آخر عمودأسئلة لا تحتاج تساؤلات
كتبت أمس الأول عن الشاب المصري وائل غنيم الذي أصبح حديث العالم باعتباره أحد الذين دعوا عبر صفحات مواقعهم الإلكترونية شباب مصر إلي التجمع في ميدان التحرير صباح يوم 25 يناير الماضي، وألقي القبض عليه في نفس اليوم واستمر اختفاؤه عن أسرته وزملائه لأكثر من أسبوع. وأشرت إلي صحيفة فرنسية نشرت صورته علي صفحتها الأولي وصفته بأنه: »صورة الثورة المصرية«. ما كتبته وجد تأييداً من البعض، كما تلقيت رسائل يهاجم أصحابها وائل غنيم، ويشككون في كل ما سمعناه، وشاهدناه، عن شخصه، والدور الذي لعبه.ما حدث ليس بدعة. فما دام هناك من يظهر فجأة علي الساحة الإعلامية ويحظي بالإعجاب والتأييد محلياً وعالمياً فمن المعتاد أن يظهر من يشكك في حقيقة ما قام به هذا الشخص، ويكيل له الاتهامات، مطالباً بتحجيمه.. وذلك لأسباب عديدة لدي المتشككين والمهاجمين.تكررت هذه الواقعة بشكل مختلف مع شخصية لامعة أخري. الاختلاف بين الواقعتين أن الذين شككوا في الشاب وائل غنيم كانوا من البسطاء الذين سمعوا ما ردده خصوم مهندس الإلكترونيات،، فصدقوها وقاموا بإرسالها إلي معارفهم عبر النت وصفحات الفيسبوك. وهي شائعات أنكرها وائل غنيم في الزميلة »الوفد« أمس. أما الواقعة الثانية فقد قرأت شائعاتها أمس أيضاً في مقال نشرته صحيفة »النهار« اللبنانية بقلم كاتب كبير الأستاذ سركيس نعوم يحمل عنوانه »خبرا«ً مثيراً وليس »رأياً« شخصياً للكاتب. يقول »الخبر« الذي لم يذكر صاحبه ولا مصدره (..) »مبارك رشّح خلفاً ل عمرو موسي قبل تنحيه!«.بدأ الأستاذ سركيس نعوم مقاله قائلاً:»أفادت معلومات وردت من القاهرة ربماً نقلاً عن صحيفة مصرية إلي أكثر من جهة سياسية ودبلوماسية أن الرئيس مبارك اتخذ، قبل الثورة الشعبية الناجحة التي قادها شباب مصر ضده وضد نظامه، قراراً يفيد أن السيد عمرو موسي وزير خارجيته الأسبق قد أمضي في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أكثر مما يجب، وأن مصلحة الجامعة كما مصلحة مصر التي كان الأمين العام لهذه الجامعة مواطناً منها منذ تأسيسها، باستثناء الفترة التي انتقلت فيها الجامعة إلي تونس تقضي بأن يتولي هذه المهمة شخصية مصرية أخري«. وأضافت »المعلومات« التي وصلت إلي الكاتب الصحفي »سركيس نعوم« أن الرئيس مبارك رشح بالفعل د. مفيد شهاب لمنصب الأمين العام للجامعة العربية، وأن السفارات المصرية في العواصم العربية أبلغت سلطاتها المعنية بقرار »تنحية موسي« و»ترشيح شهاب«.. الذي كان من المنتظر تمريره خلال مؤتمر القمة القادم في بغداد.. وهو ما لم يتحقق نظراً للأحداث الحالية التي أبعدت التفكير في القرار إلي أجل غير مسمي!لست هنا مؤكداً للخبر، ولا نافياً له. فللأسف لم تصلني تلك المعلومات التي تلقاها الزميل الكاتب اللبناني، ولم يؤكدها لا »موسي« ولا »شهاب« و غيرهما، وبالتالي لا أملك حق التأكيد أو النفي. وكان يمكن أن أكتفي بقراءة المقال دون التعليق عليه، لولا التساؤلات العديدة، التي طرحها الكاتب تعليقاً علي المعلومات التي سمعها، أولها::»هل كان لقرار مبارك دور في إقدام عمرو موسي، وفي عز الثورة الشعبية التي قادها الشباب، علي الإعلان للرأي العام في بلاده أولاً ثم في العالم العربي إنه يفكر في التخلي خلال أسابيع عن موقعه العربي الرسمي، وانه لا يمانع في أن يتولي أي موقع يستطيع خدمة بلاده فيه؟!«. سؤال لا يحتاج تساؤلا. فعمرو موسي سبق أن سمعناه في العام الماضي يؤكد اكتفاءه بما حققه في منصبه، ولا يريد التجديد له.. وبالتالي فهو يكرر تأكيده لا أكثر ولا أقل.و أتبعه الكاتب بتساؤل تال أكثر غرابة من الأول، يقول:» هل كان إعلانه استقالته يقصد عمرو موسي وليد التزام وطني كان دائماً موجوداً أو كامناً، فأتت الثورة الشعبية لتعيد الحياة إليه؟!«. وردي البسيط علي هذا التساؤل هو أن عمرو موسي كان أحد رموز النظام، سفيراً لمصر و وزيراً لخارجيتها، وعرفناه طوال مسيرته باستقلاليته عن مواقف اختلف معها، وتمسك بها رغم اعتراضات من البعض وتأييد البعض الآخر. ونزول عمرو موسي إلي ساحة التحرير لتأييد الثورة الشعبية كان بالقطع وليد إلتزام وطني كان موجوداً، وليس كامناً.. كما تساءل الزميل كاتب المقال. وأنا شخصياً اختلفت أكثر من مرة في مقالاتي المنشورة مع آراء عمرو موسي، رغم صداقة عزيزة تربطني به منذ نحو نصف قرن. اختتم الأستاذ سركيس نعوم معلوماته، وتساؤلاته، قائلاً: » إن أحداً قد لا يشعر بفرق كبير إذا شُغر موقع الأمين العام للجامعة العربية، ذلك أن الجامعة أساساً تبدو شاغرة، أو بالأحري مُعطلة، وبقرار من أعضائها«.إبراهيم سعده[email protected]
Comments