المحتوى الرئيسى

20 فبراير يوم أسود في تاريخ العرائش بقلم:الخمالي بدرالدين

02/21 18:36

علي أن أسجل بداية، أن العنف منبوذ بكل أشكاله وكافة أنواعه فرديا كان أم جماعيا ومهما كانت الأطراف التي تمارسه أو تدعو إليه. حتى ولو كان صادراً عن الدولة وأجهزتها ، على الرغم من أن استخدامها للعنف يدخل في سياق ما نطلق عليه في الثقافة القانونية ، شرعية احتكار الدولة لوسائل الإكراه ، وخاصة عندما يتعلق الأمر باستعمالها في قمع المطالبات السياسية والاجتماعية السلمية التي تضمنها القوانين الداخلية والمواثيق الدولية . لكن علي أن أستطرد هنا لأقول ، أن أغلب المطالبات الاجتماعية و السياسية ذات الزخم الجماهيري و المنفلتة من أي تأطير سياسي ، و الفاقدة للوضوح النظري والعملي ، غالبا ما تنزلق نحو العنف والتخريب الغير محمود العواقب على المجتمع بأسره وليس على النظام السياسي أو أصحاب الامتيازات ٠ لذلك أقول هنا وبكل وضوح ، أن من يدعون للتظاهر دون أن يمتلكوا الأدوات التنظيمية الفاعلة و الأهداف السياسية والاجتماعية الواضحة والمحددة ، إنما يسعون إلى إحداث الفتنة التي لن تخدم أولا وأخيراً إلا أصحاب المصالح والانتهازيين ، بل ستخدم بالأساس الجهاز القمعي للدولة وستعطيه شرعية أكبر في التعاطي مع الاحتجاجات الجماهيرية وفي أسوء الأحوال هدم النظام العام ونشر الفوضى ٠ لذلك لا أجد كلمات مناسبة لأنطقها، بينما يجيش صدري باللعنات على من دعا إلى تنظيم مسيرة 20 فبراير، لا أجد عبارات أخرى سوى عبارات الأسف والأسى والألم لما حدث في هذا اليوم العصيب من تاريخنا المحلي الفوضى العارمة ، الدمار والخراب ، التسيب واللاأمن ، البلطجة والسوقية ، الاعتداء على الأملاك العمومية وتخريب وإتلاف الأملاك الخاصة ، هذه هي العناوين الكبرى ليوم 20 فبراير ، هذه هي حالة العرائش يوم 20 فبراير ، هذا هو ماخرج من أجله دعاة 20 فبراير العرائش مظلمة كثرت فيها الجريمة - كان هذا من الشعارات الملفتة التي رفعت في بداية الوقفة بساحة التحرير وسط العرائش ، ومفارقة عجيبة أيضا ، لأن الإجرام الذي نتج عن هذه المسيرة وحجم الاعتداءات أحال بحق العرائش إلى مدينة مظلمة إلى مدينة منكوبة ، لم تكن كذلك بأي حال من الأحوال ، بل ظلام وخراب لم تعرفه في تاريخها لا في عهد الاستعمار ولا في عهد الاستقلال . ما شاهدناه اليوم كان انفلاتا أمنيا مريعا لا أجد له نظيرا سوى في تونس ومصر ، حيث أعاد التاريخ نفسه بصورة بشعة وأشد قسوة ، بل ورأينا رأي العين جماعة من السوقة و ذوي السوابق ينزلون إلى الشوارع لا هم لهم سوى تسويد صفحة هذه المدينة و تلطيخ بياضها الناصع بهمجية لم يسبق لها مثيل ، أطفال و مراهقون ومخابيل ومحششين تصدروا واجهة الأحداث ، فكسروا وأحرقوا بدأً بمقر العمالة والمحكمة الابتدائية والأبناك و مقر البريد و إتصالات المغرب و والوكالة المستقلة للماء والكهرباء و مفوضية الأمن الإقليمي و وكالة التشغيل و محلات خاصة وعمومية وسيارات الدولة و الخواص ثم رأينا منظرا آخر للبلطجة حين حوصرت طائرة مروحية بالملعب البلدي فأحاط بها المئات يرشقونها بالحجارة ثم انتقلوا إلى مركز الدرك فجعلوه أثراً بعد عين ، ثم خرجت مجموعة أخرى بإيعاز من السلطة على مايبدو فيما اختفى رجال الأمن والقوات المساعدة تماما ، خرجت هذه المجموعة لتحارب المجموعة المخربة ، فلم يدخروا هم كذلك جهداً في التخريب والتكسير لكل ماطالته أيديهم ، على خطى ياجوج وماجوج ، ثم اشتبكوا أمام الملعب البلدي في مشهد لم نره من قط إلا في ميدان التحرير بالقاهرة ماذا عساي أن أقول والأحداث لازالت متواصلة إلى هذه الساعة ، بل تحولت مقرات الأبناك المخربة و المنهوبة إلى مرتع للأطفال و المراهقين يعيثون بها فسادا وإفسادا ، حيث تطايرت ألاف الملفات التي تحمل تعاريف وهويات المواطنين و وثائقهم في شوارع المدينة ، وأخرجت الآلات وسرقت الكراسي والمكاتب ، تحت مسمع و مرأى المواطنين الذين تجمعوا بالعشرات للفرجة فقط دون أن ينبس أحدهم بكلمة أمام تلك الفلول الهائجة من الحمقى أولئك الذين خرجوا بمصر وتونس صنعوا الحرية لأنفسهم وضحوا بأرواحهم ووقفوا سدا منيعا بلجانهم الشعبية العفوية أمام البلطجية ودعاة الفوضى والتخريب ، أما هؤلاء دعاة 20 فبراير فقد انسلوا بعدما اندلعت أحداث الشغب والفوضى تلك ، كما ينسل الفئران والجبناء ، لا أجد ما أقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل في كل من دعا إلى هذه المسيرة . ماهكذا تورد الإبل أيها الشباب وليس هكذا يخرج الشعب المغربي ليطالب بإصلاح نظامه السياسي والاجتماعي، وما هكذا تنال الحقوق والحريات ، وما هكذا أيها المنظمون الفارون تؤطر الجماهير ، فليس بهذا الشكل نجبر النظام على الإصلاح ، لقد أفسدتم صورة الشعب المغربي الواعي ، المطالب بحقوقه والمنافح عنها ، أفسدتم تطلعاته بجبنكم و قلة وعيكم ، و عدم وضوح رؤيتكم ، أفسدتم كل شيء جميل في أنفسنا ، أحلتم مدينتنا إلى ساحة حرب وخربتم سلمنا الاجتماعي ، لأنكم لا تفهمون الشعب المغربي ولا تفهمون قضاياه كما أنكم بعيدون عن فهم النظام السياسي وتاريخ المغرب و تشكيلاته الاجتماعية و السياسية الخمالي بدرالدين

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل