المحتوى الرئيسى

خالد محمود يكتب: مبارك "الساخر" لا يعرف الآن مثلنا اسم رئيس مصر المقبل

02/16 00:17

لم يكن الرئيس السابق حسنى مبارك يدرك أن إجابته الساخرة التي قال فيها أنه "اللي يعلم مين هيكون خليفته في مصر هو الله ماحدش تانى يعرف"، ردا على سؤال من صحفي ايطالي حول من سيحكم مصر بعده، أنه يقول عين الحقيقة.وعندما عاد الصحفي الايطالي ليسأله في إلحاح ومن تفضلون سيادة الرئيس قال مبارك الذى احتاج الى وقت طويل لفهم السؤال وسماعه قبل أن يتدخل انس الفقى وزير الاعلام السابق لتوضيحه، "من يفضله الله أفضله أنا"، مضيفا "ده سؤال دمه خفيف".ما لم يكن يعلمه الرئيس أنه بعد نحو عام من رده الساخر على هذا السؤال خلال زيارة قام بها في العاصمة الايطالية روما في التاسع عشر من شهر مايو من العام الماضي، أن نفس السؤال سيردده مجددا ملايين مواطنيه المصريين، لكن الإجابة ستبقى نفسها ويا للمفارقة "لا أحد يعلم سوى الله سبحانه وتعالى".مبارك المتواجد حاليا في منتجعه المخملي المفضل بمدينة شرم الشيخ على ساحل البحر الأحمر، في حماية قوات الجيش والحرس الجمهوري وحراسه الشخصيين، قد لا تتاح له الفرصة لمعرفة الإجابة، الرجل الذي يقول الجميع أنه يعيش أيامه الأخيرة حزنا وقهرا على ملكه الضائع، بات ينتظر رصاصة الرحمة من السماء.ثمة من يعتقد أن مبارك تعرض في السنوات الأخيرة لحكمه المنهار لخيانة مساعديه الذين زينوا له أن الأمور تسير على مايرام وأن كل شيء تحت السيطرة وهو التعبير الذي ينم عن تلك القبضة الأمنية التي كانت تحكم البلاد، لكن الواقع أنه هو المسئول الأول عن السماح لهؤلاء بالتحول إلى مراكز قوى ومصانع للمواد السامة.الحاصل أن مبارك الذي عزل نفسه في منتجع شرم الشيخ الذي اعتاد أن يمضى فيه معظم أوقاته بعيدا عن صخب القاهرة وضجيجها السياسي ومشاكلها المتراكمة بحجة الأمن، بات عليه أن يعتاد أنه لم يعد سيد البلاد وأن مشروع توريث السلطة لنجله جمال أصبح في طي النسيان والماضي وأنه تحول إلى أثر بعد عين.مشكلة الرئيس مبارك كما بات واضحا أنه انعزل عما يجرى في مصر على مدى السنوات الأخيرة في حكمه، البعض بفعل الصعود الصاروخي لنجله في مطلع الولاية الثالثة من الحكم قبل أن يتولى السلطة عمليا في الولاية الرابعة والخامسة التي لم تكتمل.لم يعرف الرئيس المخلوع على مدى ثلاثين عاما سوى مستشارا واحدا هو الدكتور أسامة الباز الذي اختاره في مطلع حكمه كمستشار للشئون السياسية، قبل أن يبتعد الباز مرغما عن كواليس صنع القرار ويختفي في ظروف غامضة اعتبارا من عام 2005، حتى أنه لم يظهر إلا مرات نادرة على مدى السنوات الست الماضية.لكن الباز عرف طريقه لاحقا إلى ميدان التحرير الذي عاش ثمانية عشر يوما من الثورة المتواصلة التي سقط فيها مئات الشهداء وآلاف الجرحى وأطاحت في النهاية بحكم رئيسه مبارك.في لقاء جرى معه مصادفة قبل عامين تقريبا قال لي الباز عندما سألته عن سر اختفائه أنه لم يختف وأن القصة تتلخص في تغير المهام الموكلة إليه،وعندما سألته عن ملف التوريث قال إن جمال نجل الرئيس من حقه كمواطن عادى الترشح للمنافسة على الانتخابات الرئاسية المقبلة.تصريحات الباز التي كانت تعبر عن حالة من يفترض أنه المستشار السياسي الأوحد للرئيس كانت تعبر عن حالة الانعزال التي عاشها الرئيس ومعه كل مساعديه ورجاله.من المدهش مثلا أن رسالة الدكتوراة المثيرة للجدل التي حصل عليها الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان مبارك خلال عمله كأمين عام للرئاسة بدرجة وكيل وزارة في عام 1978 كانت تحمل عنوان «حماية المدنيين أثناء النزاعات المسلحة».من سوء حظ  مبارك أنه لم يستفد كثيرا برسالة أقرب مساعديه عندما سمح لقوات الشرطة أن تسحل معارضيه في ميدان التحرير في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل