دعونا نحرر أنفسنا
دعونا بعد هذه الثورة المجيدة التي لا نري نظيرا لها في التاريخ كله.. دعونا نكملها بأن نحرر أنفسنا مما ران عليها خلال الأزمنة الغابرة من عادات وسلوكيات.. ربما من تراكمات ما عشناه.. بحيث ظننا بأنفسنا الظنون.. ظننا أننا شعب كسول.. سلبي.. صبور لا يغضب.. وحليم لا يثور.. يُفعل به ولا يفعل شيئا.. كل لنفسه فقط ولا يعنيه غيره.. وأشياء أخري، هي من فعل القهر والظلم وغياب العدالة.. أيقظتنا الثورة المجيدة من هذا كله، ورأينا أننا شعب لديه مخزون حضاري فريد، ظل مخزونا ولكنه كان موجودا، لا يجد متنفسا ولا يري له سبيلا..الحمد لله ان زالت الغمة، وأصبحنا أحرارا بعد ان كنا مقيدين.. وزال الخوف الذي كان جاثما علي الصدور، والظلم يوشك ان يزول أو يزال.. سبحان الله.. ما أروعنا من شعب ضرب المثل لشعوب الأرض قاطبة.. شباب في عمر الزهور استشهدوا غير هيابين.. مضحين بأرواحهم في سبيل أمتهم.. ضربوا أروع الأمثلة في انكار الذات.. هنيئا لهم في جنات النعيم.. وصبرا جميلا لأهلهم وذويهم، الذين سيلحقون بهم ان شاء الله في الجنة، فالله يجمع الشمل، ويلحق الأدني بالأعلي في درجات الجنة.هؤلاء الشهداء الأبرار تركوا لنا ارثا ينبغي ألا نضيعه، عرفانا بفضلهم وتضحيتهم، والارث هو أنهم مع اخوانهم في الثورة -مسلمين ومسيحيين- تركوا لنا ان نجدد أنفسنا، ونزيل عنها ما تراكم عليها عبر السنين من صفات لم تكن منا، وان ظننا انها كذلك.. ينبغي ان نغير ما بأنفسنا حتي يغير الله ما بنا »ان الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم« »الرعد ١١« ينبغي أن ننظر في سلوكياتنا التي كانت تنهكنا وتشتت جهودنا.. دعونا نقلع عن الفوضوية في صورها المختلفة ونألف النظام والالتزام.. ونكف عن تصرفات بعينها.. مثل ان يأخذ الواحد منا دور غيره أو حق غيره علي علم وعن قصد.. مثل عدم مراعاة الغير.. مثل عدم الالتزام بآداب وقوانين المرور.. والكلاكسات التي لا داعي لها الا في حالة الضرورة.. مثل ان نتسبب في حوادث السيارات التي ينتج عنها صرعي ومصابون، لا لشيء إلا للقيادة المستهترة والرعونة والسرعة الجنونية.. مثل العدوانية في التعامل مع الآخر.. مثل عدم احترام المواعيد فيما بيننا.. مثل ان نلقي بمخلفاتنا في الشارع.. أو نتهرب من تنفيذ أحكام القضاء.لا يجب ان تنتهي ثورتنا المجيدة بتغيير النظام.. بل نتعدي ذلك إلي تغيير ما بأنفسنا فنستعيد ما فاتنا من سلوكيات متحضرة، ونتخلق بها في مستقبل أيامنا.
Comments