المحتوى الرئيسى

القادة الفلاحون في معمعان الثورة الفلسطينية 1936ـ 1939 بقلم:أ.عبدالعزيز أمين عرار

02/15 00:17

أ.عبدالعزيز أمين عرار/باحث ومشرف تاريخ ومحاضر جامعي كفرثلث ـ فلسطين لقاء مع الثائر الشيخ عبد الفتاح المزرعاوي" أبو سواد " من قرية المزرعة الشرقية قرب رام الله ذهبت إلى بيته في قرية المزرعة الشرقية، والتقيت به على موعد قام بترتيبه ابنه مسبقاً،وهذا نص المقابلة التي أجريتها معه في عام 1994 . ـ من فضلك قدم نبذة عن سيرة حياتك؟ ـ انأ من مواليد عام 1907، ولدت في قرية المزرعة الشرقية من أعمال رام الله لا أعرف والدي، فقد مات في السنوات الأولى من طفولتي ، ترك لي والدي ثمان دونمات من الأرض المزروعة بعشرين شجرة من الزيتون ، ولنا أرض تبلغ مساحتها أربعة دونمات في أرض وعرة خارج حدود البلد. هل تذكر شيئا عن دخول الاحتلال البريطاني في فلسطين؟ ـ شاهدت الجيوش البريطانية التي دخلت قريتي، ومنهم فرقة هندية ، ولم أكن افهم لغتهم وقد خلعوا ملابسي، وأمروني بلبس بدله عسكرية ، ووضعت ملابسي في كيس ، وذهبت إلى أولاد خالي الذين انهزموا، وقد فوجئوا بقدومي ، وفكروني شيطان، بعد الحرب راحت كل البلد على الغور الشرقي( الكفرين) وجميع البلد راحت تلتقط سبل قمح، ضعت ، وصرت ابكي، وذهبت إلى بيت شعر فيه بدو وقد تلقفتني امرأة صارت تقول، يا وليدي تعال عندي. وقالت لزوجها ربي أعطاني إياه . أخذ أهلي يبحثون عني، وفكروا أن الضبع أكلني، وبعد أيام جاءوا ليأخذوني، لكن البدو هددوهم فتركوني، وصاروا كل سنة يبجوا يزوروني كأني في المزرعة الشرقية. مر عني ذات مرة فلاحين من قرية رمون، وقد سألتهم عن بلدهم وقلت خذوني إلى بلدي ، و بعدما تعرفوا علي أخذوني وفي منتصف الليل وصلت إلى رمون وكان الموسم " موسم التين" أي في الصيف وأعادوني إلى المزرعة الشرقية ووجدت أن أقرب الناس مني قد ماتوا ،ومنهم ابن عمي ، وبنت عمي، واستلمني الورثة الآخرين واستلموا رزقنا وصرت أسرح وأروح معهم، وكبرت،وطلبت منهم رزقي لم يرضوا أن يسلموني إياه وأطنبت على أهل القرى المجاورة . هل بقيت في قريتك أم فضلت الرحيل إلى بلاد أخرى ؟ بعد أن كبرت قررت الهجرة إلى حيفا للعمل هناك ، و قد توجهنا إلى شركة مصفاة نفط العراق وكنا أكثر من 300 عربي ، وعمل الواحد منا بعشرة قروش ، وكان المتعهد يهودي للقبانية مستعمرة مجاورة لمدينة حيفا ، نمنا فيها ، وذهبت في أحد المرات إلى حانوت لاشتري بندورة ، وأكلتها، وسألتني اليهودية :هل تحبون البندورة ؟ وهل تعرفونها ؟. قلت : أنا اعرفها ، من صغري. بعدها مشيت قرب دار يهودي عوى علي كلب طلت علي يهودية ،وقالت:" (روخ يا خمار )،عزت على نفسي،بعدها نزلت إلى حيفا ، واشتريت كاز ، ودرت من خلف الدار،ثم شربت طنجرة حليب، ودخلت إلى غرفة فيها سرير وخزانة ، وأخذت الملابس منها ، وولعت النار من الخلف وحرقتها ، وكان لي رفاق اثنين حدثتهم ، فقالوا : لماذا لم تبلغنا. ولاموني ، وقالوا بالسلاح سنؤدبهم ، وتعرفت إلى هؤلاء الذين شكلوا جمعية الكف الأسود. كيف تعرفت على الثورة ؟ بعد ذلك تسنت لي الفرصة أن أكون عضواً في مجموعة عز الدين القسام ، وترددت على جامع الاستقلال في حيفا ، وذهب الشيخ عزالدين القسام إلى يعبد ، وتم تطويقه من الغرب من المساء إلى الصباح . وفهمت فيما بعد أن جمعية " الكف الأسود " شكلها رفاق الشيخ عزالدين القسام،وهدفها تصفية العملاء والجواسيس ، وتحركت الثورة على حدود لبنان وتشكلت من مجموعات كل أربعة يعرفون بعضهم البعض ، ولا يعرهم الباقون ، وكان معي حسن الزواوي من طيرة حيفا والشيخ ذيب رشيد من طيرة حيفا ،واثنين لا أذكرهما ، وقد استشهدوا في الثورة الفلسطينية . ما هي المهمات التي نفذتها؟ قمنا بقتل احمد نايف* في حيفا، وهي واحدة من العمليات التي نفذتها منظمة الكف الأسود وأصبت بجرح فوضعوني في عكا عند عضو من أعضاء الجمعية ، وكان الطبيب أنور الشقيري يأتيني ليداويني ، وبعدما شفيت أمروني بالصعود للجبال ، وأخذوني على دمشق الشام على ديوان الثورة العربية ، وهناك تعرفت إلى أبو إبراهيم وهو من المزرعة الشرقية ومن المهاجرين فيها ، وقد اتصل جماعة القسام بالمفتي بعد هربه إلى لبنان ، وحدثوا ابن بلدنا عني وكان يعرف القرى وحمايل المنطقة ، وقال للحاضرين بنا نرجع عبدالفتاح لبلده حتى تمتد الثورة هناك وليكون قائد المنطقة ، ووافقت لرغبتي أن أجاهد بين أناس أعرفهم وأهل بلدي ورجعت إلى رام الله ، وتنقلت في قراها ومنها سلواد ، ووجدنا مع الناس بارود ، ولكن ينقصنا العتاد ، وذهبت إلى ياصيد ـ طولكرم ، ومن هناك أرسلنا للثائر محمد الصالح " أبوخالد " ثائر من قرية سيلة الظهر ليرسل ذخيرة ، ومكثنا أيام حتى وصلت الذخيرة . كيف خضتم نضالكم وما هي نظرتكم للأحزاب الموجودة ؟ . أخذت أتجول في قرى رام الله ، وكل قرية أعطيتها درساً في الوطنية، وبينا لهم عدم انحيازنا لأحد لا لحزب المفتي ولا لحزب النشا شيبي ، وأخذنا نقيم الحواجز الحجرية ، ونضعها على الطريق بين نابلس ورام الله عند عيون الحرامية ، ونضع الألغام، أو نفاجئ الانجليز ، ونقتل منهم ، والحمد لله لم يقتل منا أحد ، ونخبئ البارود ، وبعدها تبحث عنا الطائرات ، وفي واحدة من العمليات ذهبنا إلى منعطف قرب سلواد في الجهة الغربية بالقرب من عيون الحرامية ، وانبطحنا جانب الطريق ، ومرت دبابات الانجليز ، وحصدناها وقيل أن الضابط أندرسون قتل فيها ، وقد رفع الانجليز علم الحداد الأسود على أثر هذه العملية التي كانت " على يد الله ويد الفقير " . وكان معي فقط 4 ـ 5 أشخاص في قرية الطيبة ، ونشر الانجليز طائراتهم ، وجاءت قوة من كفرمالك والغور لمحاصرتنا ، وكان تفكيرهم تطويقنا وحصرنا من النصف ، واختبأنا ، وخبأنا السلاح ، ولم يجدوا شيْ وبعدها جاءنا سلاح من العراق كتب عليه الدولة العراقية . هل تذكر أكبر العمليات أو المعارك التي عملها فصيلكم ؟ . مرت في 28 رمضان 1357 ـ 20 / 11/ 1938 5 تركات من الطريق ، وكانت أمامهم سبعة سدات من الحجارة وكنا مستحكمين وكلما نزلوا لرفع الحجارة من أحد السدود نقتل منهم ولم يبق منهم أحدا ، ومكثت المعركة 4 ساعات ، وجاءوا لأخذ قتلاهم في المساء ، وانسحب الشباب ، وكان معي كل من : 1) حسين سنير 2 ) أنيس خميس . 3) محمد علي . 4) أحمد القاروط.5) محمد ريطه .6) احمد البصة ، ولم يستشهد أو يجرح احدهم ، وقد رد الانجليز بكسر الزيتون ، وكانت هذه المعركة الأولى من معارك الشيخ عبدالفتاح ورفاقه . " ـ أين كنتم تنشرون بيانات عن أعمالكم الثورية ؟ كنت أرسل تقارير إلى أكرم زعيتر الذي يدير المكتب العربي ، ويمكنك قرائتها في كتبه * وفي واحدة من الإحداث حاول الإنجليز حصار القرية ،كي يفاجئونا، وقد أوعز لنا أحد الأشخاص أن 14 سيارة انجليزية قادمة باتجاهنا ، وقد انسحبنا داخل الزيتون ، وشاهدت واحدة من سيارات الانجليز أحد الثوار المنسحبين أطلقوا النار عليه دون إصابته ، وتوجهنا إلى سلواد وزغردت النساء فرحات بسلامتنا . *أحمد نايف :شخص عمل على تعقب جماعة القسام ، وهو ضابط سري ، عمل مع الانجليز ، أغتيل في 7/ 8/ 1936 من قبل مجموعة من الثوار ، وقد رفض أبناء حيفا الصلاة عليه ، ورفضوا دفنه في المقبرة. ( أنظر: أكرم زعيتر : الحركة الوطنية الفلسطينية 1935 ـ 1939 ص 148). هل ضممت أحد إلى فصيلك من الأخوة العرب المسيحيون ؟ شارك في فصيلنا رفيق عويس من الناصرة ، حيث ترك البوليس ، وكان معنا فرح عمار من دير جرير الذي حاول عمل كمين لضابط انجليزي وكان معه سبعة من رمون ، وطلعوا على دير القرنطل عند الرهبان ، راح واحد أعطى خبر ودارت الطيارة تحوم فوق رؤوسهم ، وتبادلوا اطلاق النار مع الانكليز والطيارة تضرب عليهم وتصاوب فرح عمار ، وقبضوا عليه ، ووكلوا له المحامي هنري كتن ، وأوعزنا للرهبان أن يشهدوا معاه و استعدوا لذلك ، وقالوا كان حارسنا ، ولكنه نقض قولهم وقال : أنا مجاهد وأعدم . هل كانت المرأة تشارككم النضال ؟ ـ اقتصر دور النساء على التحميس يوم المعركة حيث تسمع زغاريدهن ، ولكن إمرأة شاركت في حرب 1948 ، بعد استشهاد ابنها قرب القدس ، وكانت تقاتل مع المناضلين ؟ من هم القساميون الذين شاركوكم في الثورة ؟ هناك قساميون قادوا فصائل ثورية خاصة في شمال فلسطين وهم : أبو إبراهيم المزرعاوي ، وسليمان أبو علي من صفورية ، ويوسف ابو درة من سيلة الحارثية ، ومحمد الصالح " أبو خالد " من سيلة الظهر ، والشيخ عطية أحمد عوض أول من استشهد في معركة اليامون التي ذهب فيها ثمانين شخصا ، وكان عبدالرحيم الحاج متأثرا بعزالدين القسام . من أين جاءكم الدعم المالي ؟ قامت بلدية رام الله باستضافتنا وعرضت علينا المساعدة ب500 جنيه فرفضناها وقلنا لهم يأتينا مساعدة ، ولسنا بحاجة ، وشكرناهم . كم وصلكم من قيادة الثورة ؟ وصلنا 500 جنيه في جميع سنوات الثورة منها رواتب أنفقت علينا ولأغراض أخرى ، ولم نكلف أحد بجمع أي مبلغ من الشعب على العكس من ذلك قام آخرون بابتزاز الشعب وسببوا ................................................ هوامش :* انظر :9/ 1/ 1939 .تلقينا تقريرا من الشيخ عبدالفتاح قائد منطقة رام الله وغربي نهر الأردن عن اصطدام وقع في 4كانون الثاني بجوار المزرعة الشرقية بين ستة مجاهدين و14 سيارة عسكرية قامت بتطويقهم فجرح أحدهم وتمكن المجاهدون من الانسحاب . وفي 17 الجاري اشتبكت قوة من المجاهدين على طريق القدس نابلس عند الكيلو 24 فقتل ضابط وجندي بريطاني ( زعينر ص 549 ـ550). انظر : 24/ 1/ 1939 ـ ذو الحجة 1357 هـ وتقرير من المتوكل على الله الشيخ عبدالفتاح محمد قائد منطقة رام الله وغربي نهر الأردن ، عن اشتباك قواته عند الكيلو 25 طريق القدس ـ نابلس في وادي البلاط مع دورية استمر ساعة ونصف ، ثم انسحب الجند بعد أن قتل منهم ضابط وثلاثة جنود وجرح مجاهد واحد " زعيتر ص 556 . إرباكا في الثورة ، ومنهم الثائر سعيد ، الذي فصل لمدة تزيد عن 25 يوما ، بسبب جمعه المال دون تكليف . هل قمتم بتوزيع منشورات ؟ كانت معنا آلة طابعة ، وقمنا بتوزيع منشورات باللغة العربية والانكليزية ، وفي أحداها كتبنا أن البريطانيين يحاربون خدمةً لليهود ، ووقعناها باسم قائد منطقة رام الله وغربي نهر الأردن الشيخ عبدالفتاح المزرعاوي . ما هو لباسكم ؟ كان لباسنا حطة خضرا شامية وبلاطين وسيعة ، وبساطير حمر ، وهناك ثوار في منطقة بني زيد لبسوا شواريخ بسيطة . هل حدث تصادم بين فصيلكم وغيره من الفصائل ؟ نعم لقد حدث تصادم بيننا وبين فصيل قرى بني زيد حيث عمل بعضهم في التقشيط ، ومنعناهم ولحقناهم . ما هو مصير الثورة ، وكيف انتهت ؟. سيطر على الثورة الخلافات العائلية والعصبية ، ووجد ثوار يعملون في التقشيط من قرى مشاريق نابلس ، ومؤيدين لحزب المعارضة للمصري وطوقان ، وقد حاولنا جذبهم إلينا ، وأرسل عبدالفتاح رسولا من عنده يدعى محمد فاطمة من بيت حنينا لمقابلتهم . إلا أن إبراهيم عبد من جالود قتله ،مما دفع جماعتنا لقتله ورسوله عند الساوية . كيف كانت علاقتكم بفخري النشاشيبي ؟ لم تكن علاقاتي سيئة بفخري النشاشيبي رغم أنه من حزب المعارضة، الذي أرسل لي رسالة يقول فيها انه لا يحب أن اُقتل أو يقبض علي أسيرا . كيف كانت علاقتكم بمن حولكم ؟ لم أكن على علاقة سيئة بالقرى، ولم أكلفهم مؤونةً أو شرابا . كم كان عدد فصيلكم ؟ لقد تراوح الفصيل بين خمستاشر شخص وميت وعشرين شخصا حسب الحاجة للمعارك . من أين جاءتكم الأسلحة ؟ لقد ذهبنا إلى ياصيد قرب طولكرم والتقينا بمحمد الصالح "أبو خالد " من سيلة الظهر ، الذي أحضر لنا أسلحة من سوريا . لماذا غادرتم البلاد إلى العراق ؟ بعد فترة صار الانجليز يضعون مساجين في مقدمة الجيش البريطاني ،كدروع بشرية وفي 15/3/1939م جاءني أمر بالانسحاب من قرية رمون للغور والى الشام ، واتجهنا إلى العراق ، وعملنا كلاجئين سياسيين ، وقوبلنا في العراق باحترام وروح قومية عالية وقد التقينا في أول مغفر بالعراق في الرطبة والرمادي ، بمجموعة ياسين ابن شيخ ، والذي كان يأمل أن تسير الثورة من جديد على يد الملك غازي ، وكان يقول لنا :ـ " يا أولادي إنني على يقين إنكم أبناء رفقائي في الجيش العثماني وعلى يقين إنكم كأبهتكم ". تدربنا في الكلية العسكرية الحربية في معسكر الرشيد سراً ودون علم الحكومة ، وفي بغداد تدرب عبدالقادر الحسيني ، والذي أوعز بقتل فخري النشاشيبي ، وقد دعاني المفتي ورشيد عالي الكيلاني للتدريب. كيف كانت علاقتك بالحاج أمين الحسيني في بغداد ؟ كانت علاقة حسنة يشوبها بعض الكدر، ففي أحد المرات ذهبت لأخذ معاشي الشهري من المفتي، وكنت آخذ ليرتين في الشهر، ووصلت الدار وعصيت على الجرس، فقابلتني زوجته فقلت لها أريد معاشي من المفتي. فردت روحوا أولاد فلاحين، ولم أرد عليها بأي كلام. والتقيت بالمفتي وقلت له يجب أن تلغوا كلمة فلاحين، وعاتبته وقلت من قام بثورتك يا مفتي غير الفلاحين ! فغير الكلام وقال بحثت عنك حتى أعطيك 7 ليرات، وما دريت عنك وين أنت. هل اجتمعت بعارف عبدالرازق وفارس العزوني ؟ اجتمعت معهما ومع داود الحسيني مرة واحدة وحضرت تجريد ومحاكمة سعيد شقير من الثورة لمدة خمس وعشرين يوما ، وبعدها رجع للثورة . هل كان عبدالرحيم الحاج محمد وعارف عبدالرازق مسؤولين عن بعض الاغتيالات؟ ـ التقى عارف مع حسن صدقي الدجاني عند رأس ابن سمحان ( رأس كركر )، وكان فارس في المكان روحَّ حسن صدقي عند الغروب لاقاه فارس العزوني وجماعته وقالوا له الله حكمك بالإعدام . قال له : خذ المصاري . قال ما بدي مصاري و قتله . أما عبدالرحيم الحاج محمد فاتهم بقتل أحمد أرشيد من الكفيرـ جنين ، حيث جاءه اثنين في المساء وقالوا له معانا اثنين جرحى وخرج لمساعدتهم وأطلقوا النار عليه خارج البلد ووجهوها لعبدالرحيم وكلها من تدبير الانجليز . بعد انتهاء ثورة رشيد عالي الكيلاني في عام 1941 ذهبنا إلى سوريا لسكنى دمشق ، قبض علينا عسكر البادية الفرنسية ، وسجنونا في تدمر ، ونقلونا إلى دمشق ثم إلى سجن المزة وأمضيت 42يوما ، ووجهوا لي تهمة التجسس لحساب بريطانيا ، ونفيت ومنعوني الخروج من الشام ، وبقيت حتى رجعت عام 1948م . ما هو دورك في حرب 1948 ؟ . كان عبدالقادر الحسيني رحمه الله في النبي صالح ، اتصلت به لغرض الحصول على السلاح ، فرد علي هذا السلاح من مال بيي(أبي ) موش من مال الأمة ، فزعلت منه، واتصلت بعبد الرؤوف الفارس من طلوزة ، وقلت هذه مسألة لا يصلح حالها ، واتصل بدوره مع المفتي وعبدالقادر الحسيني ، والتقينا عند باب العامود في القدس ،وقال لي عبدالقادر توجد دبابتين على حدود قلنديا بنا تدمرهن، وأحضرت أصابع ديناميت وألغام ، وقمنا بعمل اللازم من تمديدات كهربائية وألغام وثارت عند وصول الدبابة فانكسر العامود ، وجاءت الثانية انبطحت واتخبيت وولعت النار ومعي باقي المساحين ، وتمكنت من رمي أربع قنابل ، وجاءت دبابة أخرى ورموا علي ثلاث قنابل وانبطحت على الأرض في جينة كلوب باشا ، الذي قال لي أنت لا تموت وطلت دبابة من غاد ورجعت ، وقد ذهب في سيارة عسكرية 15 شخص ، وأخذ نا سلاحهم بينما أخذ الضباط البريطانيون الأسرى . وشاركنا في معركة القسطل بعد أن جاءني قاسم الريماوي وكامل عريقات قرب قالونيا ، وقد قتلنا منهم عدد كبير وكانوا مثل الغنم المقيلة مبطحين على الأرض . ما الذي دفعك للهجرة خارج الوطن ؟ بعد حرب 1948 غادرت الوطن مهاجراً إلى البرازيل في أمريكا الجنوبية ، ومكثت فترة من الزمن ، وعدت إلى الوطن ، وقد اتصلت بالرئيس جمال عبدالناصر ، وقد ساعدتني الثورة الفلسطينية بعد تأسيس (م.ت.ف) براتب شهري مقداره ستون ديناراً واعتبروني مناضل متقاعد أو من المقاتلين القدامى ، وبقيت أتقاضى هذا الراتب حتى عام 1994 حيث جاءت السلطة الوطنية الفلسطينية إلى فلسطين وعقدت اتفاقية أوسلو . هل تؤمن باتفاقية أوسلو ؟ أنا على يقين أن الأمور ستعود إلى مجاريها الطبيعية، ولن ينتهي الصراع العربي ـ الصهيوني بمثل هذه الحلول مهما بدا لنا أن الأمور سويت. يوجد بعض الباحثين الاسرائيلين الذين كتبوا عن الثورة ،هل التقيت بهم؟ ـ حضر بعضهم إلى بيتي ولكني كنت حذرا ولم أقدم لهم أية معلومات. رحل الثائر إلى الرفيق الأعلى عام 1998 . رحم الله الثائر وأسكنه فسيح جنانه .(12) القائد عارف عبد الرازق "المتوكل على الله" أبو فيصل ـ طيبة بني صعب كان هذا لقاء مع ابنه فيصل في قرية الطيبة في المثلث العربي المحتل عام 1948وجرى اللقاء عام 1986بحضور الصديق عبدالهادي حسن من جلجولية. في حياته ونضاله: ولد عارف عبد الرزاق في قرية الطيبة الصعبية بالمثلث لعائلة فلاحية ذات أملاك ومركز اجتماعي مرموق . تلقى تعليمه الابتدائي في قريته الطيبة وأكمل تحصيله العلمي في طولكرم ، لكنه لم يعمل في سلك التدريس والوظائف الحكومية ، بل انه اقتطع حصة أرض من والده زرعها بالبطيخ ، وقد جاورت "مكثاة" البطيخ المستوطنات . صار عارف عبد الرزاق يحرض الحراثين والعاملين في الأرض ،والذين سكنوا"أخصاص " الخشب فضايق هؤلاء المستوطنين " المغتصبين" وحيث قلعوا الأشجار والأسلاك الشائكة المحيطة بالبيوت ، فسبب هذا حالة عدم استقرار للمستوطنين الوافدين، وبحثت الشرطة البريطانية عن الفاعلين والمحرضين، فاخبرها الواشون أن عارف هو المسؤول عن التحريض ، فقبض عليه"البوليس" البريطاني ، وشهد بعض الحراثين الذين يعملون في المكان ضده ، وحكمته مدة خمسة أعوام، امضي ثلاثة سنوات منها في حديقة المندوب السامي،حيث كانت أشبه ما تكون إقامة جبرية ومن سنوات( 1927ـ 1931 ) هذه الأعوام جعلت كتّاباً صهاينة كعزرا دينين في كتابه شخصيات ووثائق ، وبار زوهر في كتابه الأمير الأحمر، ويهودا بن بورات في كتابه حول التمرد العربي والمعارضين العرب أنصار البريطانيين ومنهم فخري النشاشيبي يشوهون سمعته فيما بعد، حيث ذكروا أنه عمل وكيلا في الشرطة البريطانية ومخبرا. نضاله بعد خروجه من السجن: اشترك في أحداث ثورة البراق عام 1929،والتي شملت مدينة طولكرم في تظاهراتها ، وعام 1934 ، انضم إلى حزب مؤتمر الشباب العربي ،وأسس فروع الكشافة المحمدية في قريته الطيبة بني صعب في حين رأس أخوه توفيق عبدالرازق فرع كشافة أبو عبيدة في طولكرم وكان عملهما في حراسة الشواطئ العربية عند ساحل البحر الأبيض قريباً من مقام سيدنا علي بن عليم بجوار مستعمرة هرتسليا . لعبت فرقتي الكشافة دوراً مهما في الدفاع عن أراضي عرب وادي الحوارث التي بيعت للوكالة اليهودية بالحيلة والتزييف ، وقامت الكشافة المحمدية باستعراضات شبه عسكرية بينما كان المستعمر البريطاني يرقب ذلك ، وفي هذه الإثناء من عام 1936، يمكن القول أن عارف عبد الرزاق كان من المبادرين الأوائل للإضراب والثورة في منطقته ومعه أحد أبناء عائلته سليم العبدالرحمن الذي اعتقل في عام 1936 متهماً بتحريض الجماهير ،فبينما كان الزعيم سليم عبدا لرحمن يخطب في الجماهير الذي اجتمعوا من قرى طولكرم كان عارف يوجه مجموعة من الثوار للهجوم مساء 23أيار 1936 على مركز طولكرم وكأنه أعلن بذلك الخروج للجبال . عارف وفوزي القاوقجي ووحدة النضال العربي المشترك تنام أخبار الإضراب الكبير في فلسطين الذي أعلن عنه في 20 /4/1936 وما تلاه من إضرابات وأعمال مسلحة إلى باقي الأقطار العربية، وشاع جو نضالي ملتهب في العراق وسوريا ، وبذا قرر الشيخ محمد الأشمر ، وسعيد العاص من سوريا ،وفوزي القاوقجي اللبناني وغيرهم ، القدوم كمتطوعين إلى فلسطين، وقدم القائد فوزي ومعه قرابة 500 متطوع ، وبذا كسبت القضية الفلسطينية تأييداً قومياً عربياً واتخذت بعداً قومياً . ورابط فوزي في قرى طولكرم ونابلس وجنين بين ياصيد وبيت أمرين وبلعا ،ومن هناك أصدر البلاغات ، وازدادت أعمال الثورة المسلحة في مختلف البلاد ، وكان ذلك بفضل وجود ضباط ذوي خبرات سابقة في الجيش العثماني. وأصبح مسرح العمليات العسكرية يشمل نابلس وطولكرم وجنين والقرى المحيطة ، وحشد البريطانيين آلاف الجنود لقتال الثوار المتمركزين في الجبال ،وجرت معارك شهيرة" بيت أمرين" وبلعا،وكفر صور ، والليلة، وغيرها من القرى الواقعة في أعلى تلال جبل النار . وعمّت المعارك الأطراف في فلسطين كالخليل وحلحول والسبع ، وطبريا وان كانت أكثرها كثافة وزخماً في جبال نابلس ، وكان قادة الفصائل عارف عبد الرزاق ، وفخري عبد الهادي(قبل آن يقود فصائل السلام أو الثورة المضادة)، و معهم الثائر القائد إبراهيم نصار أبو عادل ، وعبد الحميد المرداوي، و كثيرون يعملون تحت إمرة فوزي القاوقجي ونائبه فخري عبدالهادي ، وجماهير الفلاحين تتضامن مع الثورة بأشكال مختلفة . وينجح الثوار في إسقاط طائرة بريطانية ،في واحدة من معارك بيت أمرين فتقول نساء فلسطين: فوزي القاوقجي ضرب طيارة راحت ورمت إشارة هذه عصابة يا بركة المصور والخضر لخضر ماشي ع الأول ويقولون: يوم وقعة بيت أمرين اسمعنا ضرب المرتين بلغت ثورة 1936 شأناً عظيماً من النضال ، إلى درجة أقلقت راحة البريطانيين هذه الانتصارات ، وتضايقت القيادة السياسية الفلسطينية بزعامة المفتي من دور فوزي ،وأوعزت لملوك وأمراء العرب (نوري، عبد الله) أن يوجهوا الدعوة لشعب فلسطين كي يوقف الإضراب مقابل وعد بتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في تحقيق الاستقلال والوحدة . عاد المتطوعون العرب لبلادهم وعلى رأسهم القائد فوزي القاوقجي وقد حاولت بريطانيا القبض عليه ولكنها فشلت حيث أسهم أبناء جبل نابلس في توفير الحماية له. وقد جاءت الدعوة لوقف المعارك على لسان رئيس وزراء العراق نوري السعيد ، وقد قابل المفتي وقف الإضراب بالتلهف ، حيث جرى وقف المعارك في 12 تشرين أول 1936 بعد إضراب استمر ستة شهور . خرج القاوقجي ومن معه من متطوعين خارج فلسطين في شهر تشرين الثاني 1936 ، بينما توجه عارف عبدالرازق إلى الأردن ، وأقام هناك في ضيافة محمد الصالح ،وبحضور سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية عام 1925 . عودة عارف إلى فلسطين: لم يطول الوقت على خداع السلطات البريطانية للشعب العربي في فلسطين ، وسرعان ما ظهرت النوايا البريطانية بعد تقرير أورمبسي الذي دعا إلى تقسيم فلسطين وغيرها من لجان المخادعة والمشاريع التي طرحت، ، وفرض الحكم الذاتي فيها بين العرب واليهود مع تدويل مناطق منها : القدس ، وبيت لحم ، والناصرة ، وطبريا باعتبارها تحوي أماكن مقدسة . ثارت ثائرة الفلسطينيين إثر صدور التقرير البريطاني في تموز 1937 ، وقرر الفلسطينيون مرةً أخرى العودة لأسلوب المظاهرت والاضطرابات والثورة الشعبية المسلحة . كان عارف واحداً من القادة الفلسطينيون ، الذين رجعوا إلى فلسطين ، ولذي عمل على تهريب كميات من الأسلحة عبر الأردن وبيسان براً ، وعن طريق ميناء يافا بحراً . عمل تحت إمرة عارف عدد من قادة الفصائل كان منهم : جميل الفارس (طلوزة) ، وعلي التاجي ، ومحمد لعمر النوباني " أبو شوكت " من قرية مزارع النوباني ـ رام الله ، وسعيد اللفتاوي (قرية لفتا ) ـ القدس ، ونايف الزعبي في منطقة الناصرة ، وفارس الحواري أو العزوني، وحافظ ومحفوظ من كفرالديك وحمد زواتا ومساعده ذيب المرجان وعبدالرحمن الصالح من قرية الزاوية (سلفيت) وفخري حمد (كفرعين ـ رام الله) والحاج محمد المسلم وحسن أبو نجيم (قلقيلية) والذي تم تصفيته لاحقا وغيرهم ،ودعم بالسلاح كلاً من حسن سلامة في منطقة اللد ، وعبدالقادر الحسيني في القدس ، الذي خاض معركة الخضر عام 1938 ، التي جرح فيها . خاض هؤلاء معارك عديدة في جبال وأودية فلسطين، وتوجوا كفاحهم بعملية القدس المشهورة، التي أعلنوها مدينة محررة لبضعة أيام. وفيها أتفق الثوار ، ومنهم : عارف عبدالرازق ، وحمد زواتا ، وفارس العزوني ، وغيرهم على أن ينقسموا قسمين يقوم فيها القسم الأول بمهاجمة القشلة ( مركز البوليس ) ، بينما يهاجم الآخرون المدينة ، ويدخلونها عبر منطقة السور .وقد تعاونوا في ذلك مع الفصائل داخل المدينة ومنهم فصيل :المجاهد بهجت أبو غربية وغيره. نجح الثوار في منع البريطانيين من دخول المدينة لمدة ثلاثة أيام ، فشعرت سلطة الاحتلال البريطاني بالحرج الشديد حيال عنف الثورة ، فلجأت إلى استخدام الحبال ليتسلق جنودها السور السليماني ، ولكنها فشلت ، فاستعاضت عن هذه الطريقة باستخدام الموجات البشرية ، وساقت مجموعةً من الفلسطينيين تحت تهديد السلاح لدخول المدينة ، حتى ينجحوا في دخول القدس ، ولما كانت أهداف الثورة أن لا يقتل العربي البريء بجريرة البريطاني الخبيث ، لهذا أضطر الثوار إلى التسليم بالأمر الواقع وخرجوا. الخلاف بين القائدين عارف وعبدا لرحيم : أسهم اشتداد التيار الثوري ، والرد التعسفي البريطاني ضد الثورة والثوار إلى حاجة الثوار للمال ، فقاموا بجباية الأموال ، وتعددت صلاحياتهم ، وانتشروا في مناطق مختلفة ، ونظراً لغياب السلطة الثورية ودورها المركزي ،وعدم وجود مجلس قيادة ثورة ودسائس العملاء وجواسيس الاحتلال والخلافات العائلية والعشائرية ، فقد صار كل ثائر يتصرف حسب اجتهاداته ، وتعددت الفصائل ، وقسمت فلسطين إلى مناطق يديرها أشخاص ، وتتبع إليهم عدد من القرى والمدن ، وضمت الفصائل الثورية أشخاصا ،وتراوح عد المنضوين للفصيل الواحد ما بين 25 ـ 200 شخصاً و ربما تزيد عن ذلك بحسب قوة وعناصر التأثير ، ويقوم قائد الفصيل بجمع الأموال والهبات والإعانات ، ويعقد المحاكم الشعبية ، ويعين قضاة الثورة ، لتسيير حياة الناس وحل خلافاتهم في ظل مقاطعة المحاكم البريطانية والتعامل مع الاحتلال. كان من بين قادة الفصائل الكبار، والذين برزوا كل من : القائد عارف عبدالرازق ، والقائد عبدالرحيم الحاج محمد ، اللذين تمتعا بتأييد شعبي ، وبوجود عدد من قادة الفصائل المنضوين تحت لوائهما ، كما كانا يتمتعان بتأييد شعبي واسع بين صفوف الثوار ، رغم أن الثائر عبد الرحيم كان أكثرهم تأثيراً من الآخرين ، كما حظي بدعم القادة السياسيون في اللجنة المركزية للجهاد في دمشق، وكان محبوبا من قبل الشعب أكثر من غيره ويشهد له بالصدق والأمانة والنزاهة والشرف. بعد مرور عامين من الثورة الفلسطينية المسلحة أخذ الحديث يتجه نحو ترتيب مهمات قادة الفصائل ، وتعيين مجلس قيادة ثورة ، ليدير دفة العمليات ، ويحدد الصلاحيات . أمام هذا المطلب ، والحديث عنه ، تحدث كتاب يهود ، ومعارضون عرب ، وآخرون من البريطانيين أن عارف وعبدالرحيم يتنافسان على قيادة الثورة ، وتنظيمها ، وتحركهما خلافات عائلية عصبية قديمة لكن عبدالرحيم سارع للإعلان في الصحف أن المطروح ليس خلافاً وأنه مجرد ترويج شائعات وسموم يثيرها الأعداء وفي هذا الصدد حدثنا : فيصل عارف عبدالرازق في مقابلة أجريت معه عام 1986 أن والده طلب تشكيل مجلس قيادة ثورة مع تحديد صلاحياته وتوزيعها بينما رد عبدالرحيم بالموافقة وتأجيلها وتم تأجيل وتحديد الوقت ، وكان محمد الصالح "أبو خالد واسطة الخير بينهما ، والذي أبلغ الجميع بالحضور إلى دير غسانة وعُقد اجتماع كبير للثوار في منتصف أيلول 1938 ، وفيه تقرر تنظيم مجلس قيادة ثورة وانتخب عارف لرأسته في الفترة الأولى ،بينما انتخب عبدالرحيم للفترة الثانية وأعطي كل منهما مهاماً وصلاحيات . لكنهم قرروا أن يكون هناك مجلس ثوري إلى جانب وجود قائد في الفترة الأولى وكان أعضاؤه عبدالرحيم الحاج محمد ويوسف أبو درة ،وحسن سلامة ، وعارف عبالرازق . ولكن الباحثين مصطفى كبها ونمر سرحان يتحدثان في كتابهم سجل الثوار أن عبدالرحيم الحاج محمد تم تعيينه قائدا عاما وأنه خطب في المجتمعين ،لكن الثوار بعد اجتماعهم الأخير فوجئوا بغارات الطائرات البريطانية والتي أدت إلى استشهاد أبو خالد ،واستشهاد عدد من الثوار وتلا ذلك قيام فخري عبدالهادي بقيادة خط المعارضة المؤيد للبريطانيين ، وصار رئيساً لعصابات السلام العميلة، التي أخذت تعتدي على السكان الآمنين في سيلة الحارثية وغيرها ، ودخلت في معركة سافرة ومكشوفة بحجة أنها تدافع عن قتلاها الأبرياء ؟!. نضال عارف في سوريا والعراق : آمن عارف إن النضال لا يتوقف أو ينحصر في فلسطين ، ولذا تعاون مع الثوار العراقيين والسوريين في سوريا ، ظنناً منه أن هناك حكومة عربية سورية ، فقد تصرف كما لو كان في فلسطين ، وما أن هم باجتياح الحدود السورية العراقية في 12/4/ 1939 عند قرية أفيق وإذا به يعتقل ومعه 12 ثائرا وينقل إلى سجن دمشق المركزي وما أن سمعت الجماهير السورية بخبر اعتقالهم حتى قامت بالاحتجاج والضغط وإرسال الغذاء للمساجين على اثر ذلك أرجع إلى تدمر ، وفي هذه الأثناء كانت عصابات السلام العميلة تزوّر وثائق بحجة أن هؤلاء الفارين متهمين بارتكاب أعمال إجرامية لكن السوريين نجحوا في تهريبهم من معتقلهم واستضافهم بشير الزعيم ونقلو إلى العراق وهناك استضافتهم جمعية الدفاع عن فلسطين ونادي المثنى برئاسة سعيد بك ثابت وهو واحد ممن شجعوا وأسهموا في إرسال فوزي القاوقجي إلى فلسطين في عام1936 وحينما حدثت ثورة رشيد عالي الكيلاني في مايس عام 1940ضد الاحتلال البريطاني شارك عارف ورفاقه وغيرهم من الثوار الفلسطينيون جنبا لجنب مع إخوانهم العراقيين ضد القصر الملكي . وكانت هناك معارك مشتركة خاضها عارف والقاوقجي على طول الحدود المشتركة بين الأردن والعراق وسوريا وأصيب فوزي بجروح اثر غارات جوية بريطانية واشتبك عارف عبدالرازق مع البريطانيين وأفقدهم تسعة جنود ووصلت المعارك حتى حلب وأمد ه الألمان بالذخيرة ولكن المعارك انتهت لأسباب مختلفة، وانتقل عارف إلى تركيا وقبض عليه ووضع رهن الإقامة الجبرية ووضع على باب بيته حارس تركي وتمكن بحيلة من الحيل مقابلة فون بابن السفير الألماني في تركيا ثم توجه إلى ألمانيا وبلغاريا ، وأقام في صوفيا هو وأخيه عبدالرؤوف ونتيجة لخلافات مع المفتي أساسها في فلسطين أوعز المفتي لحكومة ألمانيا بمنع عارف من القدوم غليها ولكن عارف نجح في دخول ألمانيا للتدريب ومعه صديقه حسن سلامة على أمل الرجوع إلى فلسطين ، لكن مرضه حال دون مواصلة أمنيته فرجع لبلغاريا وقبر في المقبرة التركية الإسلامية والذي كانت أمنيته أن ينقل جثمانه لفلسطين أو أي قطر عربي وأن يلف بالعلم الفلسطيني وأعلام الدول العربية. آراء ومواقف:كان عارف عبدالرازق مثقفا ويهتم بقراءة الصف يوميا وهكذا كان يشاهد في دار داود حسين شواهنة وفي بيت علي أسعد جابر في كفرثلث ،كذلك كان من الدهاة والمتنبهين وقد نجح الفرار عدة مرات من حصار وأطواق الانجليز وقد نسف حاكم طولكرم داره وهو المعروف لاحقا بسم اللورد كرادون الذي أصدر قرار 242. اتهم عارف بإعطاء أوامر لاغتيال حسن صدقي الدجاني بعد اجتماعه به في رأس كركر وخروجه من عنده مع العلم أن جميع الإشارات تشير لفصيل فارس العزوني التابع لعارف عبدالرازق وقد أنكر عارف قتله في جمع من الثوار. واتهم أيضا بسلسلة اغتيالات لشخصيات ونساء من حزب المعارضة وهاجمته بعض الصحف واعتبرت أن المتوكل على الله أي عارف وراء الاغتيالات ويمثل جناح المفتي الحاج أمين الحسيني المتطرف. يلاحظ من خلال مطاردة الانجليز له إعجاب بعض الضباط بهذا الثائر الذي تسابق فرسه الريح ولا يعرف كيف توارى في الجبال وغاب عن الأنظار. كان عارف يحرص على إصدار منشورات حول فعاليات الفصائل التابعة له ومما يجدر ذكره أنه امتلك الوعي والفهم لطبيعة الصراع مع الحركة الصهيونية وميز بين اليهود والحركة الصهيونية وقد أصدر منشورا ينبه لخطرها على اليهود وتغرير بريطانيا باليهود ،كذلك حاول صياغة لائحة داخلية وعمل فصيل مسلح ومنظم وفق دستور ثوري ولكن الزمن لم يمهله ،ورغم ذلك كانت الشائعات والدعايات والتي أطلقها فخري النشاشيبي ضد الثورة وضد عارف مصدر الشائعات القائلة بأنه باع أرض لليهود والتحق بالثورة وأنه أثرى على حساب الثورة وأنه وراء الاغتيالات التي أدت للاحتراب الداخلي في نهاية الثورة وقد وجد فيها الكتاب الصهاينة متنفسا لتشويه الثورة باستثناء قلائل منهم كانوا منصفين. كان شعار الثائر عارف حسب بطاقته في بغداد "لا عيد لمستعبد عيدنا يوم استقلالنا" الرحمة للثائر عارف ولشهداء الأمة العربية في كل مكان. مراجع البحث : أخذت من فيصل عارف ،وقارنها الباحث مع ما كتبه أكرم زعيتر في كتابه الحركة الوطنية الفلسطينية. ـ محمود أسعد الخطيب . فاطمة أبو دية ، وهي من المناضلات في فصيل زوجها محمد أبودية وتحت إمرة عارف عبدالرازق. ـ يحي سويدان. وابنه عبدالخالق . ـ بكر سلامة عزون ـ نشر هذا الموضوع في مجلة كنعان في عام 1994. الأخوان حافظ ومحفوظ عبدالمجيد علي الأحمد قائدي فصيل العراق والملك غازي ـ فصيل كفرالديك في جبل نابلس حافظ ومحفوظ أخوان ثائران الأول شجاع وجرئ و الثاني شجاع وعنيد ، قادتهما الغيرة والحماس الوطني للنضال ضد الاحتلال البريطاني ، لكن غيله وغدر الخونة وربما تقصير الحراس قادهما مكتوفي الايدي ومعصوبي العينين ، الى حبل المشنقة التي تحدوها كل التحدي . ميلادهما وحياتهما النضالية : ولد الثائران حافظ ومحفوظ ، في قرية كفرالديك ، الواقعة جنوب غرب مدينة نابلس ، وفي موقع جبلي مرتفع عما يجاوره ، من قرى ومواقع ، ومن ذلك الموقع يمكن مشاهدة السهل الساحلي الفلسطيني ، ورؤية الدوريات البريطانية ، وقوافله العسكرية فيما لو قدمت للقرية من بعد . ولد الثائران في أوائل القرن العشرين (1900) وعملا كفلاحِّين في الأرض ، التي ورثاها عن الآباء والأجداد في كفرالديك ، وعند قرية المجدل العربية ، حيث كانت حمولة علي الأحمد تمتلك ثلث الأرض القريبة من مجدل الصادق ـ يابا ) القريبة من نهر العوجا ، التي أقيمت بالقرب منها مستعمرة ملبس ومستعمرة رأس العين . أسهم وجود المشاعر الوطنية و المغامرة في نفسيهما ، وحب الوطن والحماس الوطني المتدفق بين جوانحهما في اندفاعهما وبحثهما عن قائد يحتضنهما في درب الثورة ، حيث كانا في سن الخامسة والثلاثين من عمرهما ، ومع سماعهما لإخبار الكفاح المسلح ، ونار الثورة التي أعلنت في قرى شمال الضفة الغربية ،راحا يبحثان عن عارف عبدالرازق أحد قادة الثورة كي يلتحقا معه ، أو التوجه إلى فارس العزوني ، ويقرر الأخوان التوجه سريعا ، إلى عارف في الجبال ، وقد توجها إلى قرية قراوة بني حسان ، التي اعتاد عارف وفارس الذهاب إليها . توجها إليها وهما يتقلدان سلاحا ، وعرضا على عارف الانضمام إلى الثورة سوياً ، فيعجب عارف بوطنيتهما واستعدادهما للتضحية ، ويأمرهما بالانضمام إلى " فصيل الموت " ويكلف فارس العزوني برعايتهما . لم يطل الوقت إذ قاما بتشكيل فصيل عسكري مستقل سمي فصيل العراق ، شأنهما في ذلك شأن قادة الفصائل الآخرين ، وكان عدد الملتحقين بفصيلهما حوالي (25) شخصاً منهم احمد عودة وعبدالرحيم عبدالعزيز عبدالله ، وكان غالبية أعضاء الفصيل من أقاربهما من كفرالديك وخارجها ، وبعض معارفهما في قرية بديا . دور فصيل الأخوين:حافظ ومحفوظ : أسهم الأخوين وعناصر فصيلهما في معارك عديدة ، حيث خاضوها سويةً مع الفصائل الأخرى المنضوية تحت إشراف القائد عارف عبدالرازق ، وقد كانت المستعمرات في السهل الساحلي وخط سكة الحديد مسرحاً لعملياتهما قام عارف عبدالرازق بإرسال الثوار وهم : حافظ ومحفوظ وصقر توبة إلى الطريق العام بين قلقيلية ـ كفرسابا ، حيث وصلت عارف أنباء تفيد أن مصفحة تمر من المكان يومياً ، فقرر إرسالهم إلى هذا المكان ، وقاموا بنصب حواجز حجرية واستحكموا وعندما وصلت المصفحة نزل من فيها لإزالة الحجارة فانقض عليهم الثوار في اليوم الثاني من حزيران سنة 1938 ، نجحوا في قتل من فيها وكان بها ثلاثة من الشرطة اليهودية وخمسة من الانجليز ، واستولى الثوار على الأسلحة وأشعلوا النار فيها (فيصل عارف عبدالرازق، عارف عبدالرازق ، ص 81 ). وقد قام فصيل كفرالديك و فصيل الزاوية بالهجوم على المحاجر اليهودية في 4/ 3/ 1939 بعد استشهاد أحد الثوار في كفرثلث في اليوم السابق ، وكذلك هاجموا حراس سكة الحديد عند مجدل صادق بناءً على أوامر قائدهم واشتبكوا مع الحرس لمدة ساعة (فيصل ص 193 و194 ) التقى الثوار ، وقادة الفصائل ، بامرة عارف عبدالرازق " ابوفيصل "، ورابطوا عند سكة الحديد الواصلة بين القدس وحيفا والمارة قرب قريتي المجدل (مجدل الصادق اومجدل يابا) رأس العين ،كما يطلق عليه وكفرقاسم وهناك نسفوا محطة القطار ، وتعرضوا لدورية بريطانية ، ويبالغ الناس ، أو يذكرون ذات الرواية ، التي ذكرت حول فارس العزوني فيقولون :ـ دخل حافظ ومحفوظ ، إلى قلب الدبابة ، وقتلا من فيها ، من الجند البريطاني ، وقيل إن العملية تمت في أوائل حزيران 1939 ، ومن قائل أن هذه العملية كانت هي ذات العملية التي قام بها فارس وفصيله وأنها كانت مشتركة بين الفصيلين ، وأن فصيل حمد زواتا شارك فيها. كذلك كان فصيل كفرالديك حاضراً في معركة تحرير القدس مع غيره من الفصائل ، وكان حافظ وفارس في طليعة الوحدات الثورية التي دخلت المدينة وهيأت لدخول باقي الثوار . نشبت معركة بين فصيل العراق والعدو الانجليزي قرب جين صافوط قتل خلالها جاويش وجرح اثنان من العدو . وهذا الفصيل هاجم القوة الإضافية اليهودية في مجدل الصادق ، فسقط فيها عدد من اليهود والانجليز ( زعيتر ص 546 ) الغدر بالثائرين وقرار إعدامهما : وبعد سلسلة من النضالات للثائرين ، فإن العملاء والجواسيس شرعوا بملاحقتهما للقبض عليهما . حدثني أبوعمر من سلفيت " يبدو انه كان هناك اتفاق ، وكانت القوات البريطانية مصممة على تصفية الثورة وشددت ملاحقة جميع الثوار ، قبيل الحرب العالمية الثانية ، ونشرت جواسيسها لجمع معلومات عن الثوار ، وأماكن تواجدهم وتحركاتهم ، وبلغ بهم أن يعرفوا أماكن تردد معظم قادة الفصائل ، ولذا اتفقوا مع عملاء لهم على عمل عزيمة ومأدبة عشاء في قرية بروقين لفصيل حافظ ومحفوظ ، ووضعوا في الطعام مواد منومة ، وبعد أن تناولوا الطعام نام قادة الفصيل وحراسهم . وانقَّض عليهم العملاء والجواسيس وكتفوهم وأخذوهم مشيا على الإقدام قرابة 10 كيلو مترات ، وكبلوهم بعد تجريدهم من أسلحتهم ، وأرسلوا في طلب الجيش البريطاني لاستلامهم ، ووضعوا في قبو بقرية سلفيت و لمدة 8 ساعات ، وفي صباح اليوم التالي جاءت نساؤهم تحمل أطفالهم وصغارهم ، وهن فارعات دارعات يحملن ذهبهن ويعرضن حليهن كي يقبلوا بإطلاق سراح الثوار وكنت صغيرا في العمر ولا زلت اذكر ورجون العملاء والجواسيس أن يفلتوهم مقابل ذهبهن وحليهن ، لكنهم رفضوا وسيقوا إلى السجن بعد قدوم القوات البريطانية " . انتظر الناس ساعة إعدام الثائرين بين شامت ومغموم .وقد آمن الثوار أن الشهادة فخر واعتزاز وحق وواجب ، إن لم يكن النصر فالشهادة ، وقرروا التحدي مضت أربعة عشر يوما في انتظار قرار الإعدام والذي نطق به المحتل ، ومع أن محامي الدفاع ، حاول منع قرار تنفيذ حكم الإعدام ، لأن بيت المصاب يشمل أخوين ، لكن الدوافع الإنسانية غابت عن هؤلاء المحتلين "، وعلى رأس هؤلاء كان رئيس السجن السير كرانت ، الذي أصر على تنفيذ قرار الإعدام . وأمام قضاة المحكمة وعلى مرأى ومشهد من جميع الحضور ، قضى قرار الإعدام أن يعدم محفوظ أولاً ، ولكن أخيه حافظ طلب من المحكمة أن يعدم وأخيه في نفس اللحظة ، لتكون وحدة حال ، ومصير مشترك في الحياة والممات فكان لهما ما أرادا من مطلب وقد جاء إعدامهما في يوم 28-7-1939،وشملت الإعدامات محفوظ، وفائق موسى محمد الصالح من كفل حارس ، وفرح قاسم حماد أحمد من كفرالديك وعمر علي عامر الملقب بطبنجة (سنيريا ) ،وحافظ علي عبدالمجيد المتهمين بإطلاق النار على حكومة الاحتلال البريطاني وحمل بنادق وذخيرة وهم أعضاء عصابة مسلحة هاجمت في أوائل حزيران دورية مؤلفة من أربعة جنود بريطانيين وثلاثة من أفراد البوليس اليهودي وقتلتهم " (5) . _______________________ 1)الرواة توفيق عبدالعزيز من كفر الديك وعمره 84 سنة وجرت المقابلة عام 1986، وهو أحد الذين رافقوا حافظ ومحفوظ . 2) رفعت أحمد عودة ابن الثائر أحمد عودة ، الذي حدثه والده عن الثورة والثوار 3) محمود اسعد خطيب كفرثلث مقابلات عام 1985. 4)" أمين موسى عرار مقابلات عام 1994. 5) شخص من سلفيت رفض ذكر اسمه (1994) . ويؤيد الراوي توفيق عبدالعزيز ما جاء به أبو عمر . 6) أكرم ،زعيتر : الحركة الوطنية الفلسطينية ، ص 603 .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل