ارفع رأسك.. والمس السحاب!
»ارفع رأسك فوق.. انت مصري«.. هكذا انطلقت وهتفت القلوب قبل الحناجر.. وهكذا كان الهتاف الأهم الذي هز كيان ووجدان الجميع بميدان التحرير.. في واحدة من أهم اللحظات الفارقة في تاريخ مصر.. وقد كنت شاهدا علي لحظة الميلاد الجديد لمصر في قلب ميدان التحرير.. فقد طلب مني ابنائي وزوجتي الجمعة الماضية وألحوا في الذهاب إلي ميدان التحرير.. ليشاهدوا ويتابعوا عن قرب ثورة شباب مصر.. ويروا علي الطبيعة ما يفعله الأبطال.. وصلنا الميدان.. وكان هناك من يؤدي الصلاة.. ومن يقف في مجموعات.. الزحام شديد.. لكنك لا تشعر به.. فلا تزاحم أو تدافع.. وبعد ربع ساعة من وصولنا.. وكأن القدر استجاب لأمنيتي وحلمي.. ان يشاهد ابنائي هذه اللحظات التاريخية في قلب ميدان التحرير.. لتظل خالدة في ذاكرتهم.. تبعث دائما فيهم الوعي الوطني، وحب مصر ورجالها.. ففجأة انطلقت الزغاريد.. والهتافات.. والصريخ والبكاء.. فقد أعلن في الميدان خبر تنحي الرئيس.وهنا لم اشاهد فقط.. مولد تاريخ جديد لبلدي.. أو فتح صفحة ناصعة البياض في حياتنا السياسية.. انما شاهدت بعثا جديدا في كل شئ.. شاهدت أخلاق المصريين التي تربينا عليها صغارا.. وسمعناها من آبائنا وأجدادنا واوشكنا أن ننساها.. شاهدتها تبعث من جديد.. فها هم شباب التحرير في عز فرحتهم ونشوتنا جميعا بنصرهم يحيطون بالأسر والاطفال والنساء خوفا من الزحام أو تدافع متوقع.. عادت الابتسامة الصافية لوجوه المصريين.. شهامة و»جدعنة« شبابنا سادت الجميع.. يتسابقون في خدمة الآخرين.. وها هي فتياتنا تدخل في الزحام.. والكل حريص عليهن.. يمشين ويتمايلن فرحا.. وهن في حماية »جدعان مصر«.. وها هي سيدات الاحياء الشعبية جاءت ترقص وتغني بطريقتهن المعروفة.. يتجاورن ويختلطن ويتلاحمن بفتيات وسيدات المجتمع الارستقراطي.. الكل اختلط.. الكل ذاب.. الكل التحم.. الكل مصري.. وكان الشعار الأقوي الذي ابكاني وابكي الكثيرين »ارفع رأسك فوق.. انت مصري«.. الآن نعم من حقنا ان نرفع رؤوسنا.. وان نفخر بشبابنا وفتياتنا.. وان نزهو بأنفسنا.. فقد عادت إلينا مصر.. ولن نفرط فيها مرة أخري.. وعدنا إليها.. فلن تغضب منا ابدا.. سنحافظ عليها.. سنرفع من شأنها.. وسنغير وجه التاريخ علي أرضنا الطيبة.بقي كلمة واحدة.. ان ثورة الشباب لم تكن ضد نظام الحزب الوطني وفساده فقط.. انما كانت ضد كل اركان الماضي.. وضد كل السلبيات المقيتة.. اعتقد ان هذه الثورة لابد ان تمتد إلي كل شئ.. إلي الأحزاب السياسية لنتخلص من دور »الكومبارس«..حقا.. ارفع رأسك فوق.. انت مصري.محمد البهنساوي
Comments