المحتوى الرئيسى

الزنوجة في الشعر الإفريقي والكريولي بقلم:هيثم عبدالله صالح

02/19 19:04

الزنوجة في الشعر الإفريقي والكريولي: بقلم: هيثم عبدالله صالح/ كاتب سوداني. الزنوجة في الأدب والسياسة مفهوم أستحدثه الشعراء وظهر لأول مر في عام 1939م في قصيد إيمية سيزار (العودة إلى أر الوطن) وتعتبر الحركة الأدبية والسياسية التي تحمل مفهوم الزنوج قد سبق ظهورها هذا التاريخ فقد ولد في مجتمع الطلبة الأفارقة والأنتيليين الذين كانوا يجتمعون حول سيزار وسنغور خلال السنوات 1933م-1935م في مدينة باريس ثم ولج هذا المصطلح عالم الأدب بصور أوضح عند ظهور ديوان إيميه سيزار بعنوان (دفتر العودة إلى أرض الوطن) الذي من انطولوجيا قصائده المترجمة للعربية: زنوج كالقيء وحوش تصيدها الكلاب في (كالابار) ماذا؟ أنصم الاذان؟ و نثمل حتى الموت..من الترنح و السخرية و استنشاق الضباب! عفواً أيها الإعصار..أيا رفيقنا اسمع اللعنات مكبلة تتصاعد من جوف السفينة.. حشرجة الموتى، صوت احد يلقى في الماء.. عواء امرأة تلد، كشط اظافر تبحث عن اعناق.. لسعات سياط..هوام تعيث وسط الكلل.. ما خصنا شيء ابداً على التمرد، و الاقدام على مغامرة بائسة فلتكن مشيئتك ، فلتكن مشيئتك.. أنا لا انتمي إلى أية جنسية نصت عليها القنصليات.. أتحدى مقياس الجماجم.. و ليخمدوا، و يخونوا ثم يمونوا لتكن مشيئتك.. لتكن مشيئتك..كانت مكتوبة على هيكل احواضهم.. ويعتبر الشاعر إيمية سيزار الذي يعود أصله إلى جزيرة المرتنيك بالبحر الكاريبي أول من قال بالزنوجة وأبتكر هذا المصطلح الذي كان في مفهومة مجرد اعتراف المرء بحقيقة أن يكون اسود بل وقبوله بقدر هذا الواقع والتاريخ والثقافة إلا أن ليوبولد سيدار سنجور شاعر ورئيس السنغال السابق هو من ذهب بعيداً في مفهوم الزنوجة واعتبرها مجموعة واسعة من قيم اقتصادية وسياسية وفكري ومعنوية وفني واجتماعية خاص بالشعوب الأفريقية والأقليات السوداء حول العالم وقد تم اعتبار سنجور عراب وفيلسوف هذا المفهوم الذي أراد به الوصول إلى ما يتعدى الاعتراف بالشعب الأسود حيث أراد توحيد الشعب الأسود في ظل ثقافة سوداء ترتبط بالطبيعة الأنثربولوجية والأثنولوجية وماضي الأجداد ،ولقد ناهض هذا المفهوم كثير من الفلاسفة والأدباء حتى لا يفضى هذا المسلك الفكري إلى إلتباس عنصري ضد العنصرية،ولكن بالشخوص لمعطيات الواقع آنذاك نجد الحق الكامل (لسنغور) في أن يعتلي صهوة هذه الفلسفة كرد فعل مناهض للاستعمار ،ولقد رحب بالفكرة حينذاك كثير من الجهات الأدبية وقدمها جان بول سارتر في الفكر الفلسفي المعاصر وذلك حين كتب مقدمة لكتاب ليوبولد سيدار سنقور تحت عنوان (مختارات من الشعر الزنجي والملقاشي المعاصر) رغم أن سارتر نفسه لم يكتب عن بطوله أسود في رواياته كاملة البطولة للأبيض!والمعروف أن فاقد الشئ لا يعطية لذا في تقديري يندرج مسلك سارتر في هذا المسار تحت طائلة الشعور بالذنب التقليدي في اوساط الغربيين البيض المناهضين لاستعمار الأبيض ضد الأسود والمتماهين مع أدب التحرر العالمي. ومن خلال فلسفة الزنوجة عمد سنجور لإعادة التباهي بإفريقيا عن طريق تثقيف الأخر بالفلكلور والمثيولوجيا والموروث القبلي مع تزكية وتمجيد البطولة الأفريقية وإبراز دور الرجل الأسود في بناء الحضارة الإنسانية العالمية انطلاقاً من أن أفريقيا كما يرى المؤرخ الأنثربولوجي (الشيخ أنتا ديوب) قد أوجدت الحضارة المصرية التي قادت ركب الحضارة العالمية والأفارقة السود هم المصريين القدماء،ومن هنا تكون الزنوجة مفهوم استقلالي يرفض الذوبان الثقافي والانصهار السياسي والهيمنة البيضاء على ثقافة أفريقيا وتعتبر أستنهاض للهمم وتنمية الجذور والاعتزاز بها دون أنغلاق عن العالم الخارجي. ولنا - هنا -أن نتخير بعض المقاطع والتي يتحدث فيها عن إفريقيا السوداء بزنوجتها ومشاكلها وظلم الجميع للإنسان الأسود، ففي قصيدة (من توكو - والي) يقول: «كانت الحقول مليئة بديدان لامعة والنجوم تحط على العشب على الشجر والصمت يحيط به وحدها عطور الأدغال كانت تطن وخلايا النحل التي يعلو دبيبها على تموجات صرار الليل الخفيفة وطام - طام مقنع وتنفس بعيد في الليل أنت يا توكو والي تسمع ما لا يُسمع وتشرح لي العلامات التي يمليها الأجداد في الهدوء البحري على مجموعات النجوم. الثور، العقرب، الفهد، الفيل، الأسماك الأليفة... ليلة من إفريقيا. ليلتي السوداء سرية وواضحة». ومن أدباء الزنوجة أضافه لسيزار وسنجور نجد فرانسيس بيبي الباحث عن الهوية ومن قصائدة الشهيرة (حياتي أغنية) والتي يقول فيها والتعريب هنا لدكتور عبدالله صالح: أسأل حيناً من أين أتيت؟ فأجيب بأني عن ذاك ما دريت فمنذ حين على الدرب مشيت درب قادني إلى حيث أويت لكني أعرف من الحب أتيت من الأرض المشمسة أتيت كل حياتي أغنية أترنم لأقول كم أهواك هذا المساء ، أمطرت السماء بقربك أود البقاء لأحملك إلى بلد منه أتيت هناك حيث سري أخفيت وأنت أيضاً من الحب ستولدين كل حياتي أغنية أرددها لأقول كم أهواك كل حياتي أغنية أترنم لأقول أهواك وترتبط الزنوجة بالثورية ارتباط لا فكاك منه ومن الأمثله الشاعر الثائر باتريس لوممبا شاعر الحرية والنار وأمثاله كُثر من المناضلين ،وما زلت أذكر القصيدة الشهيرة جداً التي كتبها الشاعر الوطني لهايتي المتوفى في 1906م أوزوالد دوران والتي نشرتها معظم «الأنطولوجيات» الشعرية، وفيها يرثي، هو «ابن الشمس»، «الشديد السمرة»، حبه لفتاة فرنسية تدعى «ليز»، لم يحظ بـ «نظرة من عينيها المبهورتين. وكذلك الشاعر السوداني المعاصر محمد مصباح الفيتوري شاعر أقريقيا ومن انطولوجياته الشهيرة (أغاني أفريقيا) : الملايين افاقت من كراها ما تراها ملأ الأفق صداها خرجت تبحث عن تاريخها بعد ان تاهت على الأرض وتاها حملت فؤسها وانحدرت من روابيها وأغوار قراها..! فانظر الإصرار فى أعينها وصباح البعث يجتاح الجباها يا أخى فى كل أرض عريت من ضياها وتغطت بدماها يا اخى فى كل ارض وجمت شفتاها واكفهرت مقلتاها قم تحرر من توابيت الأسى لست اعجوبتها أو مومياها انطلق فوق ضحاها ومساها وأيضاً على سبيل المثال الشاعر السوداني صلاح أحمد إبراهيم في قصيدته مرية التي من محاورها العنصريه والهوية: أنا من إفريقيا : صحرائها الكبرى وخط الاستواء شحنتني بالحرارات الشموس وشوتني كالقرابين على نار المجوس لفحتني فأنا منها كعود الأبنوس وأنا منجم كبريت سريع الاشتعال يتلظى كلما اشتم على بعد تعال يا مريه : أنا من إفريقيا جوعان كالطفل الصغير وأنا أهفو إلى تفاحة حمراء من يقربها يصبح مذنب فهلمي ودعي " ....... " الحمقاء تغضب وأنبئيها أنها لم تحترم رغبة نفس بشرية ولا يقتصر الأدب الزنوجي على القصيد بل يتجاوزها إلى كل اشكال الأدب وهنا يتبادر للذاكرة رواية للأديب الروائي الكيني نغوغي واثينغو االذي يدعو في رواياته إلى إلى إحياء التراث الإفريقي في مواجهة القيم الأوروبية الغربية وبقراءة كتاباته ستندهش بالعمق الأنساني لدرجة أنك لا تستطيع التوقف عن البكاء وكذلك الروائي الكيني نجوجي واثيونغو صاحب كتاب تحرير العقل من الأستعمار وامثالهما كثر تضيق بهم ساحة هذا المقال الباحث في الزنوجه في الشعر الأفريقي والكاريولي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل