المحتوى الرئيسى

يبقى مثل زرعة الصبار فى حديقة الحرية

02/17 15:08

 بعض الثوار أقاموا في الخيام ولم يغادروا الميدان الا بعد الاطاحة بالرئيس تصوير : هبة خليفة رياح التغيير لمست حياة المهندس بلال وهو فى النصف الأول من العشرينيات، فجأة وجد «خفافيش الظلام» تقتحم بيته فى الفجر، وتأخذه إلى معتقل أبو زعبل، وأصبح الشاب المهتم بالعلوم والفلك، معتقلا سياسيا بدرجة «مجاهد».فى الحديقة الخضراء بقلب الميدان كان بلال يحكى ذكرياته مع أمن الدولة، بلال وعائلته من ضمن المعسكرين فى الميدان، كل الإخوة والأعمام، النساء والأطفال، أما شقيق بلال المسافر لأمريكا، فكان قائدا ثوريا لمجموعة من المصريين، قضوا ليلة كاملة أمام البيت الأبيض، وطالبوا برحيل الرئيس المخلوع.أما بلال فأمضى ثلاث سنوات فى المعتقل، ولم يعرف حتى الآن ما هى تهمته تحديدا، فلم يكن يتعامل مع أى سياسة أو معارضة. قبل الثورة كانت روحه قيد حجرة المعتقل المظلمة الصغيرة، لا يتعدى ملكه فيها 30 سم فقط لكى ينام، وجوه الأصدقاء الذين جاوزا ربع قرن بين الجدران الظلمة، كانت الشريط الأساسى فى الأحلام.الأصدقاء لا يعرفون عن الكمبيوتر، أو الفيس بوك الذى حرك ثورة التحرير، ولكنهم يعرفون الآهات والصراخ أيام البرد التى قضوها عراة، معتقل جوانتانامو الوادى الجديد، وكوابيسه التى يرددها النائمون. الرياح كانت تؤمن على كلام بلال، حملت النسمات المبللة بدموع السماء المبتهجة صوت شاب صغير، يصرخ وهو يحكى لرواد التحرير، كيف تعرض للتعذيب خلال الأيام الثلاثة التى اعتقل فيها، مع بداية ثورة 25 يناير.«شفتوا لسه موجودين، معظم مقارهم سليمة»، يتكلم بلال، المقار التى يعرفها المصريون بالخبرة، بجانب جامعة الأزهر وفى شبرا، وغيرها من المبانى العتيدة التى لا تحمل لافتات فقط، عربات الأمن.على الرغم من تنحى الرئيس وحل مجلسى الشعب والشورى، إلا أن الجميع فى انتظار الإفراج عن شباب الثورة المعتقلين، وفتح الملفات القديمة لكل المعتقلين فى السجون المصرية.«عاوزين الحرية لكل مصرى».يوم 11 فبراير، نسمات الحرية رممت جزءا من روح بلال، ولكنه لم يشفها حتى الآن، مازالت تعصف به مشاعر متضاربة متناقضة، عندما يرى أحد أفراد الشرطة، تنفجر نافورة الغضب والغل الكامن ويوشك على الانتقام، هتاف «سلمية» هو الشعار الذى يطهر روحه الهائمة، روحه التى وجدت أخيرا خيمة ترسو بها، هناك وسط الميدان. بلال سوف يرفع خيمته ويعود إلى بيته فى القناطر، ولكن على استعداد أن يعود إلى الحديقة الخضراء، فى قلب ميدان الحرية، إذا لم يتم الإفراج عن المعتقلين، سوف يعسكر كاسرا حاجز الخوف من الأسوار والأسلاك الشائكة، سوف يأخذ قوته من العهد الجديد الذى يستقبله بفرحة عارمة وقلق مرتقب، سوف يعاود العمل فى المكتب الاستشارى الخاص، ولكنه على أتم استعداد أن يعود للميدان.يبقى مع العائلة مثل زرعة الصبار، فى حديقة التحرير.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل