المحتوى الرئيسى

عود الند بقلم عبد الجليل العباسي

02/24 00:51

عود الند بقلم عبد الجليل العباسي قد كان الشعراء في الزمن الغابر- ولا زالوا – جمرا يحترق كي يضيء للسائرين في الظلام الطريق،فيهتدي السائرون إلى طريقهم وتذرو الرياح رماد الشعراء بعيد الحريق ... كانوا هكذا كالشمعة تفني ذاتها لأجلنا ، وظلوا كذلكم يوصفون وبهذه الشمعة المضحية يشبهون ، حتى أتى رجل من الغرب يدعى أديسون باختراع عجيب وكل ما في الدنيا عجيب ، لكنكم ألفتموه فما عدتم منه تعجبون ، وبعد هذا الإختراع لم يعد لائقا تشبيهنا-معاشر الشعراء- بالشمعة لأن المصباح يضيء أكثر من الشمعة دون احتراق ، فاحتراق الشمعة إذن واحتراقنا محض جنون ... فصرنا نشبه بعود الند ... ليس يحترق ليضيء سبيل أحد لكنه يحترق ليفنى ويبقى عبيره ،ومع العبير دخان لطيف يحاول حجب شيء من نور ذلك المصباح الذي أزاح الشموع فألزمنا بهذا التشبيه ... يضيء نور المصباح المكان غير مبال بهذا الدخان فأتساءل:هل مصباح الحداثة هذا يرينا الأشكال والألوان على حقيقتها ؟ ومن قبل اهتدائي إلى جواب عن السؤال يلزمني عود الند بالعودة إليه إذ أبصره قد أوشك على الانقضاء ... يفنى عود الند في حضرة طفل يلعب غير مبال بفناء العود، لكنه ينتبه إلى وجود الدخان فيحاول – عبثا- إمساكه بيديه دون جدوى وأكثر الكبار يشبهون هذا الصغير حينما يطاردون السراب. أو يفنى في حضرة شيخ صوفي في زاوية يرى أن مقام الفناء لا يليق بعود الند ولكن به حين تفنى ذاته في ذات الإله. يفنى عود الند في حضرة شيخ أو طفل...المهم أنه يفنى كما كل الأشياء تفنى انقضى عود الند وصار رمادا ، ولا زال في الجو شيء من عبيره فلا تنكروا موته في هذا السبيل ،ولا تحسبوا أنه جاد بالشيء القليل فليس قليلا إذا جادت يداك بكل ما ملكت يداك .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل