص لعمل تحقيق صحفي عن وجبة الطعام الساخنة. كيف تصل إلي الخطوط الأمامية وقت القتال؟ ثم ترددت علي المبني في الوقت الذي كان اللواء الدكتور سمير فرج مديراً له. وبعده اللواء أحمد أنيس. وهما الآن من رموز وقيادات المجتمع المدني في مصر.ها أنذا في الطريق إليه. ولكن في ظرف دقيق وخطير وأكثر من مهم. عندما جلست بجوار سائق التاكسي وقلت له الشئون المعنوية للجيش وأنا أتصور أن معرفة سائق التاكسي بالمكان قد تكون مستحيلة. ولكني وقبل أن أضطر للشرح ووصف الطريق. كان يعرف المكان وأوصلني إليه دون سؤال واحد. ولأننا في مصر أم الدنيا كان الجندي الذي يقف أمام ذلك القصر الذي لا حد لجماله في شارع صلاح سالم بلدياتي. مجند أتي من الضهرية مركز إيتاي البارود محافظة البحيرة. تعارفنا وتصافحنا وأخذت طريقي لمكان اللقاء.صاحب المكان مضيفنا هو اللواء إسماعيل عتمان. مدير الشئون المعنوية والمتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة. وهو يعبر عما يجول في خاطره بأقل الكلمات التي يمكن استخدامها. توسط المنصة اللواء محمد العصار. مساعد أول وزير الدفاع والمسئول عن ملف العلاقات الدولية. وهو قارئ جيد للصحف. وخاصة الأعمدة الصحفية. وهو لا يمر بعينيه علي الكلمات بسرعة. لكنه يدرك الفارق بين أول المقال ومنتصفه وآخره. واللواء مختار الملا مساعد الوزير. وكان مديراً للكلية الحربية. وهو صاحب عقلية قانونية مرتبة ومنظمة. بل يتذكر ما قاله في أول أيام الأزمة بالحرف كأنه نطق به منذ ساعة واحدة مضت.لم أكن في حاجة لطلب منديل الأمان لكي أقول ما عندي. حذرتهم من جيوش المنافقين. قلت لهم تمثلوا تجربة عبد الناصر عندما هتفت له بعض رموز النخبة: ربما كانت مصر في حاجة للمستبد العادل. لا تنسوا من وصفوا السادات: كبير العائلة المصرية. وهم من تحدثوا عن مبارك في عامه الأول مرددين قوله: الكفن لا جيوب له.حمدت الله أن اللواء الملا ذكر أمامي فيلم: أرض النفاق. وقال إنه مطلوب لهم نسخ منه. وقال اللواء العصار: نريد شوالين نملأهما بالنفاق المنتشر بين المصريين. لكي نرميهما في النيل. ربما كان مطلوباً لكل المصريين الآن حبوباً مضادة للنفاق. تبطل من مفعوله. وتقلل من آثاره الجانبية.استمر اللقاء من الثانية عشرة حتي ما بعد الخامسة. أكثر من خمس ساعات من الكلام. لم يستغرق ما قاله اللواءات الثلاثة في البداية أكثر من ربع ساعة. لكن هدفهم كان الاستماع إلينا. وبرحابة صدر أشهد وأعترف بها. لم تكن هناك خطوط حمراء ولا محاذير. وبعد كلام كل منا تناوبوا علي الرد علينا. بعبارات دقيقة وكلمات محددة تجعلني أعترف أنني خرجت من اللقاء وفي نفسي قدر من التفاؤل بالزمن الآتي. مع أنني لا أنتمي لحزب المتفائلين. ولا يستهويني النظر للجزء الملآن من الكوب.هذا بعض ما سمعناه منهم رداً علي ما قاله البعض منا:النائب العام استدعي حتي نيابات المرور لتكفي للتحقيق في قضايا الفساد.في البداية كان العمل في أمور الفساد يتم بناء علي بلاغات مقدمة للنائب العام بشرط وجود وثائق تؤكد ما هو مكتوب في البلاغ. الآن هناك الجهاز المركزي للمحاسبات. وأيضاً الرقابة الإدارية تعملان لتغطية كل ما تم من الفساد في المرحلة الماضية.الطلعة الجوية فوق ميدان التحرير لم يكن الهدف منها العدوان علي المتظاهرين. لو كان ذلك هو الهدف لحلقت فوق ميدان التحرير طائرات هليوكوبتر مسلحة.الكاتب ذو القارئ الواحد حالة لن تتكرر مرة أخري في مصر.قد لا تسمح ميزانية مصر الآن بتنفيذ رفع الحد الأدني للأجور. ويجب دراسة القرارات قبل أن تصدر والتمعن فيها بعناية تامة.هناك تفكير في تحديد سن من يرشح نفسه للرئاسة. وقد ينزل السن ما بين 35 و40 عاماً. وربما كان الحد الأقصي 60 عاماً. إنها مجرد أفكار مطروحة علي مائدة الدراسة. وسيكون هناك تأنٍ كامل قبل التوصل لأي شئ بصورته النهائية.ترك المدرعات ومعدات القوات المسلحة وأفرادها في الشوارع والميادين والساحات والمدن المختلفة لفترة طويلة قد يكون بالغ الخطورة.نرتب الآن للقاءات للحوار مع أحزاب المعارضة ولقاءاتنا الثلاث مع الشباب لن تكون الأخيرة.القوات المسلحة تتعاطف مع المصريين جميعاً دون النظر إلي اعتبارات المعارضة أو الموافقة وأي نشاط سياسي ممنوع تماماً داخل القوات المسلحة.الضغوط الوحيدة المسموح بأن ننصت لها وأن يكون لها تأثير علينا هي أصوات المصريين في مجموعهم الكلي.وزير المالية الجديد قال لا بد من تثبيت العمالة المؤقتة ولكن هل ستسمح الميزانية بذلك؟أوضاع الصحافة القومية المصرية الآن ستكون محل دراسة عميقة.عندما بدأ تعديل الدستور. بعض الأحزاب قالت إن لديها دساتير جاهزة ويمكن إرسالها لنا: ديلفري.بعد أن تنتهي لجنة التعديلات الدستورية. سيكون ما توصلت إليه محل بحث ودراسة ومناقشة مع تيارات أخري كثيرة في المجتمع المصري.لا نحابي أحداً علي حساب أحد مهما كانت الملابسات والظروف. ونحن ضد إقصاء أي قوة من المجتمع المصري. علي الأقل في المرحلة الانتقالية.المشير رئيس المجلس الأعلي أحال صف ضابط لمحاكمة عسكرية لأنه أطلق الرصاص علي ميكروباص في أطفيح بصعيد مصر.سيارات القوات المسلحة شاركت في نقل القمح من الصوامع إلي المطاحن لكي نضمن توفير رغيف الخبز في الأسواق دون أي إحساس بنقصه.قمنا بنقل أنابيب البوتاجاز من المخازن الكبري إلي أماكن التوزيع وحراسة بعضها الآخر حتي لا تشكو الناس من غياب هذه الأنابيب ونحن في فصل الشتاء.
Comments