المحتوى الرئيسى

أميركا تفتح أبواب الجحيم بالشرق الأوسط

02/15 18:49

الثورة الشعبية المصرية تنذر بمزيد من الثورات بالمنطقة (رويترز)تطرق الكاتب والمؤلف المعروف توم إنغلهاردت في مقال نشرته له موقع "آسيا تايمز" ومقره هونغ كونغ إلى عواقب سياسة المسؤولين الأميركيين الذين وصفهم بالمهووسين بالتفرد باتخاذ القرار بعد انتهاء الحرب الباردة، وإلى أثر ذلك على الشرق الأوسط، وجاء في مجمله: لم يكن لدينا الكثير مما نفعله ونحن نشاهد الأحداث الدراماتيكية تجري في الشرق الأوسط,, حيث باسم الحرب على "الإرهاب" دعمت واشنطن لسنوات عديدة معظم "الحكومات السفاحة" التي يساورها القلق خشية أن تكون التالية في الدور أمام صوت الثورات الشعبية الملتهبة المتلاحقة. وأما بشأن الثورة الشعبية المصرية فكان هناك في البداية الكثير من المناقشات التي تتسم بالرقة و"النفاق والرياء" في وسائل الإعلام بشأن تأثر المصالح والقيم الأميركية إثر النزاع الجاري في مصر, وكذلك بشأن المدى الذي على الولايات المتحدة أن تتراجع فيه عن دعم نظام الرئيس (المخلوع) حسني مبارك.كما جرت مناقشات بشأن "الحبل المشدود الذي كانت تسير عليه إدارة أوباما" حيث كانت تخشى الميل إلى أي من الجانبين، إلى "توبيخ وتقريع حلفائنا السابقين" أو إلى محاولة تشجيع حشود الثورة الملتهبة، وذلك الموقف غير الواضح وغير الحاسم كان يمثل الصفة التي اتسمت بها السياسات الخارجية الأميركية في العقود الأخيرة. "الإدارة الأميركية تفتقر إلى الرؤيا السديدة وتتصف بالعجز وتشعر بالذعر بشأن خسارتها الكبيرة المتمثلة في حليفها المصري أو حجر الزاوية في سياسة واشنطن الشرق أوسطية أو الخسارة التي شكلت صدمة كبيرة لواشنطن"الحليف المصريويضيف إنغلهاردت أنه مع سماع الصرخات الشعبية المنادية بالديمقراطية والحرية وهي تكتسح أرجاء الشرق الأوسط, فيلاحظ أن أجندة الديمقراطية التي كانت في حقبة جورج بوش، لم تعد موجودة الآن. وأوضح أن بوش استخدم أجندة الديمقراطية سيفا مصلتا من جانب واشنطن ضد الأنظمة التي تمقتها من جهة، ووسادة ناعمة لاحتمالات المستقبل بالنسبة للأنظمة التي تحبها. وانتقد الكاتب إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وقال إنه يعتبر من المحظور ارتكاب الأخطاء, مشيرا إلى افتقار الإدارة إلى الرؤيا السديدة وإلى عجزها وشعورها بالذعر بشأن خسارتها الكبيرة المتمثلة في حليفها المصري أو "حجر الزاوية في سياسة واشنطن الشرق أوسطية" أو الخسارة التي شكلت صدمة كبيرة للولايات المتحدة. ويرى أن الولايات المتحدة أخطأت عندما شعرت بالنشوة والقناعة والرضا وبأنها القوة العظمى الباقية إثر تفكك الاتحاد السوفياتي عام1991، موضحا أن الولايات المتحدة التي كانت تعتد بأنها المنتصرة في الحرب الباردة سرعان ما بدأت تهوي إلى جرف من الهاوية في الساحة العالمية، شأنها شأن القوة المهزومة في الحرب الباردة. ويضيف إنغلهاردت أنه لا يجب اعتبار عام 1991 تاريخا لنهاية الحرب الباردة كما فعل المؤرخون التقليديون، ولكن تاريخ انتهاء الحرب الباردة ربما يبدأ في الأيام الأولى من عام 2011 مع ضرورة اعتبار أحداث هذه اللحظات إشارة واضحة لاضمحلال القوة العظمى الوحيدة وزوالها عن سطح الكوكب.ويقول إن الثورات الشعبية بدأت تهز أركان الوضع الأميركي في الشرق الأوسط بالرغم من القوة العسكرية الهائلة التي تحتفظ بها وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) هناك، مضيفا أن إدارة أوباما تجد نفسها تقف بلا حول ولا قوة وسط فوضى عارمة في المنطقة. ويرى الكاتب أن ما يحدث الآن في الشرق الأوسط يشبه تماما مشهد انحدار تدهور قوة استعمارية عام 1989 عندما انهار جدار برلين, وحين أدهشت القوة الشعبية العالم أيضا, عندما اجتاحت الثورات الشعبية بسرعة البرق دول شرق أوروبا التي كانت تشكل دعائم وأركان الإمبراطورية السوفياتية العجوز حينئذ. ويضيف أن اللحظات والمشاعر الجياشة المفعمة عادة لا يمر بها المرء سوى مرة واحدة في حياته، مشيرا إلى أنه من العجيب أنها حدثت مرتين في عشرين عاما، أولاها عندما انهار الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي، وثانيها وهي ليست أقل أهمية من سابقتها, وهي مزلزلة وغير مسبوقة ولا تحتمل من الولايات المتحدة أي خطأ، وتتمثل في الثورات الشعبية في الشرق الأوسط ، والتي قد تفضي إلى انهيار نفوذ القوة العظمى الأميركية نفسها. "مما يثير الإعجاب في انهيار الاتحاد السوفياتي قرار زعيمه المميز آنذاك ميخائيل غورباتشوف بعدم استدعاء الجيش الأحمر من ثكناته، وهو خيار شجاع ينم عن ضمير حي بالسماح بانهيار الإمبراطورية بدلا من استخدام العنف"الجيش الأحمرومن بين النواحي المثيرة للإعجاب في انهيار الاتحاد السوفياتي قرار زعيمه المميز آنذاك ميخائيل غورباتشوف بعدم استدعاء الجيش الأحمر من ثكناته كما فعل الزعماء السوفيات السابقون في ألمانيا الشرقية عام 1953, وفي المجر عام 1956 وبراغ عام 1968، حيث كان خيار غورباتشوف الشجاع ينم عن ضمير حي بالسماح بانهيار الإمبراطورية بدلا من استخدام العنف، في محاولة لوقف واعتراض مجرى الأحداث، وكان خياره قرارا تاريخيا أقرب ما يكون بقرار فذ لا نظير له.وربما الذي جعل الولايات المتحدة الطرف الأغنى والأقوى من طرفي الحرب الباردة شيئا لم يمتلكه الاتحاد السوفياتي على الإطلاق وهو "الساحة البعيدة" لكن جزءا من ساحة الولايات المتحدة البعيدة بدأت تهتز أركانه من الجذور في ظل المستنقع الأفغاني والثورات الشعبية الكارثية في الشرق الأوسط. كما أشار إنغلهاردت إلى أن السعودية ومصر يعتبران حليفا بالشرق الأوسط منذ أمد بعيد, وأن معهما إسرائيل "فظة السلوك" والأردن "الصغير الحجم" وأشار إلى استقرار المنطقة بعهد شاه إيران والفوضى التي تشهدها باكستان. وقال إن الولايات المتحدة عاجزة عن التدخل العسكري في مصر عبر إرسال قوات مظليين إلى قناة السويس كما حاولت القوتان الاستعماريتان "البائدتان" بريطانيا وفرنسا أن تفعلاه عام 1956, فهذا لن يحدث إطلاقا, فواشنطن مستنزفة بدرجة كبيرة جراء سنوات من الحروب وجراء الأحوال الاقتصادية العصيبة، متسائلا عمن أضاع الشرق الأوسط سوى الغطرسة الأميركية وتفردها بالقرار؟ويرى الكاتب أن تفرد الولايات المتحدة بالقرار واستخدامها القوة العسكرية كما في حالة الحربين على العراق وأفغانستان، كان له نتائجه الوخيمة في ظهور الثورات الشعبية بالمنطقة كما في تونس ومصر، وكما هو محتمل في أماكن أخرى من باكستان حتى شمال أفريقيا.كما أشار إلى أن إدارة الرئيس السابق جورج بوش كانت انتهجت سياسة دعم بعض "الأنظمة السفاحة" بذريعة تعهد تلك الأنظمة بمحاربة تنظيم القاعدة, حيث أغدقت واشنطن مليارات الدولارات على الجيش المصري المزود بالمعدات الأميركية والذي يتلقى ضباطه التدريب بأميركا, مضيفا أن مسؤولي إدارة بوش كانوا يشعرون بالسعادة وهم يصنفون نظام الرئيس (المخلوع) حسني مبارك على أنه من أنصار "الحرب على الإرهاب" وأن نظام مبارك يستخدم السجون والمعتقلات أماكن لتعذيب المشتبه فيهم "بالإرهاب" الذين يتم اعتقالهم من الشوارع من أي مكان. الولايات المتحدة في عهد بوش زجت بالمنطقة من شمال أفريقيا إلى تخوم الصين و"بالشرق الأوسط الكبير" في أتون ما يسمى "الحرب على الإرهاب", ومسؤولو إدارة بوش كانوا يؤكدون قدرة القوة العسكرية الأميركية على تحقيق الإنجازات، وهم أطلقوا على تلك القوة وصفا مفاجئا وهو "الصدمة والترويع" ومن ثم استخدموها لخلق جرح في قلب الشرق الأوسط من خلال غزوهم للعراق، ولكن مئات الآلاف من العراقيين من المدنيين والمسلحين "المتمردين" ثارت حفيظتهم وثار سخطهم إزاء الغزو والاحتلال الأميركي فقاوموه رغم الحال التي عليها العراق. "ما يجري في الشرق الأوسط الكبير وفي بعض الأماكن الأخرى في العالم يشبه فتح أبواب الجحيمإلى حد كبير"كما جلست إدارة بوش مكتوفة اليدين في وقت استولت فيه إسرائيل على أراضي الفلسطينيين عبر سياساتها الاستيطانية, وورطت واشنطن نفسها في مأزق بجنوب لبنان عندما شنت إسرائيل بدعم وتسليح أميركي حربها على لبنان صيف عام 2006, فضلا عن مأزق أصغر ناتج عن الدمار الكلي الذي لحق بغزة إثر الحرب الإسرائيلية على القطاع 2009 , وأما الشرق الأوسط الكبير من لبنان وحتى باكستان فقد تزعزع استقراره وتحول إلى التطرف. كما أشار إنغلهاردت إلى الدور الأميركي في التفرد بالقرار، وتداعيات ذلك المتمثلة بالأزمة المالية العالمية عام 2008, وفي ترك الحبل على الغارب لكافة أنواع الفوضى والدمار الاقتصادي العالمي، مما أسفر عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود، وحيث بات الناس في وضع شديد التفجر بحيث لم يفاجأ أحد حينما أشعلت الثورة الشعبية التونسية اللهيب، والتي يبدو أنها ستصبح ظاهرة شرق أوسطية، حيث توجد ظروف مشابهة لحركات القوة الشعبية في أماكن أخرى بالمنطقة. أبواب الجحيموأشار الكاتب إلى وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في سبتمبر/ أيلول 2004 للوضع بالعراق بعد الغزو الأميركي، والمتمثل في قول موسى إنه "فتحت أبواب الجحيم في العراق". وأضاف الكاتب أن تلك لم تكن استعارة مجازية، بل يمكن اعتبارها وصفا واقعيا لما جرى ليس في العراق فحسب, ولكن لما يجري في الشرق الأوسط الكبير، وفي بعض الأماكن الأخرى في العالم. كما أضاف أن أبواب الجحيم ما زالت مفتوحة في المنطقة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل