المحتوى الرئيسى

معمر القذافي، أنا المجد وقائد الثورة بقلم:رشيد شاهين

02/24 17:28

معمر القذافي، أنا المجد وقائد الثورة رشيد شاهين أنا المجد وملك الملوك، أنا الثورة وقائدها، لست رئيسا تم تنصيبه لأقدم استقالتي من خلال ورقة "ارميها" في وجوهكم، سوف اقتل وسوف أدمر بنغازي كما فعل الأمريكي بالفلوجة في العراق، سوف اقطع الماء والكهرباء، سوف أعيدكم إلى العام 1952، هكذا خاطب "الأخ العقيد" أبناء الشعب الليبي في خطابه الأخير الذي شاهده العالم. التهديدات التي أطلقها الرئيس الليبي ضد شعبه، ليس بعيدة عن تلك التي أطلقها سيف الإسلام القذافي، وهي تشبه إلى حد بعيد تلك التي أطلقها وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر ضد العراق وشعبه خلال أزمة الكويت في العام 1990-1991، الفرق هنا هو أن بيكر هو ممثل أميركا عدو الأمة كانت وما زالت وستبقى. ليس من المعتقد أن أحدا بهذا العالم قد تفاجأ بما قاله العقيد معمر القذافي، فلقد كان الرجل وسيبقى، محل جدل كبير في كل تصرفاته وأفعاله وأقواله، لقد كان دوما يتحدث خارج المألوف وبعيدا عن السياق، ومن هنا يمكن القول انه كان لافتا بكل تصرفاته التي من خلالها حاول أن يصنع من نفسه "ظاهرة" لافتة للانتباه، ومن هنا أيضا كان ينظر إلى أفعاله وأقواله الفريدة بشكل يبعث على العجب أحيانا، والإعجاب أحيانا أخرى. وصفه الرئيس الراحل أنور السادات الذي ابتليت به الأمة، في أكثر من مناسبة "بالمجنون"، ترى هل هو كذلك؟ ليس صدفة ولا من الغريب أن تبادر وأن تتسابق وسائل الإعلام إلى محاولات تحليل شخصية الرجل، عبر مقابلات صحفية مع اخصائيين نفسيين في العديد من بقاع الدنيا، حيث كانت ردة فعله " القذافي" غير مسبوقة ولا مبررة، وربما يمكن القول إنها كانت قريبة بشكل أو بآخر من ردة فعل الرئيس المصري حسني مبارك، الذي بدا غير مصدق لما يجري حوله، وانه لا يفهم أن يثور شعب مصر مطالبا إياه بالرحيل، بعد أن قدم ما قدم " كما يعتقد"عبر فترة حكمه التي امتدت لثلاثة من العقود، أخذ هذه الدولة التي قال عنها "وهي كذلك" إنها تمتد إلى آلاف السنين، نحو التطور والرفاهية والازدهار كما قال. برغم ما كان يبدو من صدمة على الرجلين، إلا أن حسني مبارك "أخذها من قصيرها" وسافر إلى شرم الشيخ، برغم ما قد يقوم به من خلال تواجده في هذا المنتجع الجميل، إلا أن "رجلنا" في طرابلس، لم يستوعب الأمر، وصار يهدد ويتوعد شعبه بالويل والثبور وعظائم الأمور، وكان من البيٌنِ انه فقد توازنه، من خلال ما أطلقه من تصريحات، لا يمكن أن تصدر إلا عن رجل فاقد للأهلية والبوصلة، ولم يرقَ إلى ما فهمه "حسني"، ومن انه لم يعد هنالك أية إمكانية للبقاء في "الديمو كراسي"..... لكن لماذا يثور الشعب الليبي؟ أو ليس هذا هو السؤال الذي يدور في رؤوس الكثير من المتابعين والمراقبين، وكذلك في أذهان أولئك الذين ما فتأو يخونون الثوار في مصر وتونس وغيرها، ومن أن هؤلاء "الثوار الشباب" ليسوا سوى أدوات في أيدي المخابرات الغربية، ومن أنهم ليسوا سوى أحجار دومينو يتم تحريكها دون علمهم في "أحسن الأحوال"، في محاولة من هؤلاء" المراقبين والمتابعين" ومن خلال نظرية المؤامرة التي أصبحت حالة " مرضية" لديهم، التشكيك في كل ظاهرة أو محاولة للتغيير أو الخروج عن المألوف، وكأنما هم يقولون، بأن هذه الأمة أصبحت عاقرا، لا إمكانية لصلاحها أو تقدمها أو حتى ثورتها على جلاديها. من المعيب أن تخرج علينا بعض وسائل الإعلام لتقدم من تقول بأنهم خبراء في الشأن الليبي بينما لا يعرف هؤلاء العدد التقريبي لشعب ليبيا، أو مساحة الدولة الليبية أو تركيبة المجتمع الليبي، لأنهم يشوهون الحقائق، وفي أحسنها يدلون بمعلومات غير دقيقة تسبب الإرباك للمستمع العادي وغير العالم بأحوال ليبيا. من الواضح أن الشعب الليبي عندما بادر بالثورة، فإنما هو يريد الانتقام لكرامة تم هدرها على أيدي النظام وأجهزته القمعية على مدار عقود أربع، ذاق خلالها كل أنواع الهوان والإذلال والتجهيل والتخريب والإفساد، ولم يكن أفضل حالا من الشعوب العربية الأخرى التي لا بد لها من أن تثور على جلاديها في فترة لن تطول. لقد قيض لي أن أسافر إلى ليبيا في التسعينات من القرن الماضي، وكان قد مضى على حكم "الأخ العقيد" في ذلك الوقت ما يزيد على العقدين من الزمن، لقد شكل ما رأيته والزملاء الذين رافقوني في تلك الزيارة، صدمة لا يمكن أن تمحوها طول الفترة، فلقد وجدنا بلدا متهالكا ينخره الفساد والتخلف والأمية والجهل والخراب المبرمج، سياسة واضحة جلية تبغي إبقاء أهل البلاد في حالة من العوز والحاجة والتردي لا يمكن فهمها سوى أنها تأتي من اجل الخلود في الحكم "للأخ القائد". عندها نزلنا في فندق من فنادق الدرجة الممتازة، لم نجد ماء للشرب، كان الماء مالحا وكنا نضطر إلى الذهاب إلى مدينة مصراطة من اجل التزود بالماء الحلو للشرب، كانت الشوارع الفرعية في وسط العاصمة طرابلس غير "مسفلتة، معبدة" وحالة من الفساد والرشوة غير مسبوقة في بلد يفترض انه يعوم على بحيرة من النفط، وكانت أحوال البلاد لا تسر عدوا ولا صديقا، في ذات الوقت الذي كنت تشاهد أينما توجهت صور القائد باني النهر العظيم"، الذي لم يكن سوى أنابيب تحمل المياه من الواحات إلى مدن الشمال، مشروع كلف الخزينة الليبية عشرات المليارات من الدولارات ولم يحقق المراد منه، مشروع كما تقول ويكيبيديا إن كمية الاسمنت المسلح المستخدمة فيه، تكفي لتعبيد طريق من الخرسانة تمتد من مدينة سرت في ليبيا إلى بومباي في الهند، بينما كان بالإمكان بناء عشرات إن لم يكن مئات محطات لتحلية مياه البحر بتكلفة اقل تعمر لفترة أطول. لماذا يثور الشعب الليبي؟ سؤل من الواضح إن معمر القذافي لم يسأله لنفسه قبل هذه الثورة، سؤال آخر،هل يمكن أن يثور الشعب الليبي؟ ولأن القذافي ذهب بعيدا في غيه وضلاله، لم يكن ليتبادر إلى نفسه وعقله مثل هذا السؤال. أما السؤال الحقيقي فيجب أن يكون لماذا لا يثور الشعب الليبي؟ ولماذا لا تثور الشعوب العربية كلها من المحيط إلى الخليج؟ لم لا تمتد الثورة إلى بقاع امة العرب؟ القذافي الذي كان يهدد الشعب الليبي، لن يهرب بتقديرنا مهزوما كما فعل زين العابدين، ولن يلجأ إلى منتجع ساحر كما فعل حسني مبارك، فهو بنرجسيته، لا زال يعتقد بأنه المجد وانه الثائر العظيم وانه الثورة، وهو بتركيبته وشخصيته لن يفر من المواجهة، فهو لا زال يتذكر لا بل مسكونا بتجربة عمر المختار، ولا زالت الطريقة التي توجه بها الراحل صدام حسين إلى المقصلة في مخيلته، وليس بعيدا انه يريد أن يتماها مع الرئيس العراقي في ذهابه إلى المقصلة ثابت الخطوة رافع الرأس، لكن من الواضح أن القذافي لا يدرك أن التجربتين مختلفتين، وان صدام حسين ليس معمر القذافي كما ان عمر المختار ليس ملك الملوك وإنما شيخ الشهداء وقائد الثوار الذي ستظل سيرته في ذاكرة الأجيال، بينما سيذهب القذافي إلى أي مكان لكن ليس الى المجد الذي تحدث عنه في خطابه الأخير. 24-2-2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل