روح الميدان
سؤال طرحته علي نفسي أياماً عديدة وأنا أتابع الفضائيات ولا أغادرها تحت أي سبب، لماذا لا يرحل الشباب ويترك الميدان، خاصة أن النظام السابق، كان قد بدأ يستجيب لمطالب الثورة، مع إنه كان يتحرك بسرعة السلحفاة في الاستجابة لمطالب المتظاهرين فيجيء تحركه دائماً بعد رفع سقف الطلبات وزيادة مشاعر الغضب بينهم، إلا أن ما تم تحقيقه في هذا الوقت القصير، بالاضافة الي أن القوات المسلحة أعلنت أنها تضمن تحقيق هذه الإصلاحات، يعد انجازا كانت هذه التساؤلات تدور داخلي حتي ذهبت إلي الميدان وأخذت أتجول في جنباته بين المتظاهرين لأكتشف أن ميدان التحرير تحول إلي حياة أخري، حياة شبه مثالية، أعادت الروح المصرية المفقودة منذ سنوات طويلة لأبناء مصر، في ميدان التحرير كنت تجد ورشاً فنية للأطفال يرسمون فيها ما يشاءون بدءاً من علم مصر وانتهاء بالشعارات دون أن يضطروا إلي دفع رسوم أو البحث عن دور للحضانة تحقق لهم هذه الرغبة التي اختفت من المدارس، وورشاً أخري لطلاب الفنون الجميلة وكل من يتقن الرسم الذين افترشوا الأرض بلوحة تمتد أمتاراً يشارك كل منهم فيها برسم جزء يعبر فيه عن مشاهداته ورؤيته في بانوراما تجسد ثورة ٥٢ يناير، في جانب آخر من الميدان خصص مربع تم تسويره ليكون وزارة للتموين، تصب فيها التبرعات التموينية حتي يتم توزيعها بأسلوب عادل علي كل الموجودين في الميدان، وفي مقابله نصب مسرح عليه أجهزة مؤثرات صوتية وكاميرات وقد انطلقت منها الأغاني الوطنية التي لم يكن يسمعها الشعب إلا في المناسبات الوطنية.. إن الميدان تحول إلي حياة يفتقدها كل مصري في مجتمعه وحيه وعمله، عندئذ أدركت الإجابة علي تساؤلي: لماذا لا يرحل المتظاهرون؟ إنهم يجدون أنفسهم التي ضاعت منهم سنوات طويلة، أصبح سلوكهم في هذا الميدان سلوكاً راقياً، الآن وبعد أن أشرقت علي مصر شمس الحرية، أصبح لدي كل منا أمل في أن ينقل روح الميدان إلي أحيائنا ومدارسنا وأعمالنا.ألفت الخشاب
Comments