المحتوى الرئيسى

د. نادر فرجاني : هل هناك مدرسة للطغاة؟

02/20 13:44

‏هل يذهب الطغاة الجلادين إلى مدرسة واحدة؟ أو هم يعملون وفق كتيب إرشادات واحد؟ أو أن التعليمات تصدر لهم من إدارة مركزية واحدة؟ أو أنهم يتعلمون من بعضهم بغباء المتلقِن الخامل؟أو أن ما يحكم سلوكهم هو أنهم كلهم أفظاظ، غلاظ القلوب والأفئدة، ولكن في العمق جبناء مجردين تماما من أي نخوة أو شهامة؛ هم في الواقع مجرمون شديدي الأنانية ومجردون من الإنسانية، فينتهون إلى اعتماد السلوك نفسه في الظروف ذاتها.فيبدأون بالادعاء ان بلدهم مختلف عن تلك التي نجحت فيها الثورات الشعبية مؤخرا، ويتهمون الشباب النقي الثائر بالضلوع في مؤامرات خارجية، وبأنه مرتزق من الخارج؛ ثم ينزعون إلى إعمال القتل والإصابة في الشباب الثائر على طغيانهم قبل أن يفكروا في الإصلاح الجدي، وعندما يشتد عود الانتفاضة الثورية يلجأون لقطع الاتصالات مع العالم الخارجي، وترويع الصحافيين وتقطيع أوصال البلاد بتعطيل سبل الانتقال، قبل التلويح بالإصلاح، مماطلة وتسويفا، من خلال التفاوض مع القوى الشعبية التي ظلوا يسومون جميع أشكال العذاب سنين عددا ويتعالون عن الحوار معها بجدية؛ ثم لا يتورعون عن تخرِّيب البلد التي حكموا بالحديد والنار ونهبوه سنين طوال، ويواجهون الثوار المسالمون بالقوة المفرطة من قبل قوى أمنهم والجيوش والصعاليك الشقاة الذين تستأجر قوات أمنهم الخاصة التي يغدقون عليها حتى بالملابس المثيرة للهلع، خاصة القبعات المعدنية (السوداء في مصر، والصفراء في ليبيا، والزرقاء في الجزائر) أو أحزابهم الورقية، وليست إلا تشكيلات عصابية من المنتفعين بالحكم التسلطي، التي يتزعمون، مستعملين السلاح وأدوات القمع، من قنابل الدخان ومسيلات الدموع والرصاص المطاطي، وصولا إلى الرصاص الحي الذي يطلقه القناصة التمركزين فوق أسطح المباني، والتي يمدهم بها أسيادهم في الغرب باعتبارها معونات للبلد والشعب، ولا يتورع بعض عتاة الجلادين عن توظيف الجيوش والمرتزقة الأجانب مستعملين حتى الطائرات والأسلحة الثقيلة؛ وفقط عندما يتأكد لهم أن الشعب قد عقد العزم على التحرر من تسلطهم وإجرامهم، وأن سادتهم الأجانب أضحوا يتبرأون من جرائمهم، يعدون العدة للفرار أو التخلي، مؤثرين السلامة، آملين في الإفلات من المساءلة، ولا يلقون بالا إلا إلى التكالب المستميت على الثروات التي نهبوا من دم الشعب وعرقه.ولا خلاف في ان طاغية مصر المخلوع، يحمل، حتى وقت الكتابة، الرقم القياسي في إعمال القتل والتنكيل بشباب الثورة الفل فقد أسقط أكثر من 350 شهيدا وأصاب أكثر من خمسة آلاف من خيرة شباب مصر قبل أن يُنحى بعد نفاذ حيله في المماطلة والمراوغة والتسويف، مصغيا لنصائح بطانته وأقرانه من الطغاة بالاستمرار حتى لا يحل يومهم سريعا، ودعم أصدقائه في معسكر العدو المستميت على بقائه.ومع هذه التضحيات الجسام، فلا ريب في أن من مناقب نجاح ثورتي الياسمين والفل، في تونس ومصر، أن تأجج التوق للحرية في عموم البلدان العربية وأشعل ثورات الغضب ضد طغاة الحكم التسلطي، وقامت ثورات شعبية يعتد بها في البحرين وليبيا واليمن.والمؤسف أن طغاة هذه البلدان العربية قد أظهروا جميعا نمط الطاغية الجلاد الموصوف أعلاه. حتى ليبدو أن الطواغيت العرب الباقين (سقط إثنان، والبقية سيلحقون بهما لا ريب) يتبارون على قتل مواطنيهم في ليبيا واليمن والبحرين على كأس جامعة القهر العربية. ويبدو أن عميد الجلادين العرب، معمر القذافي، الرئيس الحالي لقمة القهر العربية، ومناصر كل طاغية أسقطه شعبه (تكلم مدافعا عن “زين الهاربين” بعد فراره وعن رئيس مصر المخلوع بعد تنحيته) هو من يكسب الجولة الحالية من هذه المباراة الدنيئة، حيث تشير الأخبار إلى قتله أكثر من مائة من خيرة شباب ليبيا حتى وقت الكتابة، خاصة في مذبحة بنغازي التي يقودها أحد أبنائه الفاسدين، والتي ستظل تلاحق تاريخ القميء باعتبارها أنكر وصمات حكمه الطاغوتي.ويثور هنا سؤال ملح هو: لماذا يصمت السيد عمرو موسى، أمين النظام العربي الرسمي، على جرائم رؤساء جامعة القهر العربية تاركا الشجب والإدانة لوزيرة الخارجية الأمريكية وأمين عام الأمم المتحدة وغيرهم من الأجانب المنافحين عن حقوق الإنسان في البلدان العربية؟مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل