يومياتعيون الشهداء
اغرقها بالمظاهرات, ثم احياها بالانجازات, وأهداها قائمة من الاصلاحات, وقد دفع الشباب فاتورة ثورته من دماء الشهداء الاطهار, جادوا بأرواحهم الغالية وهم يهتفون: نموت.. نموت... ويحيا الوطن. رحمة الله عليهم فتيانا وفتيات, وأسبغ علي امهاتهم وآبائهم وذويهم واحبابهم سحائب السكينة والصبر واسكن في قلوبهم اليقين والطمأنينة والله وحده القادر علي مانعجز عنه نحن البشر من خالص العزاء. في ديسمبر عام2004, كنت في منزل الاديب الراحل نجيب محفوظ بالعجوزة, وكان معي المصور الزميل حسام دياب, كنت احاور نجيب محفوظ في حضور الاستاذ هيكل, والاستاذ محمد سلماوي, والناشر ابراهيم المعلم, سألت الاديب الكبير: ماذا تقول للشباب؟ وأجاب في بساطة وصدق: أنا عندي حياء أن اقول لهم اي شيء, انا استحيي ان اجعل من نفسي استاذا لهم, اخجل ان اضع نفسي معلما لهم أو وصيا عليهم, لانني لم افعل لهم شيئا, نحن جميعا لم نفعل شيئا للشباب, لهذا لايجوز ولايحق لنا ان نعطي دروسا ونصائح لهم, انتهت كلمات نجيب محفوظ, وساعتها ظهرت علامات التأثر والصمت علي وجوه جميع الحاضرين, دون ان ينطق احد, كان لسان الصمت يقول: نعم, نحن لم نفعل شيئا للشباب, فلايجوز لنا ان ننصب انفسنا اوصياء عليهم, او معلمين لهم. اتذكر هذه الكلمات, وانا انظر إلي صور الشهداء, وجوه بريئة, عيون تشع بالامل ابتسامات تبدو سافرة, تهزأ بالحياة الدنيا, وترنو تعانق الخلود, اقف مشدوها ومشدودا امام لغات الوجوه, هؤلاء شهداء, لم يخرجوا بسبب خاص, خرجوا من أجل الجميع, استهانوا بالخوف, بالقوة, استمدوا الشجاعة من اعماقهم وتسلحوا بالقوة من طهارتهم. من اي شيء تضحك سالي زهران؟ ما سر هذه الابتسامة الواثقة؟ ماذا تقول عيونها السوداء وبشرتها السمراء وشعرها الثائر؟ محمد الصاوي.. وجه ملاك في صورة بشر.. زهرة تفتحت مع نور الصباح.. اين الآن مرقده ومثواه؟ هل ابلغته الملائكة بنجاح مسعاه؟ هل يلتقي باحلامه التي اخذها معه إلي مثواه؟ عجيب امرك يا محمد.. عميق سرك ياخاطف قلبي.. صعب فهمك يامن تنظر إلي, فأخالك ملاكا تنزل من الملأ الأعلي في لحظة خاطفة, ثم صعد إلي الرفيق الأعلي في لمح البصر. عيون الشهداء مفتوحة علينا.. تقول لنا: السرقة حرام.. الفساد حرام.. الانتهازية حرام.. النفاق حرام.
Comments