المحتوى الرئيسى

هل تكون النقابات المستقلة السبيل لاحتواء الاحتجاجات العمالية؟

02/23 10:58

 شهد الشارع المصري موجة عارمة من الغضب العمالي المطالب بعدالة أكبر في الأجورتصوير: إيمان هلال بحثا عن العدالة الاجتماعية التى كانت أحد أركان ثورة الخامس والعشرين من يناير شهدت البلاد عشرات الاحتجاجات العمالية فى الأيام الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسنى مبارك واستمرت لأيام بعد التنحى، مطالبة بالعدالة فى مستويات الأجور وظروف العمل، ويرى عدد من الخبراء أن السماح بتشكيل نقابات مستقلة قد يساهم فى احتواء المطالبات العمالية، حيث سيخلق مناخا تفاوضيا أكثر تنظيما بين العمال وأصحاب العمل.«هناك حاجة للسماح بنقابات حرة تمثل العمال والتى يستطيعون من خلالها التفاوض على حقوقهم بشكل مؤسسى مع أصحاب العمل»، كما يرى مجدى صبحى، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، معتبرا أن «الطابع المؤسسى فى التفاوض يخلق مناخا أفضل للعمل والإنتاج»، على حد قوله، مستشهدا بألمانيا التى يُعقد بها اجتماعات سنوية بين العمال وأصحاب العمل لتحديد الأجور فى ضوء معدلات التضخم المتوقعة لكل عام. وهو ما أكده سامر سليمان، أستاذ الاقتصاد السياسى بالجامعة الأمريكية، الذى يرى أن «النقابات المستقلة حق أساسى فى أى بلد ديمقراطى كونها تعبر عن احتياجات الطبقة العاملة»، مضيفا أنه «من المهم أن تنتقل الحركة العمالية من مرحلة الاحتجاجات الحالية إلى تشكيل قيادات تعبر عنها، حيث لا تعبر النقابات الحالية عن كل العمالة»، برأى سليمان.ويدلل الخبير على كلامه بأن نسبة كبيرة من عمالة القطاع الخاص والحرفيين ليست ممثلة فى هذه النقابات، كما أن قيادات الاتحاد العام للنقابات العمالية الحالية لا يتم انتخابها بشكل مباشر من العمال، حيث يتم انتخاب القيادات بشكل متدرج على مستوى الإدارات العليا فى الاتحاد، علاوة على أن الدولة، برأيه، تتدخل فى اختيار قيادات الاتحاد.وكان عشرات الآلاف من العمال بمصلحة الضرائب العقارية قد أعلنوا عام 2008 عن تشكيلهم أول نقابة مستقلة فى مصر منذ عام 1957 بعد أن تجاهلت النقابة الرسمية مطالبهم، بحسب قولهم.ويتم السماح بتشكيل النقابات العمالية بشكل مستقل فى العديد من الدول، وتعد إندونيسيا من أبرز الدول، التى خاضت هذه التجربة بعد تنحى رئيسها سوهارتو عن الحكم بثورة شعبية بعد البقاء فى منصبه لأكثر من ثلاثين عاما. بينما كانت إندونيسيا تواجه العديد من الاحتجاجات العمالية بسبب الأزمة الاقتصادية، التى ضربت دول جنوب شرق آسيا فى عام 1997، فإن حكومتها أصدرت قرارا بالسماح بتشكيل نقابات خارج اتحاد النقابات العمالية بعد أشهر من رحيل سوهارتو عام 1998، وبعد عامين من هذا القرار تم تمرير تعديل تشريعى لتقنين هذا النظام الجديد فى العمل النقابى، الذى يسمح بتشكيل نقابات من عدد صغير من العمالة يصل إلى عشرة عمال فقط وتشكيل أكثر من نقابة داخل موقع العمل الواحد.وبناء على هذه الإجراءات تم تشكيل عدد ضخم من النقابات العمالية وصل إلى عدة آلاف، والتى تعبر عن مصالح قطاع عريض من العمال يبحث عمن يمثله ويعبر عن مصالحه فى ظل ظروف اقتصادية عصيبة أدت لفقدان نحو مليون عامل فى القطاع الصناعى وظائفهم. وظل للدولة دور إشرافى على هذه النقابات، حيث كان القانون الإندونيسى يشترط تسجيل تلك النقابات فى وزارة القوى العاملة، ويعطى للوزارة الحق فى سحب الرخصة من النقابة إذا لم تلتزم بالاشتراطات الإدارية، التى وضعها القانون، كما سمح القانون للقضاء بإلغاء تلك النقابات إذا قام قادتها بأعمال تهدد الأمن القومى.بينما كشفت الاحتجاجات العمالية الأخيرة فى مصر عن دخول شرائح جديدة من العمالة فى معترك هذه الاحتجاجات كموظفى البنوك، الذين اعترضوا على التفاوت فى مستويات الأجور داخل مؤسساتهم، فإن التجربة الإندونيسية شهدت أيضا دخول موظفى البنوك فى مجال الاحتجاج العمالى، مما ساهم فى إثراء الحركة العمالية هناك، حيث إن موظفى البنوك بإندونيسيا لم يكونوا يهتمون بالعمل النقابى قبل الأزمة الاقتصادية فى عام 1997 التى تسببت فى تضييق أحوال معيشتهم مع فقد نسبة منهم وظائفهم وارتفاع مستويات التضخم. وبالرغم مما شهدته التجربة الإندونيسية من توسع فى تشكيل النقابات المستقلة، فإن مقالات تحليلية تذكر أن تشكيل النقابات واجه بعض المصاعب، حيث إن بعض العمال كانوا يتخوفون من الاشتراك فى تلك النقابات بسبب بعض الضغوط من أصحاب العمل عليهم، كما أن تداول السلطة داخل تلك النقابات لم يكن بالشكل الديمقراطى المأمول، علاوة على أن تدنى أجور بعض العمال كان يعوق قدرتهم على دفع رسوم الاشتراك فى تلك النقابات.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل