المحتوى الرئيسى

البحرين.. سؤال ديمقراطي آخر! بقلم:جواد البشيتي

02/24 00:48

البحرين.. سؤال ديمقراطي آخر! جواد البشيتي الثورة (الشعبية الديمقراطية) العربية الكبرى، والتي تتَّخِذ من مصر، بحكم موقعها وثقلها ومكانتها، مَرْكزاً لها، تشتعل الآن في كثيرٍ من الأطراف؛ وربَّما تنتصر، عمَّا قريب، في ليبيا، منهيةً، وإلى الأبد، نظام حكم عربي دكتاتوري استبدادي آخر، ومقيمةً اتِّصال جغرافي بين الثورتين التونسية والمصرية (غير المكتملتين بعد). أمَّا في البحرين فنرى الثورة نفسها تقريباً، أو من حيث المبدأ والأساس، مع شيء من التباين والاختلاف، والذي يسمَّى "الخصوصية"، فالبحرين هي الدولة العربية الصغرى، من حيث المساحة؛ وهي "المملكة" الوحيدة المشمولة بالثورة حتى الآن؛ مع أنَّ نظام الحكم الرئاسي في البلاد العربية فَقَد كثيراً من أوجه الفرق الجوهري بينه وبين نظام الحكم الملكي إذ أخذ بأبدية الرئاسة وبالتوريث. وفي هذا الزمن العربي الشعبي الثوري الجديد، والذي على وضوحه، شعاراً ومطلباً وقضيةً ونهجاً، قد تختلط علينا بعض الأمور وتلتبس؛ وجلاءً لها وتوضيحاً، لا بدَّ من التذكير بالفرق الشكلي بين "الجمهورية" و"الملكية"، فالفرق بينهما هو فرق في الشكل وليس في المحتوى؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ نظام الحكم نفسه يمكن أنْ يكون في شكل جمهوري أو في شكل ملكي. واستكمالاً أقول أيضاً إنَّ "نظام الحكم الديمقراطي" و"الجمهورية" ليسا بصنوين، أو توأمين، أو شيئين متلازمين؛ فهذا النظام يمكن أن يكون ملكياً أيضاً. وأحسب أنَّ البحرين ستجيب قريباً عن سؤال "كيف تتحقَّق المزاوجة بين الديمقراطية والملكية؟". وأحسب أيضاً أنَّ البحرين، قبل أن تجيب عن هذا السؤال، ومن أجل أن تجيب عنه بما يَرْفَع التناقض (العربي) بين "الديمقراطية" و"الملكية"، سَتَحِلُّ، ديمقراطياً، أي بما يتَّفِق كل الاتِّفاق مع القيم والمبادئ العالمية للديمقراطية، إشكالية "المواطَنة"؛ فإنَّ وجود غالبية سكَّانية شيعية (عربية في المقام الأوَّل) مع وجود مواطنين من أصول عربية (عمانية وسعودية ويمنية) وأصول غير عربية (إيرانية، وهندية، وباكستانية، وغربية) لا يتعارَض، ويجب ألاَّ يتعارض، مع جَعْل الديمقراطية جوهر وأساس وقوام العلاقة بين الحاكم والمحكوم في مملكة البحرين، فـ "المواطنة" في المجتمعات الديمقراطية، وفي الدول ذات أنظمة الحكم الديمقراطي، أكانت جمهورية أم ملكية، لا تعترف إلاَّ بالحياد موقفاً (تقفه الدولة) من التباين والاختلاف في الدين والعقيدة والعرق والجنس واللون.. المواطِن البحريني، في مملكة البحرين الحديثة، أي التي قيد الولادة، على ما أتوقَّع وأرى، يُمكنه أنْ يحصل (مثلاً) على الجنسية الإيرانية أيضاً، إذا ما سمحت له القوانين البحرينية والإيرانية بالاحتفاظ بالجنسيتين معاً، أو بالتخلِّي عن جنسيته البحرينية من أجل الحصول على الجنسية الإيرانية، إذا ما فرضت عليه ذلك القوانين نفسها؛ فإنَّ "المواطَنة"، في هذا الزمن العالمي الجديد، تحرَّرت من قيود "الوطن" بمفهومه الفلاَّحي القديم، أو "الدولة القومية"، التي أخلت (وتخلي) المكان للدولة متعدِّدة القومية (والعرق والجنس واللون..). وإنَّ وجود غالبية شيعية بين المواطنين في البحرين يجب ألاَّ يكون سبباً لمسخ "المواطَنة" من خلال استحداث تمثيلاً حُصصياً للمواطنين (نظام "الكوتا"). البحرين الجديدة، ومن وجهة نظر ديمقراطية، لا تحتاج إلى التحوُّل من ملكية إلى جمهورية؛ فإنَّ جُلَّ ما تحتاج إليه هو المزاوجَة بين "الديمقراطية" المعمول بها في الغرب و"الملكية". و"خريطة الطريق" إلى هذا التحوُّل الممكن والضروري والمفيد للبحرين (شعباً ودولةً) باتت واضحة جلية، المعلوم منها أكثر كثيراً من المجهول. والسير في هذه الطريق، وبحسب "خريطتها"، إنَّما يبدأ بتمكين الشعب من ممارسة الحقوق والحرِّيات السياسية والديمقراطية والمدنية العالمية، توصُّلاً إلى الانتخاب الحر لبرلمان يمثِّل الشعب تمثيلاً حقيقياً (أي سياسياً). ومن هذا البرلمان تنبثق حكومة تمثِّل الغالبية البرلمانية، وتتجسَّد فيها "السلطة التنفيذية"، فيصبح ممكناً، عندئذٍ، جَعْل "السلطة التنفيذية"، أو "هذه السلطة التنفيذية"، الموضع الذي فيه يمارَس مبدأ "تداول السلطة". وهذا إنَّما يعني، وعلى ما أوضح البحرينيون، أنَّ تداول السلطة يشمل السلطة التنفيذية المتأتية من طريق الانتخاب الشعبي الحر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل