المحتوى الرئيسى

الثورة الشعبية بداية لثورة العقل الثقافة في مصر الجديدة تتخلى عن "الأبراج العاجية" وتعود للجماهير الإثنين 18 ربيع الأول 1432هـ - 21 فبراير 2011م

02/21 15:01

القاهرة - دار الإعلام العربية لا مكان لمثقف في مصر الجديدة إلا بين جموع الشعب، انتهى زمن الأبراج العالية والنجومية الكاذبة التي عزلت المبدع عن جمهوره، هذا ما أكده شباب ومثقفون وأكاديميون لـ"العربية نت"، موضحين أن الثقافة التي خرجت من رحم ثورة 25 يناير محايدة لن تنافق حاكماً، ولن تحابي مقرباً، ولن تزيف واقعاً.. ثقافة تكسر القيود، تبني ولا تهدم، تصلح ولا تفسد. "لتكن نهاية الثورة الشعبية بداية ثورة العقل الشعبية أيضاً، ولنضع الثقافة كأول مكعب لصورة مصر الجديدة".. بهذه العبارة بدأت إشراق أحمد خريجة إعلام حديثها، موضحة أن "كل شيء يبنى على الأمل"، ومعربة عن اعتقادها بأن القادم يحمل في طياته ندوات ثقافية ثرية، واهتماماً حقيقياً بالمكتبات كمكان لريّ ظمأ عطشى المعرفة، وليست كمكان تتكدس عليه كتب يخشى "حراسها" أن تمتد إليها الأيدي فتتلف "عهدتهم".. متطلعة إلى تحول كل مكتبات مصر التي كانت طوال السنين الماضية للعرض فقط إلى منارات إشعاع كما هو الحال مع ساقية الصاوي. حماية الملكية الفكرية أما الشاب محمود حامد فيأمل بأن يتوقف استغلال دور النشر للمبدعين الشبان، وأن يتاح لهم تغيير المشهد الثقافي كما استطاعوا تغيير المشهد السياسي، وأن يرتب كل مثقف أولوياته لإفادة وطنه، فلا يضيع وقته ووقت قرائه في أمور تهدم ولا تبني. ويأمل محمود في تفعيل حقوق الملكية الفكرية للتصدي للصوص الإبداع والقرصنة، وألا يكون هناك مكان لفكر روتيني عند تسجيل فكرة ما، وبالتالي لن يكون هناك مجال للإحباط أو الاضطرار إلى دفع رشى لتسهيل الأمور. ومن المهم أيضاً إنشاء صندوق لتمويل الأفكار يتبنى الأفكار الجديدة العاقلة وغير المألوفة، مع ضرورة تطوير الكتب بشكل مستمر بحيث تتسم بالتجديد والتغيير والبعد عن الرتابة والنمطية التي تصيب الشباب بالضجر. وفي الاتجاه ذاته قال الشاب عبدالعزيز المهدي، متخصص في مجال الكمبيوتر وتطبيقات الإنترنت، إنه لكي تكون هناك ثقافة حقيقية لابد أن تختفي فكرة التلقين وفرض معلومات معينة، وحجب معلومات أخرى، وإنه لا مجال في مصر الجديدة لفرض شخصيات بعينها على المشهد الثقافي. وأضاف: "لن أخشى بعد اليوم السير في الشارع ومعي كتب سياسية، سأتخطى مفهوم الخطوط بكل ألوانها السوداء والرمادية والحمراء، كما ستختفي ثقافة الشتم والتعريض والتخوين والمداهنة والتأليه، وستنبذ مصر الجديدة أدعياء الثقافة ولصوص الإبداع الذين يشتهرون بإبداعات الآخرين لا لشيء إلا استحواذهم على الأضواء. أما أمينة، طالبة في المرحلة الثانوية العامة، فقالت: على المستوى الشخصي سأعمل من الآن فصاعداً على تثقيف نفسي سياسياً في ما يتعلق بالحقوق القانونية والدستورية، لأنني وجدت بعد أحداث 25 يناير كثيراً من الشباب على دراية تامة بالدستور، لكن هناك أيضاً ضبابية سياسية غير مفهومة. وأضافت: من اليوم لابد أن يبحث كل إنسان عن الثقافة ولا ينتظر أن تأتيه من أي جهة، وعلى الأقل لأعرف عند مشاركتي في أي مظاهرة لماذا أشارك، وأن أكون عنصراً فاعلاً لا مجرد سائر في الركب، يجب على كل منا أي يكون على دراية وفهم لما يجري حوله من أحداث حتى لا يفاجأ بانهيار كل ما كان يظنه راسخاً في لحظة واحدة. استراتيجية ثقافية ويعلق الدكتور جابر عصفور الذي استقال أخيراً من منصب وزير الثقافة قائلاً: "ثقافة مصر بعد ثورة 25 يناير تنطلق من استراتيجية ثقافية على مستوى الدولة تشارك فيها جميع الوزارات مع المجتمع المدني من خلال خطة محكمة، فوزارة الثقافة هي (الجسد الطائر) للدولة، ومن الآن فصاعداً يجب أن تحلق بمساعدة المجتمع لا بمساعدة النظام، وأن تعمل على نشر ثقافة الديمقراطية الحقيقية واحترام الآخر وآرائه. وبالنسبة لعودة معرض القاهرة الدولي للكتاب لمكانته العالمية أوضح أن هناك آليات مهمة أولها إعادة النظر في طرق العرض بالمعرض السنوي، ولا يكون هناك أي شكل من أشكال الرقابة على الكتب حتى تظل مصر واحة الحرية للعالمين العربي والإسلامي. وطالب عصفور بتكوين إدارة تتبنى إعادة الشباب إلى قصور الثقافة مجدداً، وأن تكون منارات ثقافية في كل ربوع مصر، موضحاً أنها تعد خط الدفاع الأول والتماس المباشر للجماهير بنشاطات وزارة الثقافة، وأن تعمل هذه القصور بفكر الشباب وتتبنى مواهبهم وأعمالهم ولا تقتصر على استضافة الوجوه النمطية التي استحوذت على المشهد الثقافي طيلة نصف قرن، وبذلك من المهم توفير الدعم المالي لقصور الثقافة لتصل برسالتها إلى جميع أفراد المجتمع. وباعتباره من أبرز مسؤولي الترجمة في العالم العربي شدد على مضاعفة الدورات التدريبية للمترجمين المتخصصين في الترجمة النوعية لتفعيل حركة الترجمة في مصر كمنبر من منابر الثقافة، مع تأمين حركة الترجمة المزدوجة من وإلى اللغة العربية، وأن يكون هناك مخطط سنوي للترجمة لا يقل عن 100 كتاب. كما أشار إلى أن مصر الجديدة بحاجة إلى خطاب ثقافي جديد يخرج المؤسسات الثقافية من إطارها الوظيفي إلى خدمة المجتمع، واستهداف أصحاب الأمية العلمية والثقافية على حد سواء، ولا يتأتى ذلك إلا بنسف البيروقراطية التي سادت المؤسسات الثقافية، وفتح باب الحراك لترقي العاملين بها حسب الكفاءة، وتطوير معدل الأجور، وتفعيل مبدأ الإثابة والعقاب. كسرنا الحواجز إلى ذلك، قال محمد عبدالمنعم الصاوي، رئيس مجلس إدارة ساقية الصاوي، والذي تم ترشيحه لتولي وزارة الثقافة أخيراً إن الأحلام تتحقق بالإخلاص والاجتهاد، موضحاً: "في ساقية الصاوي كسرنا كل الحواجز وخرجنا ولدينا أشياء كثيرة نريد إنجازها في ضوء استقرار فكري ومنهج ديمقراطي.. مع وجود دعم للحريات؛ لأنها حجر الزاوية للفكر الثقافي، وألا يتم الانحياز لفكر دون آخر، وقد أثبتت ثورة 25 يناير أن الشباب يسلح نفسه بالعلم والاطلاع على المدارس المختلفة، ولذلك حققوا ما أبهر العالم كله، وليس من اليسير عليهم أن يصلحوا حال الثقافة". وعن دور الساقية في مصر المستقبل، أضاف: نحن مستمرون في فتح مجالات للقدرات الإبداعية لكل شاب كي يعبر عن نفسه من خلال فرص إبداع حقيقية لا مجال فيها لتقييد حرية الإبداع. أما الناقد مدحت الجيار، عضو المجلس الأعلى للثقافة، فقال: "إصلاح حال الثقافة يحتاج فترة طويلة لنصل إلى النتائج الملموسة، لكن أرى أنه لا مجال لوجود وزير للثقافة، بل ينبغي فتح المجال لتنافس المؤسسات لثقافية؛ لتقديم كل ما تملكه دون الخضوع لتوجيهات وزارية". وأشار إلى أن الأيام القادمة ستشهد إعادة صياغة المثقف المصري على المستويين العام والخاص ليكون على تواصل مباشر مع الجماهير. وتتفق معه الكاتبة شيرين أبوالنجا، أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، موضحة أن عصر صناعة النجوم والنجومية إعلامياً وفنياً وأدبياً ساهم في المنظومة الكارثية التي جعلت مجتمعاً بأكمله ينفر من كلمة "مثقف" ويسخر منها أحياناً، مؤكدة أنه لا مكان للمثقف في مصر الجديدة إلا بين الجماهير، حيث الالتحام بالبيئة الاجتماعية ليستعيد التواصل المفقود. أبرز ملامح ثقافة مصر الجديدة - خطاب نقدي وفكري ينبذ السلبية والاستكانة والخنوع. - استراتيجية ثقافية بمشاركة جميع الوزارات مع المجتمع المدني لنشر ثقافة الديمقراطية واحترام الآخر. - آليات لعودة معرض القاهرة الدولي للكتاب لمكانته العالمية دون رقابة أو وصاية. - تحويل قصور الثقافة إلى منارات ثقافية في كل ربوع مصر لإعادة الشباب إليها. - تفعيل حركة الترجمة وتأمين حركتها المزدوجة من وإلى اللغة العربية بمخطط سنوي لا يقل عن 100 كتاب. - نسف البيروقراطية وفتح الحراك لترقي العاملين حسب الكفاءة، وتفعيل مبدأ الإثابة والعقاب. - لا مجال للألقاب العتيقة مثل "الشاعر الكبير"، "الكاتب الأسطورة"، أو حتى "الفنان الوزير". - فلترة المهرجانات بحيث يتبقى منها فقط ما يحقق فائدة حقيقية. - ندوات دورية يكون فيها الشباب هم الفاعل لا المفعول به. - إطلاق حرية الإبداع بلا سقف. - مبدعون ونقاد على قدر كبير من المسؤولية، فلا مجال لخلق فوضى في الإبداع. - عودة المصداقية إلى النقد. - تعزيز إجراءات توزيع ونشر الكتب، بما ينعكس على زيادة رقعة الوعي بامتداد الوطن. - خلق حوار مجتمعي موسع تشارك فيه كل قطاعات المجتمع وفئاته حول تبني إجراءات فاعلة لحماية حقوق الملكية الفكرية والأدبية والعلمية. - عودة الرحلات الطلابية للتعرف إلى ثقافة وحضارة مصر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل