المحتوى الرئيسى

د. سعيد شحاتة يكتب: الكنيسة والسياسة بعد ثورة 25 يناير

02/23 00:47

يخطئ من يعتقد ان دور الكنيسة يقتصر فقط علي الجانب الروحي, وان المسيحية بعيدة كل البعد عن السياسة مستخدمين قول السيد المسيح "أعطوا مالقيصر لقيصر ومالله لله". يضاف الي ذلك ضرورة التفريق بين الكنيسة كمؤسسة والكنيسة كشعب لهو امر هام عند الحديث عن دور الكنيسة في السياسة ولاسيما في تلك المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر. لقد شهدت مصر ثورة يفتخر بها كل مصري وتحتاج الي دفعات متتابعة وجهود متضافرة من كل فرد ومؤسسة في مصر لتؤتي ثمارها المرجوة من تحقيق العدالة والحرية والدولة المدنية.عندما كانت تسيطر الكنيسة في اوروبا علي الدولة وتتدخل بصورة مباشرة في العملية السياسية شهدت أوروبا عصور مظلمة تصادم فيها الديني والعلمي والديني والسياسي. ومن هنا يكون دور الكنيسة ليس ان تكون الدولة اوالنظام اوتتدخل بصورة مباشرة في العملية السياسية ولكن عليها ادوار اخري كمؤسسة في تشجيع شعبها علي الانخراط في العملية السياسية. ان الامانة تتطلب القول ان الكنيسة انعزلت وعزلت شعبها في الفترة الماضية عن العملية السياسية, وان كانت في بعض الاحيان تلعب دور سياسي كمؤسسة وهو ماكان منتقد من اطراف عديدة داخل وخارج جدران الكنيسة. لقد طويت صفحة الماضي و تحديات المرحلة الراهنة تتطلب ان تقوم الكنيسة بدور وطني في المساهمة في خلق وتنشئة ابناء الكنيسة علي لعب دور مهم مع باقي المصريين في بناء وطن يفرض احترام مصر والمصريين في الداخل والخارج.أول تلك المهام المنوط بالكنيسة القيام بها هو تصحيح المفاهيم الخاطئة حول انعزال الشعب المسيحي عن السياسة. يري كثيرون ان قول السيد المسيح "مملكتي ليست من هذا العالم" وغيرها من الايات في الكتاب المقدس تحض المسيحيين علي التركيز علي الابدية وعدم الاهتمام بالشئون الارضية. وهذا بالطبع خطأ شائع يحتاج الي تصويب لان المواطن الصالح هو من يشارك في بناء المجتمع المحيط به, والبناء لايقتصر فقط علي النواحي الاجتماعية والاقتصادية فحسب ولكنه يمتد الي الجانب السياسي. وذلك لان السياسة هي المناخ والبيئة التي تعمل فيها المستويات المختلفة من اقتصادية واجتماعية وثقافية. وبدون سلامة تلك البيئة السياسية لاترتقي تلك الجهود الاجتماعية والاقتصادية الي تغيير حقيقي في حياة المواطن المصري.يتمثل الجانب الاخر في تشكيل لجان داخل الكنائس المختلفة لرفع الوعي السياسي للمسيحيين وتثقيفهم سياسيا لمعرفة الاوضاع السياسية المحيطة بهم من احزاب ومؤسسات دولة ومنظمات مجتمع مدني وغيرها من الكيانات التي يجب التعامل معها بصورة يومية.هناك حوالي 4000 كنيسة يمكنها تشكيل لجان تقوم بذلك الدور الكبير. هناك زخم كبير بدأ مع ثورة 25 يناير ساهم فيه الشباب المسيحي مع باقي طوائف المجتمع المصري وهناك ضرورة للبناء علي هذا الزخم لدفعه الي مستويات اعلي تصعب الرجوع الي ماقبل 25 يناير. لقد زاد الوعي السياسي لكثير من المصريين ومنهم المسيحيين والبناء عليه الان هو ضرورة حتمية للمساهمة في البناء.  وانخراط الشباب المسيحي في العملية السياسية ليسوا كمسيحيين ولكن كمواطنين مصريين اولا واخيرا يجب ان يكون شعارا والتزاما لايقبل التفاوض. قد تحدث معارضة وتململ من البعض داخل الكنيسة الذي يركز بصورة كاملة علي الجانب الروحي دون النظر الي الجوانب الاخري.أما الجانب الثالث فيركز علي انخراط الشباب المسيحي في الائتلافات والاحزاب السياسية المختلفة دون توجيه محدد من الكنيسة الي حزب دون اخر اوجماعة دون اخري. عندما توفر الكنيسة المكان والمجال للتثقيف السياسي يختار الشباب توجهاتهم السياسية حسب قناعاتهم. فالانخراط في العملية السياسية هو التطبيق العملي لما تم تعلمه في لجان وندوات التثقيف السياسي. اذا لم يمارس شخص ما اللغة التي يتعلمها ينساها بسرعة, ومن هنا فالحاجة الي ممارسة السياسة التي تعلمها المواطن خلال الثورة اوداخل لجان التثقيف السياسيي هو انجع طريق لعدم نسيان دروس الثورة والتثقيف. في هذا السياق هناك حاجة لان تقوم الكنيسة علي تشجيع شعبها بعد التثقيف ورفع الوعي السياسي علي التحاور مع الاطياف المختلفة وتشجيع قيمة الحوار الذي يقرب ويوصل الي مساحات مشتركة.يركز الجانب الرابع والاخير علي قيام الكنيسة كمؤسسة بالادوار الروحية والاجتماعية المنوطة بها من تعليم العقيدة ومساعدة الفقراء وعمل مشروعات تنموية تساهم في علاج مشاكل الفقر وتقديم الخدمات لجميع المواطنين المصريين حتي ندعم اواصر المواطنة التي نحتاجها جميعا. وعليها ترك العمل السياسي المباشر مثلما فعلت الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطي في اوروبا.لقد بدأت الكنيسة المشوار وهو طويل واكماله هو عملية شاقة ولكنها عمل وطني . ماعرضته هو الخطوط العريضة لدور الكنيسة في المرحلة الراهنة الحاسمة في تاريخ مصر والمنطقة, وهناك تفاصيل كثيرة اخري تحتاج الي مقالات اخري.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل