خواطرلبناء الثقة بين الشعب وقواته المسلحة
في هذه المرحلة التي نعيشها الآن بعد ثورة ٥٢ يناير ومع انطلاقنا نحو التغيير السياسي الشامل.. تسود الساحة حاليا مشاعر من الخوف علي مصر الدولة والكيان. السؤال الذي يردده جميع المواطنين الشرفاء الآن هو.. البلد رايحة علي فين؟في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة فإنه من الطبيعي أن تظهر علي السطح نزعات الانتهازية وتحركات متخصصي ركوب الموجات وعمليات التشكيك ونشر الشائعات ممن يتفننون في اطلاقها لا لهدف لهم سوي إشاعة الفوضي التي يجدون فيها أنفسهم. من هنا يأتي دور المجلس الأعلي للقوات المسلحة التي أسندت إليه الأحداث مهمة ادارة شئون الدولة وحماية وجودها ومقوماتها.. تجنبا للانهيار الذي سيتحمل تداعياته كل الشعب الذي يتطلع أن يعيش في دولة حرة وديمقراطية ومتقدمة.التعامل مع هذه العناصر التي تعكس الأخطار المحدقة بالوطن أمر يتطلب الحكمة والروية وإعمال العقل استنادا إلي البحث والدراسة والأخذ بكل نصيحة صادقة وأمينة محورها الصالح الوطني قبل أي شيء آخر.وسط هذا الواقع وجد المجلس الأعلي نفسه حاملا علي عاتقه مسئولية هائلة تستلزم فض الاشتباك بين الأطياف في دولة فقدت توازنها من هول المفاجأة. كان عليه الابحار بسفينة الوطن وسط الأنواء العاتية بعيدا عن كل مسببات الغرق حتي الوصول بها إلي بر الأمان.. مهمته الأولي تركزت في اكتساب ثقة الشعب صاحب المصلحة الأولي في عبور هذه المحنة وهو ما ظهر جليا منذ اللحظات الأولي لثورة ٥٢ يناير. لقد جرت فعاليات تطورات الأحداث في الاطار الدستوري للحفاظ علي أمن واستقرار الوطن سعيا إلي تفعيل هذه المهمة . كان علي المجلس أن يتداخل بالحوار البناء والهادف من خلال كل أجهزة الاعلام والتي شهدت وتشهد ساحتها وقتا عصيبا من التخبط والصراعات واختلاف الرؤي . تفجرت هذه المظاهر بتأثير مفاجأة الثورة ودوافع العوامل السائدة في الساحة التي أشرت إليها في بداية مقالي.التزاما باستراتيجية الأداء العسكري القائم علي الانضباط والالتزام والتمعن والمراجعة الدقيقة جاءت اللقاءات المبرمجة مع كل أطياف الإعلام إيمانا بدوره في نقل الصورة الحقيقية للرأي العام بمصداقية وأمانة وبالصورة التي تتفق والصالح الوطني. تحدد الهدف في نقل وجهة نظر المجلس الاعلي من خلال السلطة التي خولت له دستوريا وشعبيا. من هذا المنطلق أدرك رئيس وأعضاء هذا المجلس وفي اطار هذه الخطة انهم مطالبون بالاستماع إلي كل الآراء والأفكار والاتجاهات حتي يمكن أن يتم تحديد مسار تحقيق أماني وطموحات الشعب. كان هناك ايمان بأن الوصول إلي هذه النهاية المأمولة يحتاج بداية وبشكل أساسي للأمن والاستقرار اللذين بدونهما لا يمكن بلوغ عالم الحرية والديمقراطية المنشود . وعلي ضوء مناخ التطورات والتوترات السائدة فقد ساد التفهم لاهمية الحفاظ علي القاعدة الاقتصادية والقائمة علي توفير لقمة العيش قبل أي شيء ليتم الانطلاق بعد ذلك إلي الارتفاع بالمستوي المعيشي للمواطن من خلال العمل علي حل المشاكل وانهاء المظالم بصورة عادلة . كان يجب ان يوضع في الاعتبار الارتباط القوي بين الأمن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية لمرافق الدولة المختلفة سواء كانت عامة أو خاصة بما يسهل عملية التحول السريع إلي الحرية والديمقراطية.في هذا الاطار كانت اللقاءات التي اجراها مجموعة من أعضاء المجلس والتي ضمت اللواء محمد العصار واللواء مختار الملا واللواء اسماعيل عثمان واللواء ممدوح شاهين. لقد شملت رؤساء مجالس ادارة وتحرير الصحف علي اختلاف اتجاهاتها وكذلك أبناء أسرة الإعلام المرئي والمسموع.. ثم جاء الحوار مع الكتاب ورجال الفكر.. لينتقل بعد ذلك إلي البرامج الحوارية في التليفزيون حتي تُتاح الفرصة لمشاركة أفراد من الشعب عن طريق وسائل الاتصال.ان أهم ما لوحظ في مسار هذه الحوارات هو التزام ممثلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالصبر والأدب الجم والأسلوب الراقي في التعبير حتي في مواجهة بعض الاستفزازات.. كانوا صرحاء في الاجابة عن كل الأسئلة دون أي حظورات. ليس هناك ما يقال تعليقا علي كل ما دار في هذه الجلسات من حوارات سوي أنها كانت ناجحة وايجابية تماما في توصيل فكر المجلس الأعلي إلي الإعلام وبالتالي إلي الرأي العام.. ان أهم النتائج المحققة هو تعظيم الاحساس بالاطمئنان إلي سلامة مسيرة تحقيق أهداف ثورة ٥٢ يناير. هنا اقول ان عملية تبادل الاراء كشفت عن أهمية تبادل الثقة بين الشعب وقواته المسلحة المنحازة إلي مطالبه منذ اللحظة الأولي لثورته.
Comments