المحتوى الرئيسى

آخر عمودالخروج اللائق والنادر

02/18 07:47

بدأت في تونس،‮ ‬وانتقلت قبل أن تنتهي هناك إلي مصر‮. ‬ومن مصر انتقلت بدورها إلي اليمن،‮ ‬فالبحرين،‮ ‬ثم الجزائر،‮ ‬ثم السودان،‮ ‬وليبيا،‮ ‬لتشتعل مرة أخري بعد‮ ‬غياب عام في إيران‮.‬ما‮ ‬يتكرر في هذه الدول حتي الآن بدأ بتظاهرات متواضعة،‮  ‬سرعان ما تضخمت لتنقلب في تونس ومصر إلي ثورة شعبية حقيقية فرضت تغييرات هائلة تحققت بالفعل،‮ ‬وينتظر الثائرون المزيد‮.. ‬والمزيد منها‮.‬قرأنا،‮ ‬وكتبنا،‮ ‬الكثير عن تلك التظاهرات الشبابية وانضمام الشعوب إليها‮: ‬إعجاباً‮ ‬وتأييداً،‮ ‬ومشاركة فعلية إلي أن تتحقق كل المطالب المعروفة و تلك التي لم‮ ‬يفصح عنها بعد‮. ‬ولأن الشعوب تختلف من شعب إلي آخر،‮ ‬فمن الصعب تحديد سبب واحد أو بضعة أسباب معدودة وراء اندلاعات هذه التظاهرات الشعبية المناهضة لحكوماتها‮. ‬الأسباب التي نسمعها ونرددها كثيرة،‮ ‬قد تكون مشتركة في إطارها أو مختلفة في تفاصيلها‮.. ‬أو حتي رافضة لهذه أو تلك‮.‬اجتهد أحد المؤرخين البريطانيين دكتور‮ »‬مارك ألموند‮« ‬الأستاذ في العلاقات الدولية بحامعة أنقرة في محاولة تحديد الأسباب الأساسية لنشوب الانتفاضات التي أيدتها الشعوب في تاريخنا المعاصر‮. ‬في بحث مهم كتبه المؤرخ‮ »‬مارك ألموند‮« ‬ قرأه أمس علي موقع ال‮ »‬بي‮. ‬بي.سي‮« ‬ بدأه بالتفرقة بين الثورات السريعة الدموية،‮ ‬وبين الثورات البطيئة السلمية‮.. ‬وإن جمعتا بين الأنماط المشتركة والمتكررة‮. ‬ويذكرنا أستاذ العلاقات الدولية بمقولة شهيرة ل‮ »‬تروتسكي‮« ‬تقول‮: [‬إذا كان الفقر‮ ‬سبباً‮ ‬للثورات فستكون ثمة ثورات مستمرة في كل الأزمان والأوطان،‮ ‬لأن معظم الناس في العالم هم من الفقراء‮. ‬وما تحتاجه لجعل مليون من الناس الساخطين والمتذمرين‮ ‬يتحوّلون إلي وحش تكتظ به الشوارع هو مجرد شرارة تحفزهم لإحداث الثورة‮]. ‬تعقيباً‮ ‬علي مقولة الفيلسوف والمفكر الروسي الراحل‮ »‬تروتسكي‮«‬،‮ ‬يضيف المؤرخ البريطاني‮ »‬مارك ألموند‮« ‬محدداً‮ ‬حافزاً‮ ‬ثانياً‮ ‬وأهم لنشوب الثورة هو استخدام العنف في مواجهة التظاهرات،‮ ‬وسقوط قتلي وجرحي‮ ‬بين المتظاهرين المسالمين،‮ ‬يثبت ذلك كل الثورات التي شهدها العالم علي امتداد العقود الثلاثة الماضية‮.‬فمثلاً‮..‬كان أبشع عنف مارسه نظام حكم لقمع التظاهرات وإرهاب المتظاهرين،‮ ‬عندما اتهم الشعب الإيراني عام‮ ‬1978 شرطة الشاه بمسئوليتها عن الحرق الجماعي لمئات الأشخاص وتحولهم جميعاً‮ ‬إلي رماد داخل إحدي صالات السينما‮. ‬وعندما أحرق الشاب التونسي‮ »‬محمد بوعزيزي‮« ‬نفسه‮ ‬يأساً‮ ‬من حياته في ديسمبر الماضي لم‮ ‬يتحمل التونسيون هذا المشهد البشع،‮ ‬واندفعوا لهدم أي شيء وكل شيء‮ ‬يتصدي لتظاهراتهم‮.‬العنف والقتل العمدي للمتظاهرين ليسا فقط اللذين‮ ‬يشعلان‮  ‬شرارة الثورة الشعبية‮. ‬وإنما‮ ‬يكفي كما‮ ‬يقول أستاذ العلاقات الدولية البريطاني إطلاق الشائعات عن استخدام السلطات‮ ‬العنف لقمع المتظاهرين كما حدث في العاصمة التشيكية‮ »‬براغ‮« ‬ في عام‮ ‬1989‭.‬‮. ‬حيث اقتنع الشعب بأن الشرطة السرية الشيوعية آنذاك قامت بتعذيب طالبين حتي الموت‮. ‬فكانت هذه‮ »‬الشائعة‮« ‬حافزاً‮ ‬لإشعال الغضب المكتوم في القلوب‮.‬ويذكرنا المؤرخ أيضاً‮ ‬بحافز العنف الدموي الذي مارسه الزبانية في الصين عام‮ ‬1989‮ ‬ عندماقام طلاب صينيون باحتلال باحة‮ »‬تيانانمين‮« ‬احتجاجاً‮ ‬علي فساد الحزب وديكتاتورية الحكومة‮. ‬وينبه الكاتب إلي أن العنف الصيني لم‮ ‬يشعل ثورة شاملة مثلما حدث في بلاد أخري إلاّ‮ ‬هذه الأزمة قدمت للعالم نموذجاً‮ ‬رائعاً‮ ‬لكيفية تنظيم الاحتجاجات واحتلال ميادين وسط العاصمة بكين‮.‬من هذه الأمثلة وغيرها،‮ ‬انتقل‮ »‬مارك ألموند‮« ‬ليحدثنا عن كيفية انهيار نظام حاكم من خلال من كان الحاكم‮ ‬يعتمد عليهم في حماية نظامه‮. ‬وآخر مثال علي ذلك ما حدث في تونس‮  ‬عندما طلب من الجيش التصدي للتظاهرات وقمعها،‮ ‬فرد قادته بأن العسكر لن‮ ‬يطلقوا الرصاص علي المحتجين‮.‬ويختتم البحث المهم تأريخه مؤكداً‮ ‬أن المخرج اللائق للملك أو الرئيس من مثل تلك الأزمة هو الرضوخ لرغبة شعبه والتنازل عن موقعه‮. ‬ففي عام2003‮ ‬انتفض الشعب ضد رئيس جمهورية جورجيا شيفارنادزه‮« ‬ وطالبوه بالتنحي مع كل الاحترام لشخصه والتقدير لإنجازاته‮.. ‬فبادر بتقديم استقالته‮.‬وهذا ما حدث أيضاً‮ ‬ في مصرنا العزيزة عندما قرر الرئيس حسني مبارك التخلي عن منصبه،‮ ‬وتكليف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة البلاد وتأمين شعبها‮. ‬

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل