المحتوى الرئيسى

د. قميحة يكتب: لمن الملك اليوم؟!

02/19 16:26

بقلم: الدكتور/ جابر قميحة (بمناسبة ثورة الشباب التي هبت في 25 يناير 2011) أنا قلت لك(بمناسبة ثورة الشباب التي هبت في 25 يناير 2011)لم تستمع ليوظللت في الظلماتوالعهد الرديءْأنا قلت لك"الملك لله القدير وليس لك"فقلت "كلا أنت كذاب وحاقدبل أنت مرتد وجاحد"كم قلت لكلم تستمع ليحتى رأيتنهاية الظلم العدَمْوأصر هذا الشعبأن يرميك بالنبأ اليقين:ارحل.. رحلت وأنت مكسور الجناح**** اللهم لا شماتة، وقد قيل "لا تجهزوا على جريح"، وقد كنت أتمنى ألا أخوض هذا المخاض، ولكنه الواجب الذي ألزمنا الله به وهو، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.  إنها رسالة أوجهها إليك في منفاك بشرم الشيخ، أو أي بلد تلجأ إليه لأقول: كم استهنت بالشعب فحكمته بالحديد والنار، وكنت أنت الدستور والقانون والآمر والناهي، والعبقرية الفذة التي فاقت حدود العقل في التاريخ الإنساني كله!!. واستمرأت كرسي الحكم، وملاذ السُلطة، وكان حكمك أطول حكم في تاريخ مصر بعد محمد علي إذ زاد على مدة حكم سلاطين الثورة جميعًا، وزاد على مدة حكم الملكين فاروق وفؤاد، وكنت تنوي تجديد حكمك في ظل دستور كئيب ظالم، طبخته بيديك. واستمرأت التزوير في انتخاب المجلسين الشعب والشورى، وقلت بالحرف الواحد "إن الانتخابات جاءت نزيهة حرة، وإن شابها بعض التزوير" مع أنها كانت كلها تزويرًا في تزوير. فمن حقي أن أسمعك هذه الأبيات:خلل ثوى في كفتيك فصرت- من خلل- قعيدفالظلم عدل إن تشأ... والعدل ظلم إذ تريدفإذا وعدت فلا وفاء بالعهود وبالوعودأو ما ترى للص أصبح مالكًا فيها يسود؟أما الديار فصحبها... طرداء منها كالعبيد**** واستهنت بكرامة الشعب وإرادته، هل تنسى أنك قلت عن تجمع النواب الحقيقيين فيما يسمى بالبرلمان الموازي، قلت مستهينًا بهم وهم صفوة الأمة "يلا خليهم يتسلوا"، وما هكذا تعالج الأمور، فلم تكن واقعيًّا مع نفسك ولا مع الأمة. أما الإخوان فمرة تقول عنهم "مفيش حاجة عندنا اسمها إخوان، مفيش شيء عندنا اسمه إخوان"، أما الآن بعد أن ضاق بك الحال رأيناك تقول للغرب ولأمريكا بصفة خاصة "أنا لو تخليت عن الحكم، فلن يحكم الشعب إلا الإخوان أو الفوضى". ورحلت فلم يحكم الإخوان ولا الفوضى شعبنا الحبيب، وعاد الأمن والاستقرار والإنتاج والشعور بالأمان لكل فرد في هذه الأمة. إن ظلمك دخل كل بيت في مصر، فليس هناك أسرة إلا وفيها ضحية لك بتهم مخترعة منها: غسيل الأموال، ومنها الانتساب لجماعة محظورة، ومنها محاولة قلب نظام الحكم، ولست أدري كيف يقلب نظام هو مقلوب بطبيعته؟ وزوار الفجر- وهم رجالك- كانوا إذا اقتحموا في الليل البهيم مسكن واحد من الإخوان حطموا كل شيء فيه، وصادروا الأجهزة والأموال وحلي النساء ولعب الأطفال وكتبهم، كل ذلك غنيمة استحلها رجالك الأبطال، ويجيء تقريرهم يدل على غباء أصيل، فمما يجيء في هذه التقريرات "وضبط عند المذكور آلاف من المنشورات لتوزيعها على الجمهور، وكلها تحض على كراهية النظام" ونسي هؤلاء أنه لا قيمة لأي منشورات في عصر يعتمد فيه الناس على النت يستقون منه كل ما يريدون.**** لقد كان عهدك فسادًا خالصًا: الرشوة، نهب الوطن، الأرض، والمال، كما ظهرت في عهدك طبقة بل طبقات من النفاق، حتى أصبح النفاق هو أسلم طريقة للوصول إليك وإلى المناصب، والمراكز العليا، وعلى رأس المنافقين رؤساء التحرير لما يسمى بالصحف القومية، وبعض هؤلاء يتقاضى مرتبًا شهريًّا قدره مليون جنيه. وأنت ومن يماثلك يا مبارك، وحواريوك، وحواريو من يماثلهم قلت فيهم:إن قال سيدهم "لا" فهي كلمتهم =  وإن يقل "نَعَمٌ" قالوا: "نَعَمْ" نعمُعُميٌ عن النور، في آذانهم صممُ =  لا ينطقون بحقّ؛ إنهم بُكمُيرضون بالدُّون والدنيا إذا نعموا =  أما إذا حُرِموا أطماعَهم نَقِمواكأنهم في مسار العمر قد خُلِقوا =  بلا عقولٍ، فهم في عيشهم غَنَمُ********** لقد نسيت قوله تعالى ﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106) وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ (108)﴾ (آل عمران). لقد اعتقدت أن حوارييك من هامان والجنود سيغرسونك في الحكم إلى الأبد. ولقد قلت لك مرارًا وتكرارًا "اذكر قول الإمام علي- كرم الله وجهه-: "ضع فخرك، واحطط كبرك، واذكر قبرك". ولكنك- يا مخلوع- ظللت في كبرياء منفوشة، تفخر على العالم جميعًا بعبقريتك المدعاة، ونسيت أن هناك ما يسمى الموت والحساب. وكأني بك نسيت قوله تعالى ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)﴾ (آل عمران). ونسيت قول الشاعر:إذا أنت أفنيت العرانين والذرا = رمتك الليالي من يد الخامل الذكروهبك اتقيت السهم من حيثُ يُتقى = فمن ليد ترميك من حيث لا تدري(والعرانين والذرا أشراف الناس وأطهرهم). فما أغزر الدماء التي سفكت على يديك وأيدي حوارييك، وظننت أنهم يحمونك من أي شيء ينالك، أو ضربة توجه إليك، ولكن يشاء الله أن تأتيك الضربة من خامل الذكر، وأعني بهم الشباب الذين كانوا كمّا محتقرًا في نظرك، وأتتك الضربة من حيث لا تدري.سبحان الله ما أقدره وما أعظمه، فالحق يقول:ما بين غمضة عين وانتباهتها = يغير الله من حال إلى حال وها هي ذي الأرض قد ضاقت عليك بما رحبت، فقد حملت الأنباء أنك عرضت على بعض الدول الأوروبية أن تلجأ إليها، فرفضت، ولم تنفعك بلايينك المهربة، وضاقت عليك نفسك، فعشت ميتًا ملفوظًا بعد أن وجَّهْت قواتك لضرب الشباب حتى سقط منهم مئات من الشهداء. ويبقى الدرس الخالد بعد ذلك ملخصًا فيما يأتي:1- أن إرادة الله أقوى من إرادتك وإرادة البشر جميعًا، فدستورها هو "كن فيكون".2- أن إرادة الشعب المظلوم من إرادة الله سبحانه وتعالى، فقد جاء في الأثر "اتقوا دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب".3- أن الشباب هم عنفوان الأمة، وشعورها الحي، وحماستها الدفاقة لذلك استطاع شبابنا بإيمانهم وإصرارهم أن يحققوا للأمة- بثورتهم الرشيدة- ما لم يتحقق في تاريخ شعوب العالم، وأصبحوا مثلا تحاول الشعوب أن تأخذ نفسها به.4- فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، وقد كان الحزب الوطني هو الزبد الذي تبخر كله في يوم وليلة.5- أن ثورة الشباب دفعت مصر من دولة في المؤخرة إلى دولة في مقدمة دول العالم باعتراف الأصدقاء والأعداء. يا مبارك إن ما قدمته من دروس ستظل خالدة أبد الدهر لا تموت[email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل