المحتوى الرئيسى

> الدولة المدنية الديمقراطية مداواة لكل الجروح

02/16 22:22

ماحدث منذ25 يناير،يصعب تحديده وتعريفه، ولانستطيع أن نتيقّن ممّا سينتج عنه.ينتابك القلق طيلة أيام الثورة، فتمتلئ نفسك بالطمأنينة وأنت تطالع الدعوة إلي التحرّكات، وبها أدقّ قواعد الترتيب والتنظيم. من الملابس التي تخرج بها من بيتك، والأوراق التي يجب أن تتركها وتلك التي تصطحبها معك، وتحديد أماكن التجمع، احم نفسك من البوليس لكن لا تعتد، التزم بالهتافات المقرّرة، والتأكيد علي سلمية التحرّكات واستقلالها وأنّها تحت راية مصرية خالصة تتجرّد حتّي من هوية المشاركين.. ثمّ أخذت الثورة تجمع عواملها الدافعة من واقع الأفعال وردود الأفعال! قاموا يتظاهرون ويحتجّون، كما فعلوا مراّت عديدة خلال السنين الماضية علي الأزمات السياسية والاقتصادية التي يعانيها شعب مصر، فوجدنا أنفسنا ومصر وشعبها محلّ انتباه العالم ليل نهار. وتوارت أحداث تونس والعراق وأفغانستان وانفصال جنوب السودان، ونفخت إسرائيل في بروجي الانتباه، وقام الجميع يستخلص المعني الذي يخدم مصالحه ممّا يحدث ويجري في ميدان التحرير وسط القاهرة عاصمة جمهورية مصر، بلد العجائب! لم أكن متأكّدا عندما كنت أناقش الناس بأن يتفاءلوا، بأن شبابناقد حاول الوصول إلي تعريف آخر، فكان هذا المنظور الجديد للثورة والتضحية والحبّ برؤيا العصر الكتروني (التكنولوجي الاكتروني) كما سمّاه بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس جيمي كارتر. يكفي أن يراقب المرأ حجم الاهتمام الذي لقيناه من العالم إزاء ما قام به شباب مصر، ليدرك أي مدي يفرض شبابنا نفسه في معادلات القوّة والتغيير. ربّما نفهم للسبب نفسه الهواجس التي نعيشها تجاه المجهول، نستشعرخطر تشتيت وتفتيت اللحظة "المتاحة" تاريخيا والتي صنعها شباب اللوتس فأوجدوا هذا الضغط الخاص جدّا علي أوضاعنا القديمة. أسقطوا الجمهورية الأولي بعهودها من عبدالناصر إلي السادات إلي مبارك وأحالوها إلي محكمة التاريخ، لها ما لها وعليها ما عليها! لم أعد خائفا من صنّاع الثورة، إنّما من كلّ هؤلاء المتمسّحين بها، وهم لايعرفون أنّنا حين ننكر الماضي الذي أسقطناه، فإنّنا في الوقت ذاته نختبر المستقبل الذي نبشّر به. الدولة المدنية الديمقراطية التي نؤسس لقيامها لايجب تصويرها علي أنّها شيء مرعب. لقد عاني الشعب المصري وأرهق وظلم، وسقط له شهداء، لكنّنا لايمكن أن ننصفه مع الأسف إلاّ بشكل إنساني.هناك شيء سحري انطلق من ميدان التحرير، لم يكن ثورة علي الظلم والإفقار والإذلال فحسب، وإنّما إرهاصا بقيم الحضارة التي تسري في الجينات. بدّدت التعصّب والاحتقان الطائفي وبعبع الإخوان وزادت من معرفة الجميع بقيم التسامح والنقد والحوار، عندما يتعلّق الأمر بتحرير الشعب. الدولة المدنية الديمقراطية هي جزاء عادل، هي التي ستفتح الباب أمام حرّيتنا، أمام حواراتنا وتمنحنا القدرة علي أن نقرّر بأنفسنا فلاتعرقلوا مسيرتها. وللأسف فيوجد بيننا من لايفهم ذلك ويريد أن يغرقنا في الثأرات والجري وراء الانتقام وتبادل الاتّهامات والشتائم البذيئة. ووصل الأمر إلي محاولات للتمييز بين شباب وعواجيز. وكأن الشباب كائن مطلق خرافي هبط من كوكب آخر بلا آباء لهم وأمهات سهروا علي تربيتهم وتعليمهم،وكانوا علي استعداد لإطعامهم من لحم أكتافهم إذا لزم الأمر. هناك مصر الجديدة الآخذة في الظهور واستحقّت أن يرفع لها العالم القبّعة. تسبّب القلق وتحرّك الأمل، قد لاننصف 25 يناير إذا انفرطنا نتظاهر حول المشاكل الظاهرية، كالمطالب الفئوية، والبطالة والغلاء وضعف الأجورالتي لاتكاد تفي باحتياجات المأكل والملبس والمسكن.. فكلّ شيء مرتبط بموضوع السياسة والحريات العامة، والحركة غير المقيدة بقانون الطوارئ.. الدستور، المؤسّس للدولة المدنية الديمقراطية التي تتيح لنا أن نقررّ كيف نعيش وكيف نفكّر ونوزّع الأدوار بيننا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل