المحتوى الرئيسى

‮ ‬مصر رجعت بلدنا

02/21 11:00

لو لم ار في حياتي مشهدا سوي صراخ الملايين‮ ‬المطالبين في القاهرة‮ ‬والاسكندرية والسويس والمنصورة وغيرها من المدن بتغيير النظام لكان ذلك المشهد كافيا لملء كل جوارحي وشحن كل طاقاتي وتعويض ما ضاع هدرا من عمري‮.‬فما بالكم‮.. ‬وقد منحني الله بعدها الفرصة لأري احتفالات الملايين في كل شوارع مصر برحيل حسني مبارك وسقوط النظام وبدء محاكمة رموز الفساد والطغيان واقطاب الارهاب والوحشية‮.‬ولكن المشهدين السابقين‮ (‬وما اروعهما او اندرهما‮) ‬لا يزيدان حجما وتأثيرا عن مشاهد الايام التالية والتي تجلت يومي الجمعة والسبت الماضيين مع نزول الآلاف او عشرات الآلاف من الاطفال‮ (‬واكرر الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين السادسة والعاشرة‮) ‬مع اشقائهم بين العاشرة والعشرين لتنظيف شوارع القاهرة ودهنها وتجميلها في اول عمل جماعي اجتماعي منظم في تاريخ الدولة المصرية الحديثة‮.‬وجودي المنتظم في ميدان التحرير منحني الفرصة للاقتراب من شباب الثوار الذين علموني وعلموا كل افراد جيلنا الخائف مفردات الشجاعة والمواجهة ورفع الصوت بلا وجل او تراجع‮.‬ومن حواراتنا اليومية عرفت افكارهم وثقافتهم وايمانهم العميق بالحرية والديمقراطية وحقهم في الحياة الكريمة علي ارضهم ووسط اهلهم بعد ان عانت اغلبيتهم من سفر ذويهم الي الخارج للعمل او للهجرة‮.‬ولكنني لم اعرف ابدا افكار الصغار من الاطفال او الجيل الذي يكبرهم وحالت ظروف اعمارهم او عدم سماح اسرهم دون تواجدهم في ميدان التحرير او شوارع مصر الاخري خلال فترة الثورة‮.. ‬ووجدوا الفرصة متاحة للنزول والمشاركة في الثورة واكمال جوانبها بحملة عظيمة لتنظيف وتجميل مصر‮.‬اوقفت سيارتي‮ ‬غير مرة يوم السبت الماضي وفي اكثر من شارع عبر احياء مختلفة لأقدم الشكر والتحية والدعم لهؤلاء الفتيات والفتيان ابناء مصر‮.. ‬وحرصت علي مصافحتهم واحدا واحدا والوقوف معهم وسؤالهم عن اعمارهم ومدارسهم وعمل اولياء امورهم‮ (‬واغلبهم من طبقات راقية وفي مدارس اجنبية او خاصة‮).. ‬وامضيت وقتا طويلا في محاورتهم والتعرف باستفاضة وصدق علي دوافعهم للعمل التطوعي‮ ‬غير المسبوق علي ارض الكنانة‮.‬الرد كان واحدا بلا اي اتفاق‮.‬مصر رجعت بلدنا‮.. ‬ولها حق علينا‮.‬سبحان الله‮.. ‬الرد واحد‮.. ‬والرأي واحد‮.. ‬والعمل واحد‮.‬عشنا آلاف السنين ومصرنا تفتقد الي مبدأ العمل الجماعي‮.. ‬ونجحت الانظمة المتتالية باساليبها المتعمدة او الغبية ان تقتل روح الجماعة بين الناس وان تنمي الفردية والتفرقة بل وتعزز‮ ‬غريزة الكراهية والانتقام بين ابناء الفريق الواحد‮.. ‬حتي اصبحت قيمة العمل الجماعي مجرد حكاية تتكرر فقط في المحاضرات العلمية ولا يستمع اليها احد‮.‬شبابنا علمونا طرد الخوف ورفع الصوت‮.. ‬واطفالنا علمونا الآن قيمة العمل الجماعي والاجتماعي‮.‬فعلا‮.. ‬مصر الآن بلدنا‮.. ‬بلدنا جميعا‮.. ‬هل يمكن لأي فرد يشعر بقيمة وعظمة بلده ان يتراخي الآن عن تقديم كل الخير لمصرنا الحبيبة؟شكرا من جيل جبان خائف الي الاطفال والي الشباب‮.‬مصر رجعت بلدنا‮.‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل