المحتوى الرئيسى

محمد سعيد محفوظ يكتب: إلى زميلي المواطن حسني مبارك

02/16 14:34

أنا واحد ممن أسقطوك.. واحد ممن قالوا لك بعناد وإصرار: "ارحل".. واحد ممن فضحوا سوءات عهدك، وجرائم حاشيتك.. أحتفل اليوم بانتصاري عليك، وأهنىء أهلي وأصدقائي وجيراني، بل والعابرين في الطريق، بزوال حكمك، وطردك من قلعتك الحصينة.. أتباهى بإرغامك على تنفيذ شروطي، رغم أنني لا أملك من سلاحٍ غير القلم والفيس بوك، وأنت "كنت" زعيماً ذا جاه وسلطان.. أشعر الآن بسعادة بالغة، وأكاد أطير من الفرح، بينما ترقد أنت في فراشك، حزيناً، مكسوراً، نادماً، ومهزوماً..هذه ليست رسالة شماتة يا سيادة الرئيس المخلوع.. والله أبداً.. لقد أردت فقط أن أسلم عليك وأقول لك كلمتين، فأنا أعرف طعم الشعور بالقهر، كما تعرفه الملايين من شعبك جيداً، فقد تجرعنا منه أنهاراً على يديك، لكننا شعب عاطفي، ومهما حدث، فقد أكلنا معك في طبق واحد، صحيح أنك وعائلتك وأقرباؤك التهمتموه، ولم تتركوا لنا سوى الفتات، لكن لا بأس.. أنت الآن في موضع ضعف، وليس لدينا ما نبعث به إليك حيث تتوارى، سوى موعظة ونصيحة.. هديتان متواضعتان من شعب طيب، لم تعرف معدنه، ولم تعامله بما يستحق..على فكرة، هذه ليست رسالتي الأولى إليك، فقد كتبت لك وأنا في الرابعة عشرة ألتمس إجراء حوار معك لمجلة المدرسة.. تصور؟ كنت منبهراً بزعامتك، وعدلك، وحكمتك، ورغم ذلك لم أتلق منك جواباً.. ثم فوجئت بك بعدها تقابل مواطنين آخرين من عامة الشعب، فاندهشت.. لكنني عندما كبرت، فهمت أن هؤلاء كانوا كومبارس، حتى أن أحدهم كان حارس أمن في وزارة الداخلية، ظهر في الصحف بهيئة فلاح يستضيفك في منزله القروي، ويدعوك لكوب شاي!! ألهذه الدرجة كنت تخاف على نفسك منا؟ تضطر لاصطناع مواطن مزيف، بدلاً من الاحتكاك بشعبك الحقيقي، والاستماع لصوته وشكواه؟..كنت منصفاً، فلماذا جُرت؟ كنت قائداً عسكرياً، فلماذا تحولت إلى بزنس مان؟ كنت زعيماً وطنياً، فلماذا خنت بلدك، وأهدرت موارده، وفتحت خزائنه للصوص والفاسدين؟ كنت أباً للمصريين، فلماذا نبذتهم، وفضلت ودلّلت وولّيت عليهم واحداً فقط؟ كنت رئيساً للجمهورية، فلماذا صرت امبراطوراً؟ لا أصدق أن عرش الرئاسة يأسر صاحبه لهذا الحد.. لا أصدق أن حاكماً يطمع في ثروات شعبه، ويستولي عليها، بينما يتضوّر الشعب جوعاً، ويتألم من المرض..أين نقطة التحول؟ متى لمع في عينيك بريق السلطة؟ كيف تسللت إليك زمرة المرتزقة والمنتفعين؟ من فتح لهم أبواب قصرك وحزبك؟ أهو ابنك جمال، الذي كافأته على نبوغه فتركت له البلد يعبث بها؟ أم أقطاب نظامك، الذين تجبروا وتنفذوا، وهيمنوا على مقدرات الشعب، ومؤسسات الدولة؟ أم زوجتك التي بسطت يدها على كواليس الحكم، وحركت عرائسه عن بعد؟...معقولة لم تكن تعرف؟ معقولة وقعت في عهدك كل هذه الجرائم دون أن تدري؟ معقولة كنت واجهة لحكم شمولي مستبد، بينما أنت في الواقع طيب القلب، تقطر طُهراً واستقامة؟ ألم تسمع أبداً بالعبّارة التي خطفت أرواح ألف من أبنائك؟ ولم تر على شاشات التليفزيون جثث الفقراء والمساكين في الدويقة، بعد أن طحنتهم الصخور العملاقة؟ ولم تقرأ عن آلاف المعتقلين السياسيين في سجونك، الذين تنتهك أعراضهم، وتهدر كرامتهم، وتسفك دماؤهم؟عليك أن تندم اليوم يا زميلي المواطن حسني مبارك، لأنك لم تحفظ ثقة شعبك، ولم تصن واجبات وظيفتك، ولم تضمن نظافة حكمك.. ظننت أنك سيد القوم، ونسيت أنك خادمهم، تتقاضى راتبك من أموالهم، وتعيش في قصورهم وتتمتع بممتلكاتهم، وتعوّل على رضاهم وارتياحهم..فرصتك الأخيرة كي تنجو من صفحة الخزي والعار في كتاب التاريخ، أن تعترف بأخطاء عهدك.. وأن تعتذر عنها، بل وتصحح منها ما تستطيع.. فتعيد أموال الشعب التي سلبتها، وترشد العدالة إلى أعمدة الفساد التي طعنت مصر في ظهرها، وتكشف عن المؤامرات التي حاكها رجالك لإحداث الفرقة بين أبناء شعبك، وبث الفوضى بينهم.. عليك أن تجمع قواك، وتقف على قدميك، وتخاطب الشعب المصري، كمواطن، يشعر بالذنب، ويقر بالخطأ، ويطلب المغفرة..ربما لم تتعلم ذلك في مدرسة الطغاة، التي تعلمت فيها دروس البطش والتنكيل، مع بعض زملائك من الحكام العرب.. لكن الحقيقة التي طالما ذكرناك بها، هي أن رئيس الجمهورية ليس مالكاً لمقدرات وثروات شعبه، وإنما مديراً لها بما يرضي الله.. رئيس الجمهورية موظف، يخضع لرقابة الشعب.. فإذا أصلح استمر، وإذا أفسد ذهب..

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل