المحتوى الرئيسى

حوار مع المجلس العسكري علي هامش الثورة

02/22 01:29

لا الأسئلة عادية ولا الإجابات أيضا‏..‏ حوار مختلف‏,‏ الكلمات منطلقة عليراحتها مثل صقر محلق في فضاء الوطن‏,‏ الأسئلة حادة وقاطعة وتنبش عن بقع ضوء تنير الطريق إلي مستقبل مصر‏, ‏ لا تعوقها عبارات قليلة قيلت بمهارة فائقة ويبحث أصحابها عن دور فيفترة الانتقال الحالية‏..‏ فحالة السيولة الآن تغريدوما بالقفز إليالسفن المبحرة إليالسلطة‏..‏ وعليالجانب الآخر الإجابات واضحة ومحددة وتلح باستمرارعليفكرة الاستقرار حتي يمكن أن ترسو سفينة الوطن عليشواطئ الحرية والديمقراطية والنظام الجديد بأمان‏,‏ فالأنواء من اعتصامات واحتجاجات ومطالب فئوية لا تتوقف عن ضربها بقوة وتكاد توقفها عن الحركة فيعرض البحر‏,‏ ناهيك عن شرطة خرجت من الميدان‏,‏ ولم تعد بكامل قوتها وتنظيمها بعد‏,‏ وأسلحة كثيرة وكثيفة مع هاربين من السجون وبلطجية وعصابات منظمة تهدد الأمنين‏..‏ كان اللقاء فيقاعة واسعة‏,‏ ما يقرب من‏35‏ كاتبا وشاعرا وأديبا وصحفيا مرموقا مع بعض رجال المجلس الأعليللقوات المسلحة‏.‏ فيتمام الثانية عشرة ظهرا بالضبط‏,‏ دخل القادة العسكريون الثلاثة إليالقاعة‏,‏ تعلو وجوههم ابتسامة مصرية قح‏,‏ حيوا الحضور بلطف‏..‏قبل أن يدخلوا فيالموضوع مباشرة‏..‏ والموضوع بالضبط هو مصر وما يحدث فيها وما سوف تمضيإليه‏..‏وقالوا؟؟‏..‏ ‏1-‏من أول لحظة وقف الجيش مع الشعب‏,‏ وقال بوضوح فييوم نزوله إليالشارع بعد الانهيار الأمنيأنه لن يطلق الرصاص مطلقا عليأبناء وطنه المتظاهرين بأيحال من الأحوال‏,‏ وأعلن فيبيانه الأول‏,‏ وقت أن كان الرئيس مبارك فيالسلطة‏,‏ بالتحديد قبل‏11‏ يوما من تخليه عنها‏,‏ أن الجيش يتبني مطالب الشعب الشرعية‏,‏ وهيعبارة واضحة لا لبس فيها ولا غموض‏..‏ وهذا معناه أن الجيش كان يحميالشرعية الدستورية وليس النظام‏..‏ كان هذا هو موقف الجيش وقت الأحداث‏,‏ فمن المستحيل أن يتغير أو يلتف عليالمطالب أو يعطلها أو يعرقلها أو يمضيبها فيمسار غير الذييريده الشعب أو أن يسمح لأي قويمضادة أن تجهض ثورة المصريين‏..‏فضباط القوات المسلحة كمواطنين لهم ابناء وأحفاد يريدون أن يتمتعوا بوطن حر وديمقراطي يسوده القانون والعدل‏.‏ ‏2-‏ رجال المجلس الأعليللقوات المسلحة لا يطمعون فيالسلطة ولا يسعون إليها‏,‏ ويعملون عليأن تكون مصر دولة ديمقراطية‏,‏ لها رئيس منتخب فيانتخابات حرة نزيهة‏,‏ ثم يسلمون البلاد للسلطة المدنية فيأقل وقت ممكن‏..‏وهذا الوضع الحاليمفروض عليهم‏,‏ وكان لابد للقوات المسلحة أن تؤدي دورها الوطني‏.‏ ‏3-‏ استعان قادة المجلس العسكريالحاكم بعدد من الكفاءات فيمختلف التخصصات والمجالات لحل مشكلات عديدة وقفت أمامهم‏,‏ بالإضافة إلي شخصيات عامة لاغبار عليها‏,‏ إليجانب خبراء دستوريين ورجال قانون لدراسة تعديلات مواد الدستور أو تغييره بالكامل‏,‏ ووجدوا أن أي دستور جديد يحتاج ما بين‏9‏ أشهر وسنة عليالأقل‏,‏ بينما التعديلات التي تسمح بانتخابات نزيهة للرئيس والبرلمان الجديدين‏,‏ مع تعديل بعض القوانين مثل قانون مباشرة الحقوق السياسية قد تنتهي فيستة أشهر فقط‏,‏ وهو ما فضله المجلس العسكريوشدد عليه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس‏,‏ حتييمكن تسليم السلطة فيالبلاد إليحكومة مدنية‏,‏ تختار هي والشعب الطريق الدستوري الذي تمضي فيه الأمة‏.‏ ‏4-‏ تسلم المجلس العسكريالبلاد فيظروف صعبة ودقيقة جدا‏:‏ انهيار أمني كامل‏,‏ اعتصامات واحتجاجات وصلت عددها في يوم واحد إليإلي‏161‏ اعتصاما‏,‏ فيالوزارات والمصانع والشركات العامة والبنوك والمؤسسات‏,‏ وهو ما يهدد الدولة بالتوقف تماما‏,‏ ويدفع الوطن نحو منزلق اقتصاديشديد الخطورة‏,‏ هو بالضرورة سوف ينعكس عليحياة الناس‏,‏ فالخسائر فادحة ومفزعة‏,‏ بخلاف المشاحنات كل واحد عاوز يغير رئيسه‏,‏ وهذا شيء غير معقول‏,‏ ولا يعطيالفرصة لعجلة الحياة والاستقرار أن تدور بانتظام‏..‏ومن الصعب جدا أن يحل المجلس مشكلات وتراكمات‏30‏ سنة فيبضعة أيام‏.‏ انهيالقادة العسكريون كلماتهم بدقة ومن أقصر طريق‏,‏ وفتحوا باب الحوار‏,‏ فانهالت الأسئلة‏,‏ والاقتراحات‏..‏الأسئلة صريحة جدا صادمة أحيانا‏,‏ الاقتراحات فضفاضة كما لو أننا فيندوة أو مؤتمر عن مستقبل مصر السياسيونظامها الجديد المطلوب‏..‏ ونال الإعلام والصحافة العامة نصيبا وافرا من الهجمات المركزة والانتقادات العنيفة‏..‏ أسئلة كثيرة ومتنوعة غطت تقريبا كل مساحات الحيرة والغموض والقلق وبناء الثقة‏..‏ أولا‏:‏ التناقض الذييبلبل الرأيالعام ويثير الشك فينفوسه أحيانا‏,‏ فالثورة لم يكن هدفها هو إسقاط الرئيس حسنيمبارك‏,‏ وإنما إسقاط النظام وتغييره‏,‏ بينما الوجوه القديمة والسياسات القديمة عليحالها كما لو أن شئيا لم يحدث‏..‏ هل ما كنا عليه عدنا إليه؟ ثانيا‏:‏ التعذيب الذييتعرض له البعض حتيالآن‏,‏ حتيأن نائبا فيمجلس الدولة قرأ بيانا فيالميدان فتعرض لما لا يرضاه أحد‏,‏ اختطاف‏..‏فمن الذييعذب؟‏..‏ وأين المفقودون؟ ثالثا‏:‏ وجود الرئيس مبارك فيشرم الشيخ وما يقال عن ناس رايحة وجاية واتصالات‏..‏هل هذا له تأثير عليالقرار وعلي الحياة السياسية فيمصر؟ رابعا‏:‏ البطء فيالتعامل مع مطالب الثورة‏..‏ نريد وزارة جديدة‏,‏ فوزارة الفريق أحمد شفيق لا يعيبها فقط أن فيها وجوها غير مرغوب فيها‏,‏ ولكنها أيضا حلفت اليمين أمام رئيس لم يعد موجودا وفقد شرعيته‏,‏ وما جريمع السيد عمر سليمان يجريعليه وعلي وزارته‏.‏ خامسا‏:‏ مازالت جريمة الأربعاء الأسود أو ماسماه الشعب معركة الجمل فيميدان التحرير معلقة فيالهواء‏,‏ لم يعاقب مرتكبوها‏,‏ وفيه أسماء شائعة ووقائع‏..‏لماذا هذا التباطؤ فيالتحقيق؟‏!..‏وماذا سنفعل فيمطاردة الفساد واسترداد أمولنا المنهوبة الهاربة في الخارج؟ سادسا‏:‏ إطلاق الرصاص علي المتظاهرين وكل العنف الذي مورس ضد الثروة‏,‏ من صاحب القرار؟‏!..‏ولماذا انهار الأمن واختفيمن الشوارع؟‏,‏ من الذياقتحم السجون فيوقت واحد؟‏!..‏ وكيف هرب المساجين من حماس إليغزة ومن حزب الله إلي لبنان في ساعات؟‏!‏ سادسا‏:‏ مصيبة الإعلام والصحافة العامة‏..‏وكيف تقود نفس الوجوه مرحلة الانتقال إليالحرية والديمقراطية وهيفقدت مصدقيتها؟‏..‏من سيصدق هؤلاء؟‏!‏ سابعا‏:‏ المطالب الفئوية‏..‏لماذا لا يدور حوار مع أصحابها‏,‏ وتصدر بيانات أو تصريحات تقول لهم خطة زمنية لإصلاح بعض الأحوال كالمرتبات وتحسين المعيشة؟ ثامنا‏:‏ اللجنة الدستورية التيشكلها المجلس‏..‏ لماذا لم تضم كافة التيارات السياسية وغلب عليها التيار الديني؟‏!‏ تاسعا‏:‏ أنتم حددتم فعلا ستة أشهر لتسليم السلطة‏..‏هل يمكن أن تمتد تحت ضغط المنافقين والانتهازيين الذين سيلعبون عليسحر السلطة وقدرتها عليالجذب والسيطرة‏..‏ولماذا لا تصدرون بيانا يوميا أو يخرج المتحدث الرسميللمجلس يوميا إلي الناس تقولون لهم ماذا تفعلون فتفهم الناس وتقدر الموقف والظروف؟‏!‏ عاشرا‏:‏ علاقة الحزب الوطنيبالجهاز التنفيذيللدولة‏,‏ فأغلب الوظائف القيادية والمناصب فيأيديرجال الحزب‏,‏ قد يكون بعضهم كفئا‏,‏ لكن الغالبية أختيرت لأنها كانت في حزب السلطة‏..‏فهل يمكن فك هذا الارتباط وإزالة الوجوه التنفيذية المكروه جدا فورا حتي يعود دولاب العمل إلي الدوران بشكل جيد؟ الحادي عشر‏:‏ هذه فترة انتقالية يعدل فيها الدستور ثم تجريانتخابات رئاسية وبرلمانية‏,‏ وبعدها يجري تغيير الدستور بالكامل فيعام أو أكثر‏,‏ وهنا يجب إجراء انتخابات جديدة وفق الدستور الجديد‏,‏ اي أن الرئيس القادم والبرلمان القادم سيكونان مؤقتين بالإكراه‏..‏فكيف نتعامل مع هذا الموقف الذي ليس في الحسبان؟‏!‏ لم تكن الأسئلة تتدفق وراء بعضها البعض‏,‏ وفيالنهاية يجيب عليها القادة الثلاثة مجمعة‏,‏ وإنما كانت سؤالا وجوابا بالتتابع‏..‏ ورد القادة وقالوا إن تغيير كل الوجوه مرة واحدة قد يسبب فوضي إدارية وتنظيمية فيالعمل‏,‏ ونحن كعسكريين نعمل وفق معلومات وتقدير موقف ونضع مصلحة الوطن نصب أعيننا فيكل قرار نتخذه‏,‏ ولو كان ذلك ممكنا لفعلناه‏,‏ ونفس الحال في الوزارة‏,‏ فالعمل فيمصر يتعطل تماما‏,‏ لمجرد أن نعلن أن ثمة تعديلا وزاريا عليالطريق‏,‏ ونحن فيظروف دقيقة للغاية‏,‏ اعتصامات واحتجاجات وقطع سلاح مع مجرمين وبلطجية فيالشارع‏,‏ وقد تسلمنا السلطة منذ ثمانية أيام فقط‏,‏ عملنا فيها البيان الدستور وشكلنا لجنة تعديل الدستور‏,‏ وحللنا مجلسي الشعب والشوري‏,‏ ونعدل حاليا فيالوزارة‏,‏ ونحاول إعادة الأمن إليالشارع‏,‏ بالقطع لا نملك عصا سحريا نحل بها المشكلات‏,‏ نريد فرصة هدوء كيتجري وتيرة الشغل‏,‏ وما يقال عن أن الجيش يعذب مواطنا لا اساس له من الصحة عليالإطلاق‏,‏ فالذين أمسكنا بهم ثلاثة أنواع‏:‏ ناس أمسكت بها اللجان الشعبية وسلمتها لنا‏,‏ ناس سلمتها لنا الشرطة‏,‏ وناس قبضنا عليهم خلال الدوريات فيالشوارع وهم يحلمون أسلحة ويتجهون لارتكاب أعمال إجرامية‏,‏ ونعاملهم معاملة حسنة جدا‏,‏ ينامون فيعنابر الجنود ويأكلون من أكلهم‏..‏ أما المفقودون فقد بحثنا عنهم فيكل الأجهزة وعثرنا علي‏55‏ مفقودا‏,‏ ولم يبق إلا‏23‏ مازال البحث جاريا عنهم‏.‏ وقالوا إن لا شرم الشيخ ولا غير شرم الشيخ لها أي تأثير عليعمل المجلس العسكري أو قراراته‏,‏ الشعب فقط هو الذينعمل حسابه‏,‏ ولا يمكن أن نخذل أبدا ثورته التيانحزنا إليها‏,‏ والتحقيقات جارية فيأحداث العنف ولن يضيع دم الشهداء هدرا ولن يفلت ايمجرم من العقاب‏,‏ كما نحقق فيالإنهيار الأمنيوهروب المساجين إليغزة ولبنان قضية كبيرة نعمل عليحلها‏.‏ وقالوا‏:‏ يمكن أن تحدث تغييرات صحفية‏,‏ الذينفيعدم حدوثها هو الفريق أحمد شفيق‏,‏ لكن لوجدنا ضرورة لها سنغير فورا‏,‏ ولا داعيللمخاوف من تشكيل لجنة تعديل الدستور‏,‏ فعملها سوف يعرض عليالمجلس العسكري وتناقش التعديلات مع خبراء ومتخصصين كبار قبل أن تطرح للنقاش العام ثم يجريالاستفتاء عليها‏..‏ونقول لكم إننا محصنون ضد النفاق ولا مطامع لنا في السلطة‏,‏ نريد فقط أن يفهم الشعب أن إصلاح الخلل فيالمرتبات وتعديل الأجور وسد الفجوة بين أصحاب الدخول فيالمؤسسات العامة وبقية العاملين تحتاج وقتا وميزانية‏,‏ ولا نستطيع ان نعدل كل مرتبات العاملين فيالدولة أو البنوك أو الشركات في وقت واحد‏,‏ وكيف أصلا تعدل ونحن نعتصم ونحتج ولا نعمل ونوقف الإنتاج‏.‏ أما الاقتراحات فقد اتسعت واختلفت وشملت أشياء كثيرة‏,‏ لكنها اتفقت علي بناء دولة مدنية بعيدا عن الشعارات الدينية‏,‏ تشارك فيها وتندمج كل التيارات والأحزاب والطوائف والرؤي فيعملية سياسية سليمة لبناء مصر المستقبل‏,‏ وفيالوقت نفسه كيف نحافظ الآن عليالمؤسسات وإدارة الملكية العامة وإيقاف العمل بقانون الطوارئ‏,‏ والالتزام بتغيير النظام وتوفير المعلومات الصحيحة والسريعة ودور النقابات المهنية فيالتعبير عن مطالب قطاعات عريضة من الشعب‏.‏ وانتهيالحوار الحر في الخامسة مساء

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل