د. أيمن نور في أول حوار مع صحيفة قومية :سأخوض انتخابات الرئاسة المقبلة.. وشبعت من الانتخابات المزورة!!
ربما يكون ظهوره علي صفحات احدي الصحف القومية، هو احد دلائل الثورة التي شهدتها مصر، فاسمه وصورته لم يظهرا خلال السنوات الاخيرة في الصحف القومية، الا في اطار الهجوم والانتقاد .. لكنه اليوم يحل ضيفا علي صفحات "الأخبار"، واحدا من أهم السياسيين علي الساحة حاليا، من حقه ان يطرح وجهة نظره فيما شهدته مصر، وان يدلي بدلوه في تصور مستقبلها .. إنه الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد .. والنائب السابق، والمرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة المقبلة، وصاحب المركز الثاني في انتخابات الرئاسة الماضية، وقبل كل ذلك هو واحد من السياسيين الذين يمتلكون رأيا ورؤية .. تتفق او تختلف معها لكن لا تملك سوي الانصات اليه.< بداية .. كيف تنظر الي ما شهدته مصر منذ 25 يناير وحتي الان؟- أولا ما حدث في مصر لم يكن وضعا انفعاليا يتصل بالوضع السياسي في مصر، ولكنها كانت ثورة بالمعني العلمي والحرفي للكلمة، فهي تغيير حقيقي للمجتمع، واول مظاهر هذا التغيير الكبير هو ما تشهده الصحف القومية، وهي الصحف المملوكة للشعب، واشعر انها قد عادت بالفعل الي الشعب، وليست مملوكة للسلطة او السلطان.ما حدث في مصر كان ميلادا جديدا لأمة عمرها سبعة الاف عام، ورغم هذا التاريخ لكنها عادت أمة شابة وفتية من جديد، ومنذ شهور وأنا اقول إن مصر حبلي في الشهر الثامن في اليوم التاسع والعشرين، في الدقيقة التاسعة والخمسين، وكنا جميعا في انتظار تلك الدقيقة التي تعلن الميلاد الجديد، وقد جاء هذا الميلاد يوم 25 يناير، لتنفجر ثورة شعبية لأمة أرادت أن تغير كل شئ بداية من الرئيس الي نظام سياسي غير عادل، لم يكن يؤدي الا الي مزيد من التدهور، فمصر تعيش منذ سنوات ازمة حقيقية، وقد حاولنا الخروج من هذا المأزق عبر السبل الديمقراطية، من خلال صندوق الانتخابات، لكن هذا الصندوق أغلق في وجوهنا، وفوجئنا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة بنمط غير مسبوق من الانتخابات، فالتصويت والفرز يتمان بشفافية، ثم تخرج نتيجة نهائية أخري تخالف الحقيقة، وهذا نمط غير مألوف من التزوير، وبالتالي ماذا تفعل أمة تريد التغيير، وفشلت في احداثه عبر الآليات الديمقراطية، فلم يكن امامنا الا ان نتنسم عبير الحرية علي الطريقة التونسية، وهي ان يخرج الشعب ليسترد حقوقه، وبالفعل بدأ التحرك في 25 يناير، وظهرت النتيجة يوم 11 فبراير بتنحي الرئيس مبارك.< كيف تري المشهد بعد تحقيق الثورة لأهدافها، هل نحن أمام ربيع ديمقراطي أم ازاء حكم عسكري ممتد؟- نحن فقط أمام ثورة، وهذه الثورة استقدمت جهة تحظي بثقة الناس والثورة، وهي الجيش، وهي ثقة مجربة، فالجيش موجود في الشارع منذ 28 يناير، وكل رجاله يتعاملون مع الجميع بمنتهي التحضر، وبالتالي فالشعب هو الذي استقدم الجيش لتنفيذ أهداف الثورة، وبالتالي فنحن لسنا أمام انقلاب عسكري، ولا احد يتصور اننا مقبلون علي حكم عسكري، وحتي المجلس الاعلي للقوات المسلحة يعي هذا البعد جيدا، فقد اعلن أنه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب، وأنه لا يطرح نفسه كشرعية، وانما هو جهة تنفذ ما طلبته الثورة، وبالتالي يجب أن يكون هذا التنفيذ أمينا ودقيقا ومتسقا مع ما يتمناه الناس، وأنا اعتقد أن القوات المسلحة ستسعي الي ان تكون في هذا الاتجاه، كما كانت في جانب الشعب، وليس في جانب السلطة والسلطان.. ونجحت في هذا الاختبار، مثلما نجحت في اختبارات أخري سابقة.. واعتقد أن الوضع السياسي في مصر والعالم، يتصور اننا مقبلون علي حكم عسكري، فهذا ليس زمن الحكم العسكري، وتجربة 1952 مختلفة تماما، لأن ما تم في 25 يناير 2011 هو ان الشعب قاد التغيير، والجيش هو الذي يحمي الثورة، وهو عكس ما تم في 23 يوليو 1952 عندما قاد الجيش التغيير، ودعم الشعب الثوار.< هل معني ذلك اننا أمام تجربة مشابهة للنموذج التركي، وهو ان الجيش يكون ضامنا للتحول الديمقراطي ومكتسبات الثورة ؟- لا أعتقد أن "تتريك" الموقف في مصلحة الجيش المصري، او في مصلحة التحول الديمقراطي الذي نبتغيه، فلدينا جيش مهمته ان يحمي الوطن والدستور، ولدينا شعب مهمته ان يحمي نفسه بنفسه،واتصور ان دور الجيش في المرحلة المقبلة أن يدير الأمور والحكمة والحيدة المطلوبة، وصولا الي حكم الشعب لنفسه وبنفسه.ولابد أن نعترف - وهذا الحديث لأول مرة أقوله - أننا لدينا اشكاليات في نقل السلطة، فلا يوجد في الدستور آليات للإنتقال السلمي والسلس للسلطة، ولا ما يلزم لإجبار رئيس الجمهورية اذا ما هزم في الانتخابات علي تسليم السلطة للفائز بإرادة الشعب، فهناك فجوة بين نصوص الدستور وبين الواقع، فالدستور مثلا لا ينص علي أن الحزب الذي يفوز بأغلبية مقاعد البرلمان يشكل الحكومة، وانما من حق رئيس الجمهورية ان يكلف من يريد، واذا اعترض البرلمان من حقه ان يحل البرلمان، فالرئيس له 36 صلاحية في الدستور، ولا توجد نصوص تلزمه بالاعتراف بنتائج الانتخابات، وبالتالي هناك تكريس لسلطة وحكم الفرد.. فالمشكلة الحقيقية هي ان الدستور الحالي وضع في عهد "الحاكم الفرد الفرعون"..وعلينا ان نتجاوز تراكمات الاخطاء والثغرات التي تعتري الدستور المصري، صحيح أننا لسنا في الوضع الأفضل، لكننا ايضا لسنا في الوضع الأسوأ، فالجهة التي تقوم علي ادارة شئون البلاد تقول انها لا تريد الحكم، وبالتالي علينا ان نعالج تراكمات الاخطاء السابقة خلال المرحلة الانتقالية، من اجل الوصول الي دولة مدنية حقيقية ذات مرجعية مدنية،تعترف بحقوق المواطنة وحقوق الانسان.دستور جديد< هل معني ذلك أنك تؤيد وضع دستور جديد للبلاد، وليس تعديل نصوص بعض مواد الدستور الحالي ؟- دستور 1971 انتهي، ولا حديث في ظل الوضع الراهن عن هذا الدستور، فالقبول بالمجلس العسكري يعني تعطيل الدستور، والكلام عن "ترقيع"الدستور كلام خطر جدا ولم يعد مقبولا، فاللجنة التي شكلها مبارك، صارت متأخرة للغاية، وعملية تعديل بعض الصياغات مسألة تجاوزها الزمن، فنحن أمام مرحلة لابد ان تغلق ملف دستور 1971 الذي اعلنت وفاته وتم دفنه يوم 25 يناير.. ونحن بحاجة الي انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد.< هل انهت ثورة 25 يناير شرعية ووجود الأحزاب السياسية في الشارع؟- احزاب المعارضة الحقيقية التي لها وجود في الشارع كانت ممثلة في ثورة 25 يناير، وانا هنا لا اتحدث عن الاحزاب الكرتونية التي لا تحظي بأي وجود شعبي ولا يعرف الناس اسماء قياداتها بل ان بعض قياداتها "مخبرين لجهات أمنية" وكانوا يدافعون عن النظام اكثر من النظام نفسه، وانما اتحدث عن احزاب لها انصارها وقواعدها، رغم ما عانته من قيود علي تحركاتها ومقارها مثل الوفد والغد والجبهة، والكرامة والوسط والشيوعي المصري، ولكن علي هذه الاحزاب ان تستفيد من الدماء الجديدة التي ضختها الحركة الشبابية في العمل السياسي.. فالاحزاب الحقيقية لم تتخلف عن اداء دورها، فأنا شخصيا واجهت الرئيس حسني مبارك عندما كان في أوج قوته عام 2004، عندما كان يعامل ك"نصف إله" في مصر وفي العالم، ولا يجوز انتقاده، وتحديته ان ينشر اقرار ذمته المالية، ودفعت ذلك من عمري 4 سنوات في السجن.. ومورس ضدي تعذيب بدني ونفسي لا يحتمل، وتم احراق مكتبي ومكتب والدي والمجمع الثقافي الذي أنشأته في باب الشعرية، وخرجت من السجن ممنوعا من العمل بمهنتي الاساسية وهي المحاماة، ومن التصرف في اموالي أو بيع ممتلكاتي، بل ان الاعلام الحكومي ووزير الاعلام أنس الفقي قتل أبي من خلال نشر خبر كاذب عن اتهامي في قضية رشوة، فأصيب والدي بأزمة قلبية توفي علي اثرها بعد أيام.. ومورس ضدي اغتيال معنوي علي مدي 6 سنوات.. وثورة 25 يناير كانت ثمرة كفاح لسنوات، صحيح ان طليعتها كانوا من الشباب، ولكن شارك فيها الشعب كله بمواطنيه وسياسييه، وبذلنا علي مدي سنوات الكثير من الجهد من اجل الحفاظ علي وعي الشعب ضد محاولات التزييف.< وكيف تنظر الي الاتهامات الموجهة اليك بأنك تستقوي بالخارج؟- هذا جزء من الاغتيال المعنوي الذي تحدثت عنه، وأقسم بالله، وبحياة اولادي، وبما عانيته من شدة طوال السنوات الماضية، أني لم تكن لي علاقة لا بالامريكان ولا بغيرهم، ولم اتقاض مليما من أية جهة أجنبية سواء داخل مصر او خارجها، وكل علاقتي بمن يقال انني استقوي بهم، هي انهم دافعوا عني وانا في السجن، ولم اكن اعرفهم، ولم أهتم بمعرفتهم بعد خروجي من السجن، وقد عرض علي من قبل اللجوء السياسي لأكثر من دولة، لكنني رفضت، وأصررت علي البقاء في مصر حتي لو سجنت، بل ان هناك بعض المصريين في لندن اتصلوا بي قبل الحكم عليّ، وابلغوني بأنهم علي استعداد لتهريبي من مصر، لكنني رفضت حتي لا يقال انني هربت من المعركة، وواصلت العمل السياسي حتي من داخل السجن، علي الرغم من كل عمليات التعذيب والاستهداف التي عانيتها في السجن .حزب غد واحد< وماذا عن المشكلات القانونية التي يواجهها حزب الغد، وانقسامه الي حزبين؟- لا يوجد سوي حزب غد واحد علي ارض الواقع، وهو ما أمثله، وكانت المشكلات السابقة مجرد أشياء في رأس صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري ورئيس لجنة الاحزاب، أو لدي أجهزة أمنية تصورت أنه من الممكن القضاء علي حزب الغد وتقسيمه، فلا وجود لحزبين للغد الا علي صفحات جرائد حكومية، بينما الشارع لا يعرف سوي حزب الغد الذي أرأسه.< سؤال مباشر .. هل ستترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟- إن شاء الله .. وقد اختارني حزب الغد في 14 فبراير 2010 مرشحا له في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهذا القرار مايزال ساريا، وسنراجعه مع هيئة الحزب وانصاره، والاتجاه الغالب هو أنني سأخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، اذا ما توافرت شروط النزاهة، فقد شبعت انتخابات مزورة .. ولدي أمل كبير في ان نزاهة الانتخابات ستتحقق .وماذا عن القيود القانونية التي تعانيها بالنسبة لحريتك في العمل السياسي بسبب ادانتك قضائيا في جريمة تزوير توكيلات الحزب؟- التاريخ تغير ..واذا ما أثير الحديث في هذا الامر بعد ما شهدته مصر في الايام الاخيرة، فان ذلك سيكون من قبيل "الكلام البايخ" .. نحن لدينا حلول قانونية دائما، ولكنني اطالب المجلس الاعلي للقوات المسلحة أن يصفي مثل هذه الجرائم الصغيرة، بعد ان ننتهي من الجرائم الكبيرة، فهذه حقوق الناس، ونحن في انتظار رد حقوقنا .. وأنا شخصيا في انتظار استعادة حقي .. رغم أنني ادعو مصر كلها الي ان نطوي صفحة مبارك التي انتهت، وان نبدأ مرحلة جديدة نعني فيها بالتنمية وتوفير فرص عمل واستثمار طاقات الشباب العظيمة في بناء مصر، فأحد أهم نتائج الثورة ليس فقط اسقاط حسني مبارك، ولكن الأهم هو اعادة اكتشاف الشعب المصري لقدراته.. فالشباب الذين نجحوا في ميدان التحرير لابد أن ينجحوا في كل ميادين الحياة .. ومصر لا أمل لها الا في هذا الجيل الذي ذاق طعم الحرية والنجاح.< هل يمكن أن تقدم المعارضة مرشحا واحدا في انتخابات الرئاسة المقبلة؟- من الصعب التكهن حاليا بتلك الخطوة، لكن الاهم أن نمنح الناس القدرة علي الاختيار، واذا رأت القوي السياسية الاتفاق علي مرشح واحد، فأنا أول الموافقين .
Comments