المحتوى الرئيسى

باستخدامها الفيتو، قطعت أمريكا قول كل خطيب بقلم:رشيد شاهين

02/20 21:00

باستخدامها الفيتو، قطعت أمريكا قول كل خطيب رشيد شاهين جيد هذا الذي فعلته الإدارة الأمريكية "بقيادة الرئيس باراك حسين اوباما"، عندما أوعزت إلى مندوبتها "سوزان رايس" في مجلس الأمن، استخدام حق النقض "الفيتو" ضد مشروع يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فهي بذلك، إنما قطعت الشك باليقين بالنسبة لأولئك الذين طالما راهنوا على الموقف الأمريكي، ومن انه يمكن أن يكون دورا شفافا نزيها ومحايدا في موضوع الصراع الفلسطيني الصهيوني. وعندما نقول جيد هذا الموقف، ذلك لان هنالك من الكتاب والمحللين والمنظرين الذين اعتقدوا وبالغوا في اعتقادهم، منذ قدوم السيد "حسين اوباما"، انه سوف يكون رئيسا مختلفا عمن سبقه من الرؤساء الذين شغلوا هذا المنصب، منذ قيام دولة العدوان في فلسطين، وكان هؤلاء يعملون جاهدين على إقناعنا بأنه رجل مختلف، ومن انه سوف لن يدير الظهر إلى معاناة الشعب الفلسطيني كما فعل كل أسلافه، خاصة وأنه صديق للعديد من المثقفين والشخصيات العربية والفلسطينية، كما وانه ينحدر من أب "مسلم" تبرأ في الحقيقة الابن منه منذ فترة طويلة، كما تبرأ من كل علاقاته السابقة " المشبوهة" مع كل من يمت إلى العروبة وفلسطين بصلة. لقد حاول بعض الكتاب والساسة ووسائل الإعلام وخاصة في إسرائيل، القول بأن اوباما سوف "يهز" العصا في الوجه الإسرائيلي عندما تحين مثل هذه اللحظة، وقال بعضهم بأن أقل ما يمكن أن يقوم به اوباما، هو الإيعاز إلى مندوب/ ة أمريكا، الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن فيما لو طرح مثل هذا القرار من الجانب الفلسطيني أو من أي جانب آخر، وذلك من اجل ممارسة نوع من الضغط على إسرائيل. مثل هذا الموقف أو التحليل قيل أيضا من قبل بعض الكتاب والمحللين الغربيين، الذين اعتقدوا بأن اوباما لكثرة وشدة ما تعرض له من "صفعات" من قبل قادة دولة الاحتلال، سوف ينتقم لكرامته فيما يعرف لدينا بأضعف الإيمان، إلا أن من الواضح ان الرجل لم يَرْقَ إلى مثل هذا التحليل أو التوقعات المتفائلة. الفيتو الأمريكي ربما فاجأ البعض، إلا انه كان متوقعا بلا أدنى ريب، خاصة وان أي متابعة للمواقف الأمريكية كانت كافية للتدليل على ان أوباما لم يكن أبدا ومنذ أعلن عن ترشيحه لنفسه، ومن ثم فوزه، لم يكن فرس رهان على الإطلاق، فهو منذ بداية حملته الانتخابية لم يتوقف عن محاباة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، لا بل هو انطلق من مقر الايباك في حملته تلك، وهو المقر الذي أنهى فيه تلك الحملة، كما ان تراجعاته المتلاحقة كانت كافية لكل ذي بصيرة بأن يلاحظ ان الرجل لم يكن على قدر التوقعات المتفائلة بشأنه. الفيتو الأمريكي كما نراه، إنما جاء ليفضح الدور الأمريكي وليزيل الغشاوة ربما عن عيون وقلوب من روجوا لموقف محايد ومتوازن لإدارة يقودها من هو كما اعتقدوا ذو "أصول" إسلامية ويحمل اسما عربيا، وهو جاء ليؤكد على ان الولايات المتحدة تشجع إسرائيل على المزيد من الاعتداءات ومصادرة الأراضي في السر والعلن، وانها – أمريكا- لا يمكن ان تفرط بعلاقاتها الإستراتيجية مع دولة الكيان، مهما كان الثمن الذي قد يدفعه أبناء فلسطين. الادعاء الأمريكي بكل ما يتعلق بحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها ليس سوى شعارات زائفة، كاذبة ومخادعة، تتبناها الإدارات الأمريكية بحسب مصالحها، وإلا ما معنى ان تقوم أميركا بدعم انفصال جنوب السودان وإقامة دولة هناك وجاهزية عالية للاعتراف بهذه الدولة، لا بل ودفع الحلفاء بكل الوسائل من اجل الاعتراف بالدولة المنشودة هناك، فيما لا تقوم بمجرد إدانة المخططات الصهيونية في فلسطين ووضع العراقيل أمام أي محاولة لإنشاء كيان فلسطيني نصت عليه قرارات الأمم المتحدة منذ عشرات السنين. من الواضح ان الإدارة الأمريكية التي تراقب ما يحدث في المنطقة من "هزات" ضد الأنظمة التي ارتبطت تاريخيا بها، لم تقرأ الرسالة جيدا، وهي لا تدرك أن أي تغيير في أي من الدول العربية، بغض النظر عن حجمه، سوف يقود بالنهاية إلى تغيير في مواقف الشعوب بشكل أكثر وضوحا وربما تطرفا، ضد كل ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية، وضد كل المصالح الأمريكية وربما الغربية بشكل عام في المنطقة. لا بد للولايات المتحدة أن تدرك، بأن المسالة الفلسطينية هي في وجدا كل مواطن عربي ومسلم، وهي وان تعرضت لمراحل من المد والجزر لعوامل عديدة أهمها التآمر من قبل الأعداء والأشقاء والأصدقاء، إلا ان عدم حلها سوف يظل كما البركان الذي إذا ما اندفعت حممه، فلسوف يأتي على الأخضر واليابس، وقد يكون ما حدث في مصر وتونس "حتى وان لم تكن فلسطين حاضرة بقوة في شعارات الثوار"، بداية لهذه الحمم، التي بالضرورة سوف تغير الكثير من المواقف للدول العربية ولشعوبها، وإذا ما انتشرت الديمقراطية في الوطن العربي، فلسوف تسمع أميركا شعارات مختلفة عما تعودت على سماعه في ظل الديكتاتوريات، تعبر عن مدى الكراهية لسياساتها بسبب دعمها للكيان الغاصب في فلسطين. على أية حال، ان تعارض الولايات المتحدة الأمريكية كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن وتحبط القرار الأممي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، أو ان توافق أو ان تمتنع عن التصويت، لن يغير الكثير من الوقائع على الأرض، فإسرائيل ماضية في غيها، عدا عن ان هنالك العشرات من القرارات التي تدين إسرائيل، وهنالك العديد من القرارات التي يجب على إسرائيل ان تنفذها والتي منها إعادة اللاجئين والانسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية التي احتلتها في حروبها المختلفة وخاصة حرب العام 1967مع الدول العربية، حيث ثبت وبالملموس ان دولة الاحتلال ليست سوى دولة مارقة متمردة وخارجة على القانون الدولي. المهم في قرار "الفيتو" هو انه ساهم إلى حد كبير في بيان الموقف الأمريكي الذي راهن عليه البعض، وان هذا الدور لن يكون إلا مساندا لدولة الاغتصاب، وان لا مجال لدور أمريكي محايد عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، وبالتالي فانه لا بد من إعادة ملف الصراع إلى الأمم المتحدة ومؤسساتها من اجل إنهائه وإبعاده عن الأيدي الأمريكية أو غيرها من الجهات التي تتعامل معه وفق أهوائها ومصالحها. هذا الموقف سيزيد من حجم الكراهية للسياسات الأمريكية، كما وسيعري كل الذين يحاولون "تبييض" وجه أميركا القبيح، كما لا بد سيسهم في توجيه الغضب الشعبي العربي نحو المصالح الأمريكية، وكل الأنظمة التي ربطت مصالح الأمة بالسيد الذي يجلس في البيت الأبيض بغض النظر عمن يكون. 20-2-2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل