لا تخشوا الثورة المضادة!
لان لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الاتجاه فان كثيرون يخشون من ثورة مضادة لثورة 25 يناير تجهضها وتفرغها من محتوياتها وتحول دون تحقيق اهدافها في بناء دولة مدنية عصرية ديمقراطية عادلة.. وهذا التخوف بالتأكيد له ما يبرره او يفسره لان كل الثورات التي عرفناها علي مدار التاريخ واجهت ثورات مضادة اختلفت في الحجم والمدي والقوة.بل ان ثورة 25 يناير قبل ان تتبلور ملامحها وتكتمل كثورة تعرضت من قبل النظام السياسي السابق لمحاولات عديدة لضربها اولا وباستخدام القوة بشكل مفرط، بل واستخدام العنف المنظم.. ثم بمحاولات الاحتواء والالتفاف عليها، والتحايل علي من قاموا بها وشاركوا فيها.. وايضا محاولات تضليل الناس لحجب تأييدهم ومساندتهم لها.. وعندما استمرت بعض الوجوه المكروهة جماهيريا في حكومة الفريق احمد شفيق ساهم ذلك في تراكم حجم الخوف في نفوس البعض علي مستقبل الثورة التي كانت قد نجحت في تنحية الرئيس مبارك.وهكذا.. التخوف من ظهور ثورة مضادة مفهوم مفهوم وله ما يبرره ولكن المبالغة في هذا الخوف، وترك أنفسنا أسري له غير مطلوب.. ان من قاموا بالثورة وشاركوا فيها يتعين ان يثقوا بأنفسهم.. فهم غيروا وجه مصر بالفعل وها هم يغيرون مستقبلها كله، ليس السياسي فقط، الاقتصادي والاجتماعي، بل والثقافي والقيمي أيضا.صحيح أن من يتولي ادارة البلاد الان هي القوات المسلحة لكنها ليست القوة الوحيدة علي الارض.. هناك ايضا معها قوة الشارع.. والمجلس الاعلي للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد الان يعرف ويعي ذلك بالفعل.. بل انه يعيه منذ وقت مبكر أو منذ الأيام الأولي لاندلاع المظاهرات وقبل ان تتحول الحركة او الانتفاضة الجماهيرية الي ثورة شعبية مكتملة الاركان.. وهذا يمكن ان نتأكده من الانحياز الواضح والذي لا شك فيه للقوات المسلحة للشعب عندما نزلت الشارع رغم أن نزولها كان بأمر من الرئيس السابق.. فهي رفضت ان تتصدي للمتظاهرين بل قامت بحمايتهم وتوفير الرعاية الطبية للمصابين منهم وعندما وصلت الازمة الي ذروتها داخل القصر الرئاسي والثورة الي ذروتها خارجه. انحازت القوات المسلحة بوضوح الي جانب الشارع وثورته، وتبنت مطالبه في البدء بضمان تحقيق مطالب الشارع في مجتمع ديمقراطي وعادل يخلو من الفساد.. ثم بانقاذ البلاد من الفوضي العارمة او من كارثة علي غرار ما حدث في الميدان السماوي ببكين لاقناع الرئيس السابق بضرورة التنحي.ويوما بعد الاخر تسعي القوات لتحويل مطالب الشارع الي واقع الارض.. ابتداء من تحديد مدي زمني قصير لنقل السلطة بشكل سلمي وهادئ وديمقراطي.. ثم تحديد مدي زمني قصير لاجراء التعديلات الدستورية اللازمة لذلك واخيرا مدي زمني ايضا لتنفيذ بقية مطالب الناس الخاصة بانهاء حالة الطوارئ والافراج عن كل المعتقلين السياسيين.. وقبل ذلك كله البدء في فتح ملفات الفساد ونزع الحصانة عن كل من تورط في فساد، علي ان يكون القول الفصل في ذلك للقانون وحده.لا أقول اننا يكفينا الثقة في قواتنا المسلحة، وهي كبيرة ومهمة وتدعونا للاطمئنان.. ولكننا يجب ايضا ان نثق في أنفسنا.. يجب ان نثق ان الماضي انتهي ولا عودة له.. وان مصر تغيرت فعلا.. وما بعد 25 يناير سيكون مختلفا عما قبله.لا يمكن لأحد مهما حاول اعادة عجلة البلاد الي الوراء واظن وليس كل الظن اثما ان الرئيس مبارك نفسه يدرك ويعي ذلك بوضوح، سواء كان موجودا في شرم الشيخ او غيرها من المدن المصرية او حتي خارج مصر... انظروا الي حالة رموز النظام السابق سوف تجدون كل همهم الان هو الافلات فقط من الحساب.. لم يعد لديهم قوة لاجهاض الثورة.. وما يجب أن نخشاه بالفعل هو سرقة الثورة لا الثورة المضادة.
Comments