بالفيتو الأمريكي نعيد الصراع إلى ساحاته الأساسية بقلم:حسني المشهور

بالفيتو الأمريكي نعـيـد الصراع إلى ساحاته الأسـاسية ... فهـل نمتلـك اسـتحداث أدواته ؟؟؟ حسني المشهور لـم يكـن الفلسـطيني وفي أي يـوم يجـد صعوبة كبيرة في تشخيص أسـباب نكباتـه وتشريـده بمجازر التهجير أحيـانـاً كثيرة وإجباره على النزوح والتشـتت أحياناً أكثر ... دائمـاً وفي كـل زمـان ... كـان تشخيصـه بأن هـذه الأسباب وإن اختلفـت مظاهـرهـا في كـل مـرحلـة فإنهـا تتلخص في غـزو المنطقـة لـزرع هـذا الكيـان في قلـب منطقتنـا العربيـة تحديـداً كـرأس رمـح وقـاعـدة مـتقـدمـة لتكريس هيمنـة قوى الاسـتعمـار والاسـتغلال ولـم يقبـل في الماضي ولـن يقبـل في الحاضر والمستقبـل أسباباً غير ذلـك ... وإن تظـاهـر ، أو قـيل أو يـُقـال بـأنـه يقـبـل بـغيرهـا فلـم يكـن ذلـك إلا لأنـه يـدرك واقعـه وإمكانيـاتـه ... ويـدرك طبيعـة دوائـر القـوى المحيطـة بـه إقليميـاً ودوليـاً وإمكانيـاتهـا . لـم يـقبـل الفلسـطيني ولا أمتـه العـربيـة في أي يـوم أسـاطيـر أرض الميعـاد ، وعـذابـات الـضميـر مـن محـارق النـازي ، ودعـم واحـة الـديمقراطيـة والـتحضـر في صحـراء الاسـتبـداد والـتخلـف العـربيـة ... ولـم يكتفي بـعـدم القبـول بـل كـان ومـا زال يـُقـدّم دليلـه الـملمـوس قـولاً وفعـلاً على زيـف هـذه الأسـاطير وإبطـال كـل مـفاعيلهـا ... ولـن نكـون مبـالغـين إذا قـلنـا أن الفلسـطيني اسـتطـاع اسـتيعـاب وحصـار هـذه الغـزوة ، وهـو في سـبيلـه لتفكيكهـا وطحنهـا بصمـوده وتضحياتـه وإصـراره على اسـتعـادة حقـوقـه ، وبمسـانـدة أبنـاء أمتـه الـعربيـة والإسـلاميـة ، وكـل أصحـاب الضميـر في هـذا العالـم . وإدراكـه لعـاملين مسـتجـدين سـاعـداه على ذلـك وعلى الانتقـال لخـوض الـصـراع مـع مـدبـري الغـزوة عـلى أرضهـم ، وحـيـث يـرغبـون في بنـاء حصونهم الجـديـدة ... كـان الـعـامـل الأول هـو المقاومـة الـعـراقيـة الباسـلـة ومـا أنـزلتـه مـن خسـائـر وهـزائـم مـاديـة وأخـلاقيـة في قـوات الـغزو الأنجلوسـكسـوني رغـم كـل مـا تـعـرضـت لـه مـن حصـار وطعنـات في الـظهـر والجانبين ، وكـان العامـل الثاني هـو النمو المتسـارع لقوى الشـرق الجـديـدة في الصين والهنـد وعودة الروح الروسـية ... عـامـلان فـرضـا عليهـم مـا يسـمى بـتغييـر الاتجـاه والـتخلي عـن مقولتهـم بـأن الإسـلام هـو العـدو ، وفـرض على القـوة الأعظـم وحليفاتها متن دول الـنـاتـو إعـادة الـتخطيـط والبناء لخطوط تمـاس مـواجهـة غير التي كانت لمـواجهـة الاتحـاد السـوفييتي ... وهـذا التحـوّل جعل من منطقتنـا خطوطاً خلفيـة للإمـداد بحاجـة إلى الاسـتقـرار ، وجـعـل مـن الـقيمـة الاسـتراتيجيـة للكيـان الـصهيـونـي أقـلّ تـأثيراً في سـياق الـمـواجهـة الجديد ... فأصـبحـت طاجيكسـتـان وافغـانتسـتـان مـثـلاً لهـا نـفـس الـثقـل الـنـوعي الـذي كـان لـلـكيـان الـصهيـوني ، أو تـركيـا إبـان الـزمـن الـسـوفيـيتـي ... وهـذه الحاجـة إلى الاسـتقـرار في منطقتنـا هي الـتي جـاءت بمـقـولـة أن قيـام الـدولـة الفلسـطينيـة يـخـدم الـمصلحـة الـقـوميـة الأمريكيـة ... ولـم تـأتـي بـهـا ضمـائـر وأخـلاقيـات أوبـامـا ودول النـاتـو !!! الفلسطيني وصنـّاع الـقـرار السـياسـي منه يـدركون هـذا ، ويـدركون أن قيمة الـكيـان الـصهيـونـي هي في الوظـائف التي يقوم بها في منطقتنـا وبأنـه يـفعـل الأفـاعيـل لإقنـاع صـانعيـه وممـوليـه بـقـدرته عـلى الاسـتمرار في أدائها رغـم كـل الانكشـاف والضعـف لهـذه القـدرة ، وجميعنـا يـُدرك جملـة الحقائق الكاشفة لعورات وضعف هذا الكيان رغـم ما يملك من كـل أنواع السلاح ، والتي أصبحـت تخيفـه هـو وتخيـف صانعيـه ومموليـه أكـثر مـا تخيفنـا وتـخيف محيطـه . لهـذه الأسـباب جميعـاً كـان الـذهـاب إلى مجلـس الأمـن ... ولـم يكـن هـذا الـذهـاب لإدانـة الاسـتيطـان فقـط ، ولكنـه خطـوة على طريـق اسـتثمـار الـلـحظة التـاريخيـة لـفـتـح الـصـراع مـع الـفاعلين الأصليين لنكبتنـا ( الـمجتمـع الـدولـي ) على أرضهـم وتحـت ذات قوانينهـم ، وبـذات الأدوات التي وفرتهـا هـذه القـوانيـن مسـتفيـديـن مـن جهـود تراكمـت عـبر عقـود من عمـل بـذلـه شـباب وشـيوخ من أبنـاء أمتنـا وشعبنـا هنـاك وبمسـانـدة الـكثيـر من أصحـاب الضمـائـر الحيـّة مـن مـواطني تلـك الـبـلـدان وفـُتحـت لـنـا مـن الأبـواب والنـوافـذ التي سـيتدفـق مـن خـلالهـا الـمزيـد مـن الـدعـم والتـأييـد لحقوقنـا رغـم شـراسـة الـفعـل الـمضـاد لهـذه الحقـوق على الـصعيـديـن الـرسـمي والـشـعبي ... ومـن هـذه الأبـواب والـنـوافـذ علينـا واجـب يجـب فهمـه والقيـام بـه ... وسـينتـج لنـا أشـيـاء وأشـيـاء !!! ومـن خـلال فهمنـا لـطبيعـة المـأزق الـذي يعيشـه صـُنـّاع نكبتنـا وسـعيهـم لإعـادة الانتشـار لحصـونهـم وخطـوطهم لمواجهـة القـوى الجـديـدة فعلينـا أن ننظـر إلى الخارطـة السـياسـية لقـارة آسـيا لـنعـرف أيـن سـتكـون هـذه الـحصـون والـخطـوط ... وعلينـا أن نـكـون هنـاك وبـأقصى سـرعـة ... كـلهـا بـلاد غـالبيتهـا مـن المسلمين وباسـتثنـاء أفغانسـتـان فكلهـا دول كـانـت ضمـن منظومـة الاتحـاد الـسـوفييتي ... فهـل سـيعجـز أبنـاء شـعبنـا الـذيـن درسـوا هنـاك وأتقنـوا اللغـة الـروسـية مـن مخاطبـة النـاس في هـذه البلـدان وبكلمـات بسـيطـة لا تطالبهـم بالثـورة وإشـهـار السـلاح في وجـوه القـادمين إليهـم مـن الأمريكـان ودول النـاتـو ... كلمـات تقـول لإخـوة الإنسـانيـة وإخـوة الـعقيـدة : ـــ كـل حجـر تضعونـه في طريق المركبـات الأمريكيـة ودول الـنـاتـو تحمـون بـه حجـراً في القـدس مـن الـهـدم والـتهـويـد !!! ـــ كـل صـرخـة في وجـوه جـنـودهـم القـادمـين إلى هـذه الـحصـون والـخطـوط سـتسـنـد أبناءنـا في مقاومتهـم لجـدار الفصـل العنصري !!! ـــ كـل وقفـة لحصـار مركبـة أو طائـرة لـهـم سـتسـاعـد على كـسـر الحصـار المفروض على شـعبنـا !!! تحيـة للفلسـطيني ... فلسـطيني الانتمـاء الـذي لـم تـنحـرف يـديـه ببوصلـة الـقـدس ... ولـم تحـرفـه شـهـواتـه ليجلـس منتظـراً مـا يقـرره لـه الآخـريـن بـدلاً عـن الالتحـام بشـعبـه ويتقـدم بصـدره في مواجهـة الاحتـلال> تـعـريف : الـمجتمـع الـدولي : هـو الاسـم الـمهـذب لـلـغـزاة المنتصـرين في الحـرب الـعالميـة الثانيـة على غـزاة آخـريـن ... ولكنهـم جميعـاً يعملـون بـذات قـوانيـن الـغـزو التي عرفتهـا البشـريـة الأولى .